توقيت القاهرة المحلي 05:53:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوتين وأردوغان والسيسى: مقارنات مضللة

  مصر اليوم -

بوتين وأردوغان والسيسى مقارنات مضللة

بقلم - مي عزام

(1) كان الإعلامى عمرو أديب يتحدث عن الانتخابات الرئاسية، وكيف أن علينا أن نقر بواقعية أن ليس هناك منافس للرئيس السيسى، واستمرار الأمر على هذا النحو أفضل من الزج بمرشح فى آخر لحظة كمحلل، وكعادته انتقل بذكاء إلى مشهد آخر ليعقد مقارنة توضح وجهة نظره وليعطى للمشاهدين مثالا عمليا على ازدواجية المعايير فى التعامل مع ما يحدث فى مصر وما يحدث فى الخارج. بطريقته الحماسية أبدى تشجيعه للعبة الحلوة ولو جاءت من النادى الأهلى (لأنه زملكاوى)، وأعطانا مثالا: بوتين وأردوغان، مع إبداء التحفظ على سلوكهما، اللعبة الحلوة بالنسبة لبوتين، رده على من انتقد عدم وجود منافسين له فى الانتخابات الرئاسية بقوله: «ليس دورى إيجاد منافس، ولكن هذا دور المعارضة»، كما ذكر أن الشرطة الروسية قبضت على المعارض الروسى «أليكسي نافالني»، ولم تقم الدنيا وتقعد مثلما يحدث عندنا، وبالنسبة لأردوغان، فلقد غزت القوات التركية منطقة عفرين السورية، وعيّن أردوغان ولاة في 3 مدن بشمال سوريا، وكل هذا تحت أعين الرئيس بشار الأسد والنظام العالمى.

(2)

اقتطاع الأحداث من سياقها لا يفيد بالعكس يضر بمهنية الإعلام ومصداقيته ويشوه الوعى، وهنا أعود لما ذكره «أديب» عن أن بوتين يتشابه مع السيسى فى عدم وجود منافس وتعامل الشرطة الخشن مع المعارضة، ولا أعرف لماذا تجاهل ذكر المظاهرات التى ضمت آلاف الروس واندلعت في أكثر من 100 مدينة روسية احتجاجا على ترشح بوتين لولاية رابعة، وطالب المتظاهرين بمقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 مارس القادم، ووصفوها بأنها خدعة. هذه المظاهرات خرجت رغم رفض السلطات المحلية إعطاءها تصريحا، وتم تعامل الشرطة الروسية مع المتظاهرين باحترافية عالية ودون عنف، وأعتقد أن هذه هى اللعبة الحلوة، بوتين وأردوغان يدركان أنه لابد من ترك مساحة محسوبة للتنفيس، وهو ما لايحدث فى مصر، فهناك إصرار غريب من النظام على قمع أى نوع من أنواع التظاهر، ومنع الأصوات المعارضة للرئيس من الظهور فى الإعلام المرئى بل محاولة إخراجها من المجال العام. العام الماضى وفى الذكرى الأولى للانقلاب العسكرى فى تركيا تظاهر عشرات الآلاف من الأتراك لمدة ثلاثة أسابيع، قطعوا خلالها مسافة 250 ميلا دفاعاً عن الديمقراطية ورفعوا شعار «مسيرة من أجل العدالة» وكانت الشرطة تحميهم.

لم يؤثر ذلك على أردوغان ولم يقوض حكمه فى إيران، كانت هناك مظاهرات شعبية حاشدة ضد النظام، لكنها لم تسقط حكم الملالى رغم الدعم الإعلامى والسياسى الغربى لهذه المظاهرات، كل أنظمة الحكم لها معارضين، الأنبياء والرسل كان لهم معارضون، الله نفسه هناك من ينكر وجوده، فلماذا يجد النظام الحالى أن معارضته كارثة ستؤدى لانهيار الدولة المصرية وسقوطها؟، الأنظمة لا تسقط بالمعارضة ولكن تسقط لفشلها فيما وعدت به شعوبها وتفريطها فى حق الوطن والمواطن، وحين تستعدى كل الفئات عليها ولا يعد لها مؤيدون على الأرض.

(3)

بالعودة إلى ما ذكره «أديب»، عن ما يحدث فى الشمال السورى على يد أردوغان، والمقصود به تذكيرنا بالنعمة التى نعيش فيها: جيشنا وطني قوى قادر على الحفاظ على أرضنا وحدودنا، وهذا شىء جيد لكن لاعلاقة له بما يحدث فى سوريا، فما يحدث هناك حرب عالمية مصغرة، وليست تركيا وحدها التى تعتدى على سيادة سوريا ولكن هناك أطرافا إقليمية ودولية عدة لها قواعد وقوات موالية وتابعة لها تدير الأمر على الأرض بعيدا عن سيطرة النظام السورى، وهذا حدث من قبل فى العراق، بعد الغزو الأمريكى. أنا لا أدافع عن التدخل التركى بل أراه مخزيا، ولكننى أجد أن النظام العالمى كله فاشل ومخزى ولا يسير وفق أى معايير أخلاقية، يرفع سلاح حقوق الإنسان والديمقراطية فى وجه الدول الضعيفة والتابعة فقط. وهنا لابد أن نكون واقعيين وصادقين حين نعلق على الأحداث، وحين نقارن أنفسنا بروسيا وتركيا، لأن هناك فرقا، روسيا تتعرض لعقوبات اقتصادية من أمريكا وعدد من الدول الأوروبية منذ ضمها شبه جزيرة القرم التى كانت فى حيازة أوكرانيا، ورغم ذلك لم تنهار بل وسعت دائرة نفوذها على حساب الغرب، وكذلك تركيا، التى تلقت صفعة قوية بعد رفض انضمامها إلى الاتحاد الأوروبى، فسارعت بالبحث عن حلفاء جدد خارج المعسكر الغربى يساندونها فى مشروعها. «روسيا بوتين» استطاعت أن تستعيد بعضا من نفوذ ودور الاتحاد السوفيتى السابق، و«تركيا أردوغان» أثبتت أنها لاعب إقليمى لا يمكن إغفاله، وهى متواجدة عند التخطيط لمستقبل سوريا وفيما يخص أى تسوية لأكراد سوريا والعراق، ولم يحدث هذا إلا بعد أن نجحت الدولتان فى تحسين الاقتصاد ونموه على يد الزعيمين بوتين وأردوغان.

(4)

مصر مكبلة بأعباء ضخمة، لم تستطع أن تقدم نموذجا يحتذى به فى التنمية الاقتصادية أو التحول الديمقراطى بعد ثورة يناير، توسيع نطاق النفوذ له مقومات لا نمتلكها الآن، ولذا علينا أن نتعامل بواقعية مع وضعنا فى المنظومة العالمية التى لا تعترف إلا بالأقوياء وأصحاب النفوذ، كما طالبنا السيسى فى التعامل بواقعية مع فقرنا، علينا أن لا نطالب العالم أن يرانا بصورة غير حقيقتنا فليس لدينا أدوات ضغط أو نقاط قوة، لكن لدينا وسيلة متاحة أن نكون بالفعل ما نريد أن يكتب عنا: دولة تلتزم بالدستور والقانون والحريات وتحارب الفساد وتحترم مواطنيها وتحميهم.

(5)

السيسى (المرشح الرئاسى) قدم لنا فى مؤتمر «حكاية وطن» قائمة طويلة بإنجازاته، لكننا ننتظر أن يقدم لنا مراجعة عن الأخطاء التى حدثت فى فترة ولايته الأولى، وكيف سيتعامل مستقبلا مع حرية التعبير وحيادية الإعلام، وهل سيستمر الأمن فى رفض التظاهر وتعقب شباب الأحزاب والمعارضة؟ مصر ستظل تواجه الإرهاب ومؤامرات دولية، ونجاح النظام الحاكم يظهر فى كيفية إدارة هذه الصراعات بحكمة معاوية ودهاء مكيافيلى وليس بغطرسة صدام أو حماقة القذافى.

نقلا عن المصري اليوم القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين وأردوغان والسيسى مقارنات مضللة بوتين وأردوغان والسيسى مقارنات مضللة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon