توقيت القاهرة المحلي 02:18:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشتا اللى فات من 9 سنوات

  مصر اليوم -

الشتا اللى فات من 9 سنوات

بقلم : مي عزام

(1)

أهدى هذا المقال لكل من شارك فى ثورة يناير المجيدة ولو بقلبه، ولمن عاش فى الميدان أيامًا وليالى،عرف فيها معنى الاستثناء الجميل.

(2)

فى دول العالم التى تعترف بقيمة العلم وتجعل منه منهجًا للتفكير، نجد دومًا عددًا من مفكريها وأساتذة علم الاجتماع يعكفون على دراسة الظواهر الاجتماعية الغريبة، لمعرفة جذور المشكلة وأسبابها، تشخيص الحالة ضرورى لمعرفة أبعادها. فى مصر كان هناك عدد من المفكرين اليقظين لمثل هذه الظواهر، على سبيل المثال لا الحصر د.زكى نجيب محمود الذى تعامل مع كثير من الظواهر الاجتماعية فى المجتمع المصرى والعربى بطريقته الفلسفية باحثًا عن جذورها، وكذلك د. سيد عويس صاحب الدراسات الاجتماعية القيمة، ود. نادر الفرجانى ود. جلال أمين فى بعض مؤلفاتهما. هذا الاهتمام لم نعد نلمسه مع تسارع الأحداث التى تمر بها بلادنا ومنطقتنا العربية، الانغماس فى الأحداث السياسية الآنية والاستقطاب المجتمعى الحاد الذى تشهده مصر، يعمى أبصارنا وبصيرتنا عن فهم ظواهر كثيرة، رغم أن فهمها قد يساعدنا فى إيجاد مسار مختلف للمجتمع المصرى يحقق طموحنا فى مستقبل أفضل يجتمع فيه الخبز والكرامة، الأمان والحرية، ويساهم فى مراجعة منظومة القيم والأخلاق والمعايير فى مجتمعنا والتى اهتزت كثيرا فى السنوات الأخيرة.

(3)

من هذه الظواهر الحماس الكبير الذى استقبل به الشباب أغنية «سالمونيلا»، التى يجدها المثقفون تافهة لا تنطبق عليها معايير الجودة، وهو ما ينطبق على ظاهرة محمد رمضان الذى يقدم نفسه كمطرب مرتديًا ملابس مثيرة تخالف ما اعتدناه من سائر المطربين، ورغم ذلك فحفلاته ناجحة طبقا لمعايير السوق، فالتذاكر تنفد والحشود الكبيرة دليل على كثرة معجبيه ومتابعيه. الظاهرة ليست جديدة، وتفسيرها أيضا، عامل الدهشة هو القاسم المشترك، أكثر الأخبار متابعة هى التى تثير الدهشة لأنها تكسر المألوف والمعتاد، مثل خبر الأم التى حرقت ابنتها والابن الذى قتل أمه والجد الذى اغتصب حفيدته.. إلخ، وكذلك العمل الفنى الذى يكسرالمعتاد ويثير «الدهشة» يلقى رواجا كبيرا، لكن الفرق بين عمل فنى تافه مثير للدهشة وعمل فنى قيم يثيرها هو «الديمومة». حين غنت «عايدة الشاعر» أغنية «الطشت قالى قومى استحمى» لاقت رواجا كبيرا، كانت أغنية مدهشة، كلماتها جديدة وغير معتادة، لكنها الآن لا تدهش أحدا، فى حين أن أغنيتى «ثورة الشك» و«الأطلال» مدهشتان بسبب التركيب اللغوى الفريد فى صوره الجمالية والأداء المذهل لأم كلثوم، «أكاد أشك فى نفسى لأنى أكاد أشك فيك وأنت منى» و«وإذا النور نذيرٌ طالعٌ.. وإذا الفجر مطلٌ كالحريق.. وإذا الدنيا كما نعرفها.. وإذا الأحباب كلٌّ فى طريق» لغة مدهشة وأداء كلثومى أسطورى، الزمن يعمق دهشة الجمال، ولذا تبقى الأعمال الفنية الراقية خالدة.

(4)

مصر تعانى من نقص الدهشة لما هو جميل وراق، لأنه صعب، فهو يحتاج إبداعًا وعملًا دؤوبًا وموهبة يشارك المجتمع فى اكتشافها وتشجعيها وصقلها، وعلى الناحية الأخرى نجد تغول القبح المدهش الذى يتكاثر كالسرطان وينتصر فى كل الميادين، فمثلا تدهشنى جرأة بعض المنافقين وقدرتهم على تغيير جلودهم، وما زالت ثورة يناير تدهشنى كحدث استثنائى فى تاريخ مصر الحديث. الفرق بين الدهشتين كبير، فلا يتساوى الخبيث والطيب، لا شىء طيبًا يذهب أبدا، وثورة يناير طيبة.. صادقة، رغم استغلالها من قِبَل أصحاب المصالح والنفوذ والمال، الكارهين للتغيير، المستقرين على الباطل، لكن ما تكالبوا عليه ليس سوى القشور، وسيبقى لنا جوهر ثورتنا المدهشة: كسر حاجز الخوف وحلم يتراءى لنا بين الحين والحين لا يفارقنا.

الثورة المدهشة تحتاج منّا إلى أفعال مدهشة تخرج عن نطاق العادى ولا تدخل فى نطاق القبيح المدهش.. أفعال تدوم دوام ثورة يناير.

علمتنى السنوات التسع أنه لا شىء باقيًا إلا الشعب وأرض الوطن، وأننا شعب قادر على صنع الدهشة ولو بعد حين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشتا اللى فات من 9 سنوات الشتا اللى فات من 9 سنوات



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon