توقيت القاهرة المحلي 08:55:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دكتور «جيكل» ومستر «هايد» يحكمان العالم

  مصر اليوم -

دكتور «جيكل» ومستر «هايد» يحكمان العالم

بقلم - مي عزام

أقيم فى باريس، يوم الأحد الماضى، احتفالية كبيرة فى ذكرى مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى، حضرها عدد من قادة العالم، الرئيس الفرنسى والمستشارة الألمانية كانا أبطال الحدث، فهما يمثلان أعداء الأمس شركاء اليوم، عبر ماكرون عن ذلك، وميركل تقف بجواره، قائلا: «أوروبا تعيش فى سلام منذ 73 عاما لأن ألمانيا وفرنسا تريدان السلام»، أكد الزعيمان فى كلمتيهما أهمية نبذ الانطواء والعنف والهيمنة، وكأنهما يشيران بطرف خفى إلى الرئيس الأمريكى وقراراته التى انتصر فيها لمصلحة بلاده على حساب حلفائه الأوروبيين، وهو ما دفع الرئيس الفرنسى، فى وقت سابق، للحديث عن إنشاء جيش أوروبى لحماية القارة من روسيا والصين وأيضا من أمريكا، وعلق ترامب على الاقتراح بطريقته: «ادفعوا اللى عليكو الأول»، ومن قبل صرح ترامب، أكثر من مرة، بأن على الدول الأوروبية الكبرى أن تدفع حصصا عادلة فى ميزانية حلف الناتو، حيث تتحمل أمريكا العبء الأكبر فيها.

(2)

قبل ما يقرب من 130 عاما، نشر الكاتب الأسكتلندى، روبرت لويس ستيفنسون، روايته الشهيرة: دكتور جيكل ومستر هايد، التى تتحدث عن د. جيكل، رجل العلم، صاحب المكانة الاجتماعية والذى يعيش وفق ضوابط العرف والتقاليد، ولكن نفسه تهفو للخروج عن هذا القالب، بشخصية أخرى تخرق كل القواعد وتبتذل القيم وتحطم كل القيود، فخلقها من عدم، ليصبح الطيب والقبيح فى آن واحد، حتى تسيد الشرس وانتهى الحال بفنائه.

حين تابعت مراسم الاحتفالية على الفضائيات، استوقفتنى لقطة تجمع القادة الحاضرين تحت قوس النصر فى باريس، ذكرنى الرئيس الأمريكى ترامب بمستر هايد، فهو زعيم ينتهك الاتفاقيات والعهود، ويخرج عن المألوف فى تصريحاته الصادمة وتعليقاته البعيدة عن اللياقة، ولا يلتزم بقواعد السياسة الدولية والدبلوماسية، باختصار يفعل ما يحلو له.

(3)

ترامب هو الوجه الآخر للجنتلمان الغربى، الذى يعرف كيف يصوغ كلماته بعناية قبل أن يؤذى خصمه ويرتدى قفازا قبل أن يشرع فى قتله الذى خطط له بدقة، كما يحاول بحذق ومهارة أن يخفى آثار جريمته، أما مستر هايد فهو عفوى إلى حد الوحشية، غير منضبط، يقتل حين يغضب ويترك يديه ملوثة بدم ضحيته ويجاهر بجريمته.. ولا تسيطر عليه إلا فكرة واحدة: «الحصول على ما يريد فى أى وقت وبأى طريقة».

كلاهما: دكتور جيكل ومستر هايد يرغبان فى نفس الأشياء، ولكن الاختلاف بينهما يكون فى الطريقة التى يحصل بها كل منهما على مراده.

(4)

يأتى الاحتفال بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى، والعالم يواجه حروب وصراعات فى أماكن كثيرة ومتفرقة،وتطل علينا مخاوف حقيقية من اشتعال فتيل حرب عالمية ثالثة،هذه المرة لن تكون أوروبا ساحتها، بل ستتجه ناحية الشرق، حيث تتشكل موازين قوى جديدة، وتنذر الحرب الباردة بين أمريكا والصين بانتهاء حقبة الهيمنة الأمريكية على العالم كقطب أوحد.

الدور الأوروبى أصبح محدود بسبب سياسة التبعية لأمريكا والتى التزمت بها أوروبا طويلا، لم يعد توسيع النفوذ والهيمنة يشغل بال الأوروبيين، كما كان الأمر من قبل، يشغلهم الآن توفير الأمن والاستقرار وتحسين الاقتصاد، قادة أوروبا اكتفوا من الحروب ولا يريدون أن تكون قارتهم ساحة حرب أو ينتقل إليها الإرهاب ولا أن تصبح ملاذا للمهاجرين واللاجئين.. إنهم يبحثون عن مصلحتهم لكن بأسلوب أكثر أناقة ولباقة وثقاقة من أسلوب راعى البقر الأمريكى.

(5)

أزمة العالم الحقيقية هى أزمة أخلاقية فى المقام الأول، الثورة العلمية والتكنولوجية المذهلة والمتسارعة، لم يواكبها مفاهيم أخلاقية كابحة للهيمنة واستغلال الشعوب وتراكم الثروات فى يد قلة من سكان العالم، العمل من أجل خير الإنسان والتخفيف من آلامه والحفاظ على كوكب الأرض ليست سوى أمنيات شعوب ومنظمات المجتمع المدنى، مثلها مثل رغبة شعوب العالم الثالث فى العدل والمساواة والحرية والديمقراطية، أمنيات مشروعة تجهضها المصالح التى تتحكم فى قرارات الدول وتوجه سياستها.

يحدث هذا لأن قادة العالم لا يخرجون عن ثنائية د. جيكل ومستر هايد... وجهان لعملة واحدة

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دكتور «جيكل» ومستر «هايد» يحكمان العالم دكتور «جيكل» ومستر «هايد» يحكمان العالم



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon