توقيت القاهرة المحلي 03:52:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحالف مصري ــ تركى.. لمَ لا؟

  مصر اليوم -

تحالف مصري ــ تركى لمَ لا

بقلم - مي عزام

الانتظار دائما أفضل من العجلة، فضلت أن أتحدث عن موضوع استيراد الغاز الإسرائيلى بعدما تحدث عنه جمع كبير في الإعلام المرئى والصحافة، وأنا هنا لن أتحدث عنه من الناحية الاقتصادية وفوائده أو أضراره، فأنا لست خبيرة في هذا المجال، ولكن أكتب بصفتى مواطنة غيورة على صورة بلدها، وأعتقد أن ما يجب أن تحرص عليه دولة في مثل وضعنا، (تواجه وضعا اقتصاديا صعبا ولها تاريخ عريق ومكانة إقليمية على المحك)، أن تكون مثالا لاحترام المبادئ والنزاهة والاعتماد على النفس، فهذا هو ما تحتاجه لصعودها في الفترة القادمة.
(2)
يتحدث البعض عن الصراع العربى/ الإسرائيلى على اعتبار أنه صراع تجاوزه الزمن، الصراع الآن مع إيران بالنسبة لدول الخليج وحلفائها، وفى مصر الصراع مع تركيا وقطر، في منطقتنا العداء بين الدول يسير وفق توجهات الحكام، وليس طبقا لخطة استراتيجية للدولة تحدد فيها الأعداء وأسباب الصراع وتتخذ قراراتها الخارجية طبقا لذلك ولا يتم حدوث تغيرات حتى مع تغير الحاكم.
وبعيدا عن الحديث الرومانسى عن القومية العربية، وبتفكير براجماتى، أعتقد أن الصراع العربى/ الإسرائيلى صراع وجود، فإسرائيل لا تكتفى بما ابتعلته من أرض فلسطين وتشريد شعبها وحرمانهم من العودة، لكنها تزحف كل يوم على جزء جديد من الأرض الفلسطينية وتحوله إلى مستوطنات، حقول الغاز المكتشفة في البحر المتوسط ليست حقا للإسرائيليين فقط، كما صرح نتنياهـو، لكن الفلسطينيين في الضفة وغزة لهم حق فيها. الأمم المتحدة تستغيث بالعالم لتوفير المساعدات العاجلة لأهل غزة وتحذر من المصير المأساوى الذي يتنتظرهم بحلول 2020 لو تم تركهم على ما هم عليه، لكن إسرائيل مازالت تغلق عليهم المعابر وتحرمهم من حقهم في ثروات بلدهم، وكذلك تفعل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وتشاركها أمريكا الضغط بقطع المعونات عن «أونروا». نحن إزاء دول تسجن شعبا احتلت أرضه في مساحات تحددها لهم وترفع بينها وبينهم الأسوار وتحرمهم من الحياة الكريمة التي توفرها ليهود إسرائيل، في حال رد البعض: «إحنا مالنا يتحرق الفلسطينيين كفاية ما قدمته مصر من تضحيات»، أقول إن إسرائيل التي تفخر بأنها حصن الديمقراطية في الشرق الأوسط وحامية حقوق الإنسان، لا تتورع عن سرقة أرض وثروات دول الجوار العربية بشتى الحجج ولا تكتفى بفلسطين، فهناك تأكيدات على أنها سرقت حصة مصر في غاز المتوسط وأن أجزاء من أكبر حقولها «ليفياثان» كانت من حق مصر، لكنها استغلت السيولة التي حدثت بعد ثورة يناير لتنهب ثروتنا، والآن تريد أن تقتسم مع لبنان حقها في غاز المتوسط وأمريكا تحث اللبنانيين على قبول المشاركة!!، كما تحتل الجولان وترفض أي حديث عن تسويات خاصة بمستقبل سوريا يكون بينها مرتفعات الجولان. ومنذ فترة صرح نتنياهو في مقابلة مع وزير الخارجية البريطانى، بوريس جونسون، أثناء زيارة للأخير لتل أبيب: «إن من حق إسرائيل التوسع شرقا وغربا بناء على زيادة أعداد سكانها اليهود»، إسرائيل دولة لا تريد أن تحدد حدودها، ولكن تترك الأمر مرهونا بقدرتها العسكرية على ابتلاع أراضى دول الجوار العربية، ومصر ليست بعيدة عن مرماها ومطامعها، ولقد احتلت من قبل سيناء، ولم تخرج منها إلا بعد حرب ومفاوضات سلام مجهدة.
(3)
من مصلحة مصر أن يظل التعامل مع إسرائيل محدودا، لأن إسرائيل دولة ذات مطامع، ولأن مصر تعتبر نفسها شريكا أساسيا في ملف المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، ومفاوضات السلام الفلسطينية/ الإسرائيلية، فكيف يمكن لها أن تقوم بهذا الدور؟!، وتحظى بثقة الفلسطينيين وهى تستورد الغاز من إسرائيل ولهم فيه حق مشروع، فهو اعتراف وتقنين للسرقة الإسرائيلية. تحدث البعض أن استيراد الغاز من إسرائيل وإعادة تصديره، ليس مجرد صفقة اقتصادية مربحة لمصر، لكن إن هذه الصفقة مهمة للأمن القومى المصرى، لأن إسرائيل ومن خلفها أمريكا ستحميان تدفق الغازعبر سيناء وأيضا مصر تحتاج مساندتهما في صراع منتظر مع تركيا حول غاز المتوسط واتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص الذي أعلنت تركيا عدم اعترافها به، وهذه التفسيرات تبدو قوية وقيمة، لكن للأسف لا إسرائيل ولا أمريكا لهما سوابق مشرفة في الالتزام بالعهود في حال تغير الأحوال، وأنا أعتقد أن مصر عليها ألا تراهن على أحد، خاصة هؤلاء.
(4)
من الصعب التراجع عن اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلى، عقود مثل هذه تنص على غرامات ضخمة على الطرف الذي يتراجع عن الوفاء بشروط العقد، لكن لدىّ ثقة في أن الزمن كفيل بإيجاد حلول بديلة. وأعتقد أن مصر في حاجة لتحالفات جديدة مع قوى إقليمية مؤثرة، لخلق توازن في علاقتها مع إسرائيل وحلفائها الحاليين، كما حدث حين وصلت مصر ما انقطع مع روسيا واحتفظت بعلاقات طيبة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
تركيا وإيران دولتان لا يمكن إغفال دورهما وتأثيرهما في الأحداث التي تمر بالمنطقة، فلماذا لا تستعيد مصرعلاقتها الطبيعية بهاتين الدولتين، ولنبدأ بتركيا، إيران، هناك عقبات أمام عودة العلاقات معها تتمثل في تحالفات مصر مع دول خليجية شقيقة تجد فيها العدو الأول. الأمر أسهل في حال تركيا، خاصة أن أردوغان يبحث عن تحالفات جديدة تحل محل تحالفاته القديمة، ولقد فعلها من قبل حين انتقل من حليف استراتيجى لأمريكا إلى التحالف مع روسيا وإيران في الملف السورى، بعد تأكده من مساندة أمريكا لأكراد العراق وسوريا وحثها لهم على إعلان الاستقلال وهوما يعتبره خطرا داهما على بلاده واستقرارها.

(5)
أردوغان يستغل الثغرات المتاحة لصالح بلاده وأيضا لتوطيد حكمه، جولته الأفريقية يمكن أن تقلق مصر لتوتر العلاقة بين البلدين، كما حدث مع زيارته للسودان، ولكن يمكن أن ننظر للأمر بنظرة مختلفة ونبدأ في حصر المصالح المشتركة بين البلدين وكيف يمكن تعظيمها في مقابل التفاوض على نقاط الخلاف والوصول لحلول مرضية للطرفين. مصر جلست مع إسرائيل في مفاوضات طويلة ومرهقة وانتهت باتفاقية سلام مازالت سارية حتى الآن، فهل تعجز الدبلوماسية المصرية عن حل الخلافات مع تركيا الآن وإيران مستقبلا؟.. خاصة أن خريطة المنطقة تُرسم من جديد واحتفظت الدولتان بمكان فيها.
 

نقلا عن المصري اليوم القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحالف مصري ــ تركى لمَ لا تحالف مصري ــ تركى لمَ لا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 02:00 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ
  مصر اليوم - تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 17:46 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما
  مصر اليوم - منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت

GMT 18:17 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

بسنت شوقي تكشف تفاصيل زواجها من محمد فراج

GMT 06:26 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صبحي يطمئن على الأولمبي والفريق يختتم معسكره

GMT 09:26 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الحكومة المصرية تُقدم تسهيلات وخدمات لكبار السن

GMT 06:08 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن نصف البالغين لا يغسلون أسنانهم مساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon