توقيت القاهرة المحلي 09:00:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تمدد المشروع الإيرانى.. وغياب المشروع العربى

  مصر اليوم -

تمدد المشروع الإيرانى وغياب المشروع العربى

بقلم : مي عزام

(1)

صرح الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى بأن لدى إيران 13 سيناريو للرد على اغتيال قاسم سليمانى، وأن الثأر من الولايات المتحدة الأمريكية سيكون كابوسا لأمريكا. هذا التصريح واحد من ضمن سيل التصريحات التي خرجت من طهران وتعد جزءا من الحرب النفسية التي يستخدمها الإيرانيون بمهارة في مقابل التصريحات الأمريكية المهددة لهم، وهو ما جعل العالم يحبس أنفاسه تحسبًا للضربة الإيرانية ويتساءل عن المكان والزمان ورد الفعل الأمريكى، وإلى أي مدى سيشعل الصراع الأمريكى- الإيرانى النيران ويؤذى مصالح دول وحياة شعوب.

(2)

تمدد النفوذ الإيرانى في عدة دول عربية، جاء نتاجا طبيعيا لغياب المشروع العربى. «القومية العربية» كانت مشروعًا تزعمه عبدالناصر في القرن الماضى، حاربته أنظمة عربية رجعية، لكن أول إخفاق حقيقى له كان هزيمة 67. لم يتطور المشروع ليسمح باستيعاب أنظمة الحكم المختلفة في الوطن العربى وتغليب المصالح المشتركة على الأيديولوجيا، ولذا توالت خسائره باتفاقية كامب ديفيد، وعزلة مصر عن محيطها العربى وتراجع مكانتها الإقليمية، احتلال العراق للكويت، استدعاء قوات أجنبية لتحرير الكويت وأخيرا الصمت العربى أمام الغزو الأمريكى للعراق. العرب تركوا مواقعهم طواعية وكان عليهم أن يتوقعوا أنه سيأتى من يملأ الفراغ سريعًا وهو ما حدث.

(3)

إيران أكثر الدول استفادة من غزو صدام حسين للكويت، وتوالى النوائب على العراق انتهاء بتدمير القوات الأمريكية مؤسسات الدولة وتسريح الجيش الوطنى العراقى. في السنوات الأخيرة من القرن العشرين وضع الجنرال قاسم سليمانى قائد، فيلق القدس، (تأمل اختيار الاسم الذي يحمل قيمة خاصة عند العرب)، خطة لتحقيق الأمن القومى الإيرانى عبر مد النفوذ الإيرانى خارج حدود الجمهورية الإسلامية متخذا من المذهبية شعارا ومقاومة الهيمنة الأمريكية عنوانا. في حين اكتفت دول الخليج، الدول العربية الأكثر ثراء وتأثيرا بحكم ثرواتها، بالحماية الأمريكية بديلا عن العمل العربى المشترك، وغلبت المصالح الخليجية الآنية والضيقة على التخطيط لمشروع عربى يحفظ لكل دولة استقلالها الوطنى، وفى نفس الوقت يتشارك الجميع في تطوير وتنمية البلدان العربية والمساهمة في إنشاء قوة عسكرية مشتركة قادرة على الردع والحماية مثلما فعلت أوروبا بعد حربين عالميتين. فشل العرب كان مكسبًا لإيران.

(4)

«إيران لم تكسب حربا، ولم تخسر تفاوضا» تغريدة لترامب، فسرها البعض بأنها دعوة للتفاوض بين البلدين بديلا عن حرب ستخرج منها أمريكا منتصرة بقوتها العسكرية النووية الرادعة، ترامب كان موفقا في الشطر الثانى من تغريدته، بالفعل السياسة الخارجية الإيرانية ناجحة في خدمة المشروع الإيرانى، وجواد ظريف من أكثر وزراء الخارجية حنكة ومهارة وقدرة على دعم مواقف بلاده ومخاطبة الرأى العام العالمى مثل نظيره الروسى سيرجى لافروف. الصين وروسيا وإيران تمثل الآن تحالفا يرفض الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط بصفة خاصة والعالم بصفة عامة، المناورات البحرية التي جرت بين الدول الثلاث مؤخرا في شمال المحيط الهندى وبحر عمان حملت هذه الرسالة، روسيا وإيران أكثر انخراطا عسكريا وبصورة علنية في المنطقة على عكس الصين، لكن اللعب الآن أصبح على المكشوف والانحيازات واضحة.

(5)

يأتى الآن الحديث عن الموقف المصرى وبقية الدول العربية في ظل محاولة دول إقليمية غير عربية الهيمنة والتدخل تحقيقا لمصالحها على حساب المصالح العربية، هل نكتفى بالشجب والتنديد والسعى للعون والحماية من هنا وهناك، أم علينا أن ندرس الأخطاء التي وقعنا فيها، واستخلاص الدروس والعبر ثم البدء في وضع مشروع عربى تجتمع عليه الشعوب العربية ويكون بديلا عن المذهبية والتشرذم الذي نعيشه، مشروع يحترم خصوصيتنا ويتلاءم مع عصرنا؟!. الشباب العربى يتوق لمشروع متكامل يكون ندًّا، بل متفوقًا على المشروع الفارسى والعثمانى وأكثر أخلاقية من المشروع الصهيونى الاستيطانى التوسعى. هذا المشروع يمكن أن يكون طوق النجاة وبديل الانزلاق في هوة الفوضى بسبب الحراك الشعبى الغاضب في العديد من البلدان العربية، لأنه يعين على إصلاح مسار الحكم في البلدان العربية وتحسين الصورة الذهنية للعرب في العالم واستعادة العربى ثقته في نفسه وحكامه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمدد المشروع الإيرانى وغياب المشروع العربى تمدد المشروع الإيرانى وغياب المشروع العربى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon