توقيت القاهرة المحلي 03:55:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«زبيدة»: سؤال حائر حول ثقة المواطن فى الحكومة

  مصر اليوم -

«زبيدة» سؤال حائر حول ثقة المواطن فى الحكومة

بقلم - مي عزام

هل يمكن لمصر أن تنهض وتتحول بعد سنوات قليلة إلى بلد يعتمد على نفسه ولا يستورد إلا خامات التصنيع؟ هل يمكن أن نبدأ رغم هذا المستوى المتدنى فى التعليم والصحة وحقوق الإنسان والتحول الديمقراطى؟ هناك أمثلة على دول نهضت قبل أن تستوفى معايير الجودة، لكن بشروط، مثل سنغافورة، بعد إعلان استقلالها فى عام 1965، وجدت نفسها غارقة فى مشكلات اجتماعية واقتصادية كثيرة مع انعدام الموارد، فى هذه الفترة العصيبة تولى مهمة النهوض بها رئيس الوزراء «لى كوان يو» الذى أدرك أن بلاده لن تزدهر إلا بتغيير شامل، وذكر فى حوار مع جريدة «نيويورك تايمز»: «نحن نعلم أننا لو سرنا على نهج الدول المجاورة سنموت، فنحن لا نملك شيئا بالمقارنة مع ما يمتلكونه من موارد، ولهذا ركزنا على إنتاج شىء مميز، وهو القضاء تماما على الفساد، والاعتماد على الكفاءة، واختيار أصحاب المناصب بناء على الاستحقاق ونجحنا».

(2)

القضاء على الفساد، ووضع الرجل المناسب فى المكان المناسب كان نقطة انطلاق سنغافورة، مع تنفيذ سياسة تحفيز المواطنين على تغيير سلوكياتهم، والإنسان كائن اجتماعى يتأثر بما حوله ويقلده، وإذا نجحت دولة فى نشر سلوكيات: الانتماء، أداب الحديث، النظافة... إلخ، فهى بذلك تفتح آفاق المستقبل بمبادرات البشر لا الحجر.

(3)

ما فعلته سنغافورة مبكرا أصبح الآن علماً يدرس، وهو نظرية التحفيز، التى وضعها «ريتشارد ثالر»، أستاذ الاقتصاد السلوكى، ونال عنها جائزة نوبل فى الاقتصاد العام الماضى، وتقوم على فكرة أن الناس يمكن توجيههم لاتخاذ قرارات أفضل من خلال سياسات بسيطة وغير ملحوظة، دون مصادرة حريتهم فى الاختيار، أكثر من 150 حكومة حول العالم اتخذت إجراءات وسياسات لتوجيه سلوكيات شعوبها فى وجهة معينة، وتشير الأبحاث إلى أن الناس يرحبون بهذه المحفزات مادامت تتفق مع قيمهم ومصالحهم، وترتبط أيضا نسبة تأييد هذه الأساليب بمستوى الثقة فى الحكومة.

مثلا نسبة تأييد هذه السياسات كانت عند أدنى مستوياتها فى المجر، لأن نسبة المجريين الذين يثقون فى الحكومة لا تزيد على 28%، وعلى العكس ترحب الغالبية العظمى من الصينيين بهذه السياسات لأن مستوى ثقتهم بحكومتهم مرتفع.

(4)

حكيم الصين كونفوشيوس رد على سؤال أحد تلاميذه عن الحكم قائلا: «لابد للحكومة أن تحقق أموراً ثلاثة: أن يكون لدى الناس كفايتهم من الطعام، وكفايتهم من العتاد الحربى، ومن الثقة بحكامهم». فرد تلميذه: «فإذا لم يكن بد من الاستغناء عن أحد هذه الشروط، فأيها يجب أن تتخلى عنه أولاً؟»، فأجاب المعلم: «العتاد الحربى». فسأله من جديد: «وإذا كان لابد من الاستغناء عن أحد الشرطين الباقيين فأيهما يجب أن تتخلى عنه؟».

فأجاب المعلم: «فلنتخل عن الطعام، ذلك أن الموت كان منذ الأزل قضاء محتوماً على البشر، أما إذا لم يكن للناس ثقة بحكامهم فلا بقاء للدولة».

(5)

نقطة الانطلاق فى مصر، هى التى عبر عنها «لى كوان يو»، واختتم بها كونفوشيوس نصيحته: محاربة الفساد وثقة الشعب بالحكومة، وهى لا تأتى إلا بالإخلاص والقدوة الحسنة، المصريون فاقدون الثقة فى حكوماتهم على مدى عقود طويلة، ويشعرون بأنها لا تعمل لخدمتهم ولكن لخدمة النظام السياسى الذى يأتى بها، ورجالها ليسوا بقدوة، فهم يطالبون الشعب بالصبر والتقشف وربط الأحزمة فى حين لا يقدمون على أى ترشيد فى الإنفاق الحكومى. كما أن العلاقة بين الشعب والداخلية تتسم بالخوف أكثر مما تتسم بالثقة والأمان.

(6)

الحكومة فشلت فى تحفيز الناس وتوجيههم تجاه سياسات معينة رغم امتلاكها كل وسائل التحفيز، وقصة زبيدة دليل جديد على ذلك، قصتها التى عُرضت فى الإعلام المصرى تختلف عما جاء فى تقرير «بى بى سى» إنجليزى، أيهما يصدق الشعب؟ أقول عن ثقة إن هناك انشقاقا كبيرا فى الشارع المصرى حول ذلك، وأكيد أن هناك فئات غير الإخوان المسلمين والمتعاطفين معهم يجدون أن «بى بى سى» أكثر مصداقية، ورغم شكوكى الشخصية فى الموضوع، لكن ذلك لا يمنعنى من طرح سؤال: لماذا لا يثق قطاع كبير من المصريين فى الإعلام التابع للدولة؟ وهل يمكن لهذا الإعلام المتدنى من حيث المستوى المهنى والأخلاقى أحيانا أن يشكل وعى هذه الأمة ويكون حافزا للمواطنين على مبادرات العطاء التى يطلبها الرئيس من الشعب؟

حب مصر والانتماء إليها لا يكون بترديد «تحيا مصر» ثلاثا ولكن بتحفيز الشعب بالقدوة الحسنة واقتلاع جذور الفساد واستعادة الثقة المفقودة بين الشعب والحكومة. فلتكن هذه مهمة الرئيس وحكومته فى السنوات الأربع القادمة.. إن نجح فيها سيكون قد أصاب الهدف وعلى الله التوفيق.

 

 

نقلا عن المصري اليوم القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«زبيدة» سؤال حائر حول ثقة المواطن فى الحكومة «زبيدة» سؤال حائر حول ثقة المواطن فى الحكومة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon