توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحروب المؤجلة...

  مصر اليوم -

الحروب المؤجلة

بقلم : مي عزام

(1) منذ ثلاثة عقود تقريبا، كانت أمريكا، الشابة الساحرة الماجنة، تجلس أمام مرآتها السحرية لتسألها كل صباح: مرايتى.. يا مرايتى من أقوى دولة فى العالم؟ وكانت المرآة تجيب فورا: أنتِ. الهلع الذى يعيشه ترامب سببه الخوف من أن تستيقظ أمريكا على إجابة مختلفة: الصين لا أمريكا هى أقوى دولة فى العالم. حاولت الساحرة الشريرة التخلص من منافستها الجميلة «سنووايت»، فى القصة القديمة، فماذا ستفعل أمريكا حيال الصين؟!!.

(2) الحرب الباردة بين أمريكا والصين لم تهدأ أثناء جائحة كورونا، بل ازدادت حدة، لأن الصين أثبتت أنها تجاوزت منافسيها الدوليين بما لديها من إمكانيات وقدرات تكنولوجية استخدمها نظام الحكم المركزى فى الحد من تفشى كورونا فى بلد بحجم الصين. الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر ألقى مؤخرا كلمة نشرتها النيوزويك، أثناء درس الأحد فى كنيسة بمسقط رأسه، تحدث فيها عن مخاوف ترامب من تفوق الصين، خبراء الاقتصاد يتوقعون تفوق الصين على الولايات المتحدة، وأنها ستصبح أقوى اقتصاد فى العالم بحلول عام 2030، وأننا سنعيش «القرن الصينى». وأرجع كارتر ذلك إلى أن الصين لم تدخل حربا منذ تطبيع العلاقات الدبلوماسية معها فى عام 1979 أثناء فترة ولايته، فى حين أن بلاده تعد الأكثر خوضا للحروب فى تاريخ العالم خلال تاريخها القصير. طبقا لحديث كارتر، استثمرت الصين الفوائد الاقتصادية للسلام، حسنت الصناعة والبنية التحتية وتفوقت فى تقنية الجيل الخامس والذكاء الاصطناعى.. إلخ. فى حين أهدرت أمريكا 3 تريليونات دولار فى الإنفاق العسكرى. يعتقد كارتر أن الشراكة والتعاون بين بلاده والصين ممكنة وبديل عن المنافسة والعداء.

(3) يختلف «هنرى كيسنجر» مع رؤية كارتر، فى كتابه «النظام العالمى»، الصادر عام 2014، ذكر فى الفصل السادس «الصين والنظام العالمى»، دراسة صادرة عن هارفارد مفادها أن من بين 15 حالة تنافس بين سلطة صاعدة وأخرى راسخة تنتهى عشر منها بنشوب حرب، ويجد من الطبيعى أن مفكرين استراتيجيين مرموقين على الجانبين الأمريكى والصينى يستحضرون أنماط سلوك وتجارب تاريخية للتكهن بحتمية الصراع بين بلديهما.

يجد كيسنجر أن الجانب الصينى يصنف جملة من التحركات الأمريكية على أنها نوع من التصميم على شل حركة الصين الصاعدة، ومنها استخدام أمريكا حقوق الإنسان كذريعة لتقويض البنية السياسية الداخلية للصين، والجانب الأمريكى بدوره يخاف من تنامى الصين على حساب التفوق والأمن الأمريكى.

ويرى كيسنجر أن ثمة فئات مهمة ترى أن الصين عازمة مثلها مثل الاتحاد السوفيتى إبان الحرب الباردة على بلوغ السيطرة العسكرية كما الاقتصادية على كل الأقاليم المحيطة بها، وصولا إلى الهيمنة فى آخر المطاف، لكن فى النهاية يرى أن تراجع بلاده ليس قدرا محتوما، ويمكن تجنبه.

(4) الخبراء حددوا تاريخ 2030 موعدا لتبوؤ الاقتصاد الصينى القمة التى احتلتها الولايات المتحدة طويلا. وسواء تحقق ذلك أم لا، فإن أمريكا والصين وغيرهما من الدول المتقدمة تدرس الواقع واحتمالات المستقبل، نقاط القوة والضعف لديها ولدى منافسيها، الخطط الاستراتيجية توضع بناء على دراسات مرتكزة على مقومات حقيقية وليس شطحات خيالية أو رغبات رئاسية، الجميع يعرف أن مكانتك فى عالم الغد تتحدد بموقعك ومكانتك اليوم.

(5) ماذا خططنا للمستقبل؟ عام 2030 ليس بعيدا كما نتصور، هل وضعت مؤسسات الدولة المصرية سيناريوهات بديلة طبقا لهذه التغيرات العالمية المتوقعة؟ النظام العالمى الجديد الذى ستصبح الصين أحد أقطابه سيعيد تشكيل طرق التجارة العالمية، ومن ثم مناطق النفوذ والهيمنة، صناعات المستقبل لن يكون قوامها النفط، موازين الثراء والقوة والتميز بين الدول ستختلف عما كانت عليه فى القرن الماضى. مصر لا يمكن أن تخطط لمستقبلها منفردة دون الأخذ فى الاعتبار محيطها العربى والإقليمى، جراح الحروب العربية مازالت مفتوحة ونازفة، وليس لدينا خطة فعالة لإيقافها، الإرهاب سؤال يحتاج دراسة، هل سيبقى أداة لزعزعة استقرار الدول وفرض الهيمنة أم سيبتكر النظام العالمى الجديد أدوات أخرى لذلك؟ مصير صفقة القرن والصراع العربى_ الإسرائيلى، أسئلة كثيرة تستحق النقاش حولها ومشاركة الشعب فى محاولة الوصول إلى إجابات عن أسئلة المستقبل ونصيبنا فى الحروب المؤجلة بدلا من انتظار مفاجأة قد تكون مؤلمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحروب المؤجلة الحروب المؤجلة



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon