توقيت القاهرة المحلي 08:52:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغاضبون... شىء ما لا يعجبهم

  مصر اليوم -

الغاضبون شىء ما لا يعجبهم

بقلم : مي عزام

حين قررت «نورا» فى مسرحية «بيت الدمية» لهنريك إبسن أن تترك بيت زوجها الآمن لتخرج إلى المجهول، ما الذى دفعها لذلك؟

فى آخر مشهد من فيلم «سواق الأتوبيس» للمخرج عاطف الطيب حين قرر السائق «حسن» الترجل عن الأتوبيس الذى يقوده ومطاردة السارق والإمساك به، معرضا نفسه للخطر، فيما كان يفكر؟

القاتل المحترف «جون ويك»، فى سلسلة الأفلام التى تحمل اسمه، قرر الانتقام من ابن زعيم المافيا الروسية، رغم معرفته أنه بذلك يضع يده فى فم الأفعى، ولم يتراجع فلماذا؟

الغضب، هو المحرك لسلوك الثلاثة نماذج السابقة، الغضب شعور يكتسح العقل، فيندفع الفرد تحت تأثيره إلى مسار آخر لم يخطط له، نتيجة تعرضه لموقف لم يعجبه ولم يتقبله ولم يستطع تحمله، أسباب الغضب قد تكون شخصية أو جماعية، فهناك من يغضب للقيم والأخلاق والمصلحة العامة، وهناك من يغضب لأنك زاحمته على مكان انتظار السيارة، كما أن رد فعل الغاضب يختلف من شخص لآخر، «نورا» غضبت لكرامتها وتمردت على صورتها التى انطبعت فى عقل زوجها عنها كدمية هشة غير مسؤولة، فقررت أن تبتعد بحثا عن ذاتها، السائق «حسن» تجربته مع محاولة استرجاع ورشة أبيه جعلته يكتشف أنه وأمثاله من الذين حاربوا دفاعا عن الوطن تعرضوا لسرقة أحلامهم وأمانيهم المشروعة، من قبل طفيليين تسلقوا على أجسادهم النحيلة من الهموم، فقرر التصدى لكل سارق والتخلى عن سلبيته، التجربة صقلت مفاهيمه وحددت موقفه من العالم، أما «جون ويك» فهو يريد الانتقام من الذى سرق سيارته وقتل كلب زوجته المتوفاة، انتقام شخصى يليق بقاتل محترف ولا شىء أكثر من ذلك.

(2)

الغضب، شعور غريزى يتولد حين يشعر الكائن أنه تعرض لخطر نتيجة موقف فيه تعد عليه وانتقاص منه. الغضب لأسباب مشروعة ومستحقة، إيجابى، أما الغضب بسبب استعلاء أو رغبة فى الاستحواذ الشخصى دون وجه حق فهو سلبى، وكلما كان هناك توازن بين حجم الغضب والفعل الذى سببه، كان قريبا من الرشاد وكلما تجاوزه كان ضربا من الجنون، وصدق رسول الله حين قال: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب.

(3)

ما تحدثت عنه كمواقف فردية يمتد إلى المجتمعات، الثورات نوع من الغضب الجمعى الإيجابى، حيث تخرج الجموع مطالبة بتغييرات جذرية لصالح المجتمع كله، وهناك مظاهرات غاضبة لها أهداف محددة سلفا، مثل مظاهرات أصحاب السترات الصفراء فى فرنسا، وهونج كونج ومظاهرات موسكو الأخيرة، ويمكن أن يقتصر الغضب على وسائل التواصل الاجتماعى، مثلما حدث مؤخرا حين انتشر هاشتاج #علماء_مصر_غاضبون، وهو غضب فئوى، وبغض النظر عن تفاصيل الأمر، فالتعبير عن الغضب ليس جريمة، طالما أن الغضبة تطالب بحق مشروع، وحجم الغضب لم يتجاوز حدود الرشاد. وأنا أعتقد أن هناك فئات أخرى كثيرة فى المجتمع المصرى غاضبة، لكنها لا تعبر عن غضبها لأنها يائسة من إمكانية التغيير بالتعبير.

(4)

أجد بعض العذر للنظام والحكومة، من موقفهما المتشدد تجاه المظاهرات التى يمكن أن ينفس فيها المتظاهرون عن غضبهم بطرق سلمية، تحسبا لتحولها إلى فوضى يندس فيها مخربون والبلد ما زال فى حرب ضد الإرهاب، لكن لا أجد لأيهما عذرا فى المماطلة فى بدء حوار مجتمعى موسع مع كل فئات المجتمع المصرى لمعرفة مختلف الآراء وأسباب غضب البعض وعدم رضاهم. الاستماع إلى مؤيدى النظام وحوارييه فقط يصيب المجتمع بالجمود، الحوار بين وجهات نظر متعددة ثراء تتضاعف فيه الأفكار المطروحة والمقترحات الخاصة بتحقيق المطلوب بأفضل الوسائل، وفى نفس الوقت تحقيق أكبر درجات الاستقرار عن طريق توسيع المشاركة وتحقيق الرضاء العام. التأخر عن تحقيق إنجازات ملموسة تسعى إليها الحكومة أقل ضررا من تجاهل الغضب المكبوت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغاضبون شىء ما لا يعجبهم الغاضبون شىء ما لا يعجبهم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon