توقيت القاهرة المحلي 09:11:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحالف مصري ــ تركى.. لمَ لا؟

  مصر اليوم -

تحالف مصري ــ تركى لمَ لا

بقلم - مي عزام

الانتظار دائما أفضل من العجلة، فضلت أن أتحدث عن موضوع استيراد الغاز الإسرائيلى بعدما تحدث عنه جمع كبير في الإعلام المرئى والصحافة، وأنا هنا لن أتحدث عنه من الناحية الاقتصادية وفوائده أو أضراره، فأنا لست خبيرة في هذا المجال، ولكن أكتب بصفتى مواطنة غيورة على صورة بلدها، وأعتقد أن ما يجب أن تحرص عليه دولة في مثل وضعنا، (تواجه وضعا اقتصاديا صعبا ولها تاريخ عريق ومكانة إقليمية على المحك)، أن تكون مثالا لاحترام المبادئ والنزاهة والاعتماد على النفس، فهذا هو ما تحتاجه لصعودها في الفترة القادمة.
(2)
يتحدث البعض عن الصراع العربى/ الإسرائيلى على اعتبار أنه صراع تجاوزه الزمن، الصراع الآن مع إيران بالنسبة لدول الخليج وحلفائها، وفى مصر الصراع مع تركيا وقطر، في منطقتنا العداء بين الدول يسير وفق توجهات الحكام، وليس طبقا لخطة استراتيجية للدولة تحدد فيها الأعداء وأسباب الصراع وتتخذ قراراتها الخارجية طبقا لذلك ولا يتم حدوث تغيرات حتى مع تغير الحاكم.
وبعيدا عن الحديث الرومانسى عن القومية العربية، وبتفكير براجماتى، أعتقد أن الصراع العربى/ الإسرائيلى صراع وجود، فإسرائيل لا تكتفى بما ابتعلته من أرض فلسطين وتشريد شعبها وحرمانهم من العودة، لكنها تزحف كل يوم على جزء جديد من الأرض الفلسطينية وتحوله إلى مستوطنات، حقول الغاز المكتشفة في البحر المتوسط ليست حقا للإسرائيليين فقط، كما صرح نتنياهـو، لكن الفلسطينيين في الضفة وغزة لهم حق فيها. الأمم المتحدة تستغيث بالعالم لتوفير المساعدات العاجلة لأهل غزة وتحذر من المصير المأساوى الذي يتنتظرهم بحلول 2020 لو تم تركهم على ما هم عليه، لكن إسرائيل مازالت تغلق عليهم المعابر وتحرمهم من حقهم في ثروات بلدهم، وكذلك تفعل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وتشاركها أمريكا الضغط بقطع المعونات عن «أونروا». نحن إزاء دول تسجن شعبا احتلت أرضه في مساحات تحددها لهم وترفع بينها وبينهم الأسوار وتحرمهم من الحياة الكريمة التي توفرها ليهود إسرائيل، في حال رد البعض: «إحنا مالنا يتحرق الفلسطينيين كفاية ما قدمته مصر من تضحيات»، أقول إن إسرائيل التي تفخر بأنها حصن الديمقراطية في الشرق الأوسط وحامية حقوق الإنسان، لا تتورع عن سرقة أرض وثروات دول الجوار العربية بشتى الحجج ولا تكتفى بفلسطين، فهناك تأكيدات على أنها سرقت حصة مصر في غاز المتوسط وأن أجزاء من أكبر حقولها «ليفياثان» كانت من حق مصر، لكنها استغلت السيولة التي حدثت بعد ثورة يناير لتنهب ثروتنا، والآن تريد أن تقتسم مع لبنان حقها في غاز المتوسط وأمريكا تحث اللبنانيين على قبول المشاركة!!، كما تحتل الجولان وترفض أي حديث عن تسويات خاصة بمستقبل سوريا يكون بينها مرتفعات الجولان. ومنذ فترة صرح نتنياهو في مقابلة مع وزير الخارجية البريطانى، بوريس جونسون، أثناء زيارة للأخير لتل أبيب: «إن من حق إسرائيل التوسع شرقا وغربا بناء على زيادة أعداد سكانها اليهود»، إسرائيل دولة لا تريد أن تحدد حدودها، ولكن تترك الأمر مرهونا بقدرتها العسكرية على ابتلاع أراضى دول الجوار العربية، ومصر ليست بعيدة عن مرماها ومطامعها، ولقد احتلت من قبل سيناء، ولم تخرج منها إلا بعد حرب ومفاوضات سلام مجهدة.
(3)
من مصلحة مصر أن يظل التعامل مع إسرائيل محدودا، لأن إسرائيل دولة ذات مطامع، ولأن مصر تعتبر نفسها شريكا أساسيا في ملف المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، ومفاوضات السلام الفلسطينية/ الإسرائيلية، فكيف يمكن لها أن تقوم بهذا الدور؟!، وتحظى بثقة الفلسطينيين وهى تستورد الغاز من إسرائيل ولهم فيه حق مشروع، فهو اعتراف وتقنين للسرقة الإسرائيلية. تحدث البعض أن استيراد الغاز من إسرائيل وإعادة تصديره، ليس مجرد صفقة اقتصادية مربحة لمصر، لكن إن هذه الصفقة مهمة للأمن القومى المصرى، لأن إسرائيل ومن خلفها أمريكا ستحميان تدفق الغازعبر سيناء وأيضا مصر تحتاج مساندتهما في صراع منتظر مع تركيا حول غاز المتوسط واتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص الذي أعلنت تركيا عدم اعترافها به، وهذه التفسيرات تبدو قوية وقيمة، لكن للأسف لا إسرائيل ولا أمريكا لهما سوابق مشرفة في الالتزام بالعهود في حال تغير الأحوال، وأنا أعتقد أن مصر عليها ألا تراهن على أحد، خاصة هؤلاء.
(4)
من الصعب التراجع عن اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلى، عقود مثل هذه تنص على غرامات ضخمة على الطرف الذي يتراجع عن الوفاء بشروط العقد، لكن لدىّ ثقة في أن الزمن كفيل بإيجاد حلول بديلة. وأعتقد أن مصر في حاجة لتحالفات جديدة مع قوى إقليمية مؤثرة، لخلق توازن في علاقتها مع إسرائيل وحلفائها الحاليين، كما حدث حين وصلت مصر ما انقطع مع روسيا واحتفظت بعلاقات طيبة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
تركيا وإيران دولتان لا يمكن إغفال دورهما وتأثيرهما في الأحداث التي تمر بالمنطقة، فلماذا لا تستعيد مصرعلاقتها الطبيعية بهاتين الدولتين، ولنبدأ بتركيا، إيران، هناك عقبات أمام عودة العلاقات معها تتمثل في تحالفات مصر مع دول خليجية شقيقة تجد فيها العدو الأول. الأمر أسهل في حال تركيا، خاصة أن أردوغان يبحث عن تحالفات جديدة تحل محل تحالفاته القديمة، ولقد فعلها من قبل حين انتقل من حليف استراتيجى لأمريكا إلى التحالف مع روسيا وإيران في الملف السورى، بعد تأكده من مساندة أمريكا لأكراد العراق وسوريا وحثها لهم على إعلان الاستقلال وهوما يعتبره خطرا داهما على بلاده واستقرارها.

(5)
أردوغان يستغل الثغرات المتاحة لصالح بلاده وأيضا لتوطيد حكمه، جولته الأفريقية يمكن أن تقلق مصر لتوتر العلاقة بين البلدين، كما حدث مع زيارته للسودان، ولكن يمكن أن ننظر للأمر بنظرة مختلفة ونبدأ في حصر المصالح المشتركة بين البلدين وكيف يمكن تعظيمها في مقابل التفاوض على نقاط الخلاف والوصول لحلول مرضية للطرفين. مصر جلست مع إسرائيل في مفاوضات طويلة ومرهقة وانتهت باتفاقية سلام مازالت سارية حتى الآن، فهل تعجز الدبلوماسية المصرية عن حل الخلافات مع تركيا الآن وإيران مستقبلا؟.. خاصة أن خريطة المنطقة تُرسم من جديد واحتفظت الدولتان بمكان فيها.
 

نقلا عن المصري اليوم القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحالف مصري ــ تركى لمَ لا تحالف مصري ــ تركى لمَ لا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon