توقيت القاهرة المحلي 09:00:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وصف العميان.. الحقيقة الناقصة

  مصر اليوم -

وصف العميان الحقيقة الناقصة

بقلم : مي عزام

(1)

هناك حكاية هندية قديمة تروى عن أن ستة عميان عرفوا أن فيلاً ضخما سوف يؤتى به إلى بلدتهم بمناسبة الاحتفال السنوى، فذهبوا إلى الحاكم وطلبوا منه أن يسمح لهم بلمس الفيل، فهم دائماً ما يسمعون عن الفيل وضخامته لكنهم لم يتصورا شكله قط. لم يمانع الحاكم لكن وضع شرطا واحدا، أن يصف كل منهم الفيل فى جملة واحدة. وفى يوم الاحتفال وبحضور أهل البلدة أحاط الستة رجال بالفيل وبدأ كل واحد فيهم بلمسه، وبعدما انتهوا من معاينة الفيل قام كل واحد بوصف الفيل، وصف الأول الفيل قائلا: الفيل أقرب ما يكون إلى الحبل، فعلق الثانى متعجباً: أين الفيل؟ وأين الحبل؟ بل هو مثل الحائط تماماً، ضحك الثالث، وقال: ما هذه السخافة؟ حبل وحائط، الفيل ليس إلا خنجرا كبيرًا، فقال الرابع متهكماً: ما تقولونه هراء وما يقوله الناس عن ضخامة الفيل هراء أيضاً، فقد كنت أشتاق لمعرفة الفيل، وصدمت حينما وجدته مجرد ثعبان بدين غير سام، فسخر الخامس من وصف سابقيه، وقال: الفيل مروحة يدوية مصنوعة من الجلد، أما السادس فقال مقهقهاً: يا للهول هل بكم مس شيطانى؟! يبدو أنكم لمستم شيئا آخر غير الفيل، فالفيل ما هو إلا جذع شجرة.

أثناء وصف كل شخص من الستة للفيل، كان كل من فى المكان يقهقه بصوت عال ساخراً من الأوصاف العجيبة للفيل إلا الحاكم فقد كان يسمع بإصغاء كامل ووقار شديد وبعد أن انتهى الستة من وصفهم للفيل، وقف الحاكم وأشار لجموع الحاضرين بأن يكفوا عن الضحك، وبعد أن هدأوا جميعا قال الحاكم موجهاً كلامه للجميع: لماذا تسخرون من العميان الستة؟ كلهم صادق فى وصفه للجزء الذى لمسه من الفيل، الأول قال إن الفيل يشبه الحبل لأنه لمس الذيل فقط، والثانى قال إن الفيل كالحائط، لأنه لمس الجسم فقط، والثالث قال إن الفيل كالخنجر لأنه لمس الناب، والرابع قال إن الفيل كالثعبان؛ لأنه لمس الخرطوم، والخامس قال إن الفيل يشبه المروحة؛ لأنه لمس إحدى الأذنين، والأخير قال إن الفيل كجذع الشجرة لأنه لمس الساق. بذلك فقد أصاب كل شخص من الستة جزءًا من الحقيقة والخطأ الوحيد الذى ارتكبوه هو أنهم لم يتريثوا ليعرفوا الحقيقة كاملة، ونحن أيضاً بلا استثناء نقع فى هذا الخطأ كثيراً، نتحدث عن جزء من الحقيقة ونعتقد أن هذا الجزء هو الحقيقة كاملة، فنتمسك به، ونتعصب من أجله، نهاجم من يعارضه، ونحارب الآراء الأخرى، وذلك ببساطة، لأننا لم نحِط بالحقيقة من جميع جوانبها.

(2)

العميان الذين يحاولون أن يصفوا فيلا، ظاهرة تتكرر فى كثير من مجتمعات المبصرين التى تتصارع من أجل وجهة نظرها على اعتبار أنها الحقيقة المطلقة، مفتقدة الرؤية الكاملة وشغف الوصول للحقيقة بغض النظر عن انحيازاتها السابقة.

وهذا يحدث فى مصر، النظام يروّج لرؤيته للإصلاح الاقتصادى والمجتمعى ومحاربة الإرهاب، والتى يجدها خبراء مخالفة لرؤيتهم، كل طرف يروّج لرؤيته على اعتبار أنها الحقيقة الكاملة والوحيدة، غير مدرك لقصوره أو مستوعب أن الصورة الكاملة محصلة رؤى متعددة، وأن هذا ليس تقليلًا من صدق رؤية أى طرف ولكنه استكمال لها.

(3)

أخطر ما يواجه مصر هو الرؤية الناقصة، نتابع ذلك فى الخلاف بين أولياء الأمور ووزير التعليم، والصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام، ورجال الأعمال ومؤسسات الدولة التى تنافسهم.

كل مجموعة تروّج للجزء الذى لمسته من الفيل، على اعتبار أنه الوصف الكامل له، وهذا وضع خطر ومعوق لأى مجتمع.

السؤال الذى يشغلنى: كيف يمكن توجيه المجتمع نحو إدراك الصورة الكاملة؟ والتى تتحقق بالشفافية وحرية تعبير والصدق والإخلاص، وماهى الجهة التى يمكن أن تقوم بذلك؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وصف العميان الحقيقة الناقصة وصف العميان الحقيقة الناقصة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon