توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وجع المصريين

  مصر اليوم -

وجع المصريين

بقلم : مي عزام

(1)

كثيرة هي الأخبار التي نتابعها، قليل منها يستحق التأمل والدراسة لأنه مرتبط بمسار المجتمع وغاياته، في الأسبوع الماضى كان هناك خبران من هذه النوعية أحدهما عن أم تعذب ابنتها بالنار لتأديبها ومنعها من نقل أخبارها إلى أهل والدها، والآخر عن زوجة مغنٍّ شعبى ألقت بطفليها في بئر سلم العمارة التي تسكنها لأن الزوج لا ينفق عليهم ولا يريد الاعتراف بطفله الأخير. هذه الأحداث المؤلمة تتكرر كثيرا مؤخرا وتمثل وجعًا للمصريين.

(2)

ماذا نفعل بعدها؟

لا شىء، المجتمع المصرى يغسل يديه من هذه الحوادث بتعامله معها على أنها حوادث فردية وليست ظاهرة، وأن أولئك النسوة لا تستحق أي منهن لقب «أم»، فقلوبهن نزعت منها الرحمة.

لا أحد يفكر في دراسة حالتهن، لمعرفة الدوافع والضغوط التي أدت بهن إلى هذا السلوك الفظ المضاد للفطرة السليمة، معظم الحالات التي تصل إلى محاضر الشرطة تكون لأسر تعيش ظروفًا اقتصادية صعبة وغير مهيأة نفسيًا لاستقبال أطفال، لكن بحكم العادة وقلة الوعى تعتقد الزوجات أن إنجابهن لطفل يحقق لهن الاستقرار مع الزوج، وهو أمر أصبح محل شك كبير بمتابعة نسب الطلاق المتنامية، وينتهى الحال بالزوج، الذي يعجز عن الوفاء بمسؤوليات أسرته، بالهرب من منزل الزوجية تاركًا وراءه زوجة لا حول لها ولا قوة، لا تعمل وليس لديها حرفة تغنيها عن العوز، وتصبح الزوجة مسؤولة عن إعالة نفسها وأولادها ودفع الفواتير الشهرية، وعادة ما تكون أسرة الزوجة أيضا فقيرة، فلا يستطيع والداها مساعدتها أو استضافتها هي وأولادها. الضغوط قد تخرج الناس عن طبيعتهم، الفشل والإحباط يؤديان إلى خلل في السلوك، شحنات الغضب المكبوت غالبا ما يتم التنفيس عنها مع الضعفاء، وغالبًا ما يكونون أطفالاً، وخاصة الإناث منهم.

(3)

الطفل ليس مسؤولية والديه فقط، لكن جزء من هذه المسؤولية يتحملها المجتمع ومؤسسات الدولة. المجتمع المصرى فقد جزءا كبيرا من قيم التكافل الأسرى التي كانت تميزه، واكب ذلك تخلى الدولة عن دورها في تقديم الخدمات الأساسية بسعر مدعم، لم يعد أحد يريد أن يتحمل مسؤولية غيره، ونتيجة عدم الشعور بالأمان والاستقرار الاقتصادى، حدث تراكم كمى من الضغوط أدى إلى تغير نوعى وكيفى في الشخصية المصرية: رجالا ونساء.

(4)

مصر الدولة أدمنت التهاون مع الظواهر الاجتماعية، تتعامل معها بالقطعة وبأسلوب طفاية الحريق، دون التفكير في دراستها ووضع استراتيجية طويلة المدى للتعاطى معها ووضع حلول لها. الأمر فيما يخص الأسرة المصرية جد خطير، التباين بين المصريين يزداد وضوحا عاما بعد عام. المشتركات تقل والاختلافات تزيد، بدءا من التعليم الابتدائى المنقسم لحكومى وأزهرى وخاص ودولى. الاختلاف بين شخصية وسلوك الطفل المصرى البسيط وقرينه القادر- يكون بسبب الاختلاف بين المناهج التعليمية وأسلوب التدريس، بالإضافة إلى الظروف الأسرية. الطفل الفقير غالبا ما يتعرض للمهانة والقسوة والحرمان، في حين أن الأسر مستورة الحال والميسورة والثرية تحاول بكل طاقتها خدمة أطفالها وتوفير احتياجاتهم الأساسية والترفيهية، وربما ذلك يؤدى لعدم اعتماد هؤلاء الأطفال على أنفسهم مستقبلا.

(5)

أغلب الأسر المصرية فقدت معايير التربية الرشيدة، والإعلام للأسف ليس له دور في إبراز مفاهيم الأسرة السوية وكيفية رعاية الأطفال. معظم برامج الأسرة موجهة للمرأة المتعلمة العاملة والأسر الميسورة، لا توجد برامج تخاطب المرأة المصرية البسيطة التي لا تقرأ ولا تكتب، تلك التي تعيش على هامش الحياة، ولا ننتبه لها إلا حين نقرأ عنها في صفحة الحوادث ونندهش من سلوكها الفظ.

التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، نتعلم في طفولتنا النظافة، السلوك المهذب، العطاء وحب الخير، نتعلمها كما نتعلم التحرش، البذاءة، العنف، عدم احترام الآخر وحتى الإرهاب.

ما يحدث في مجتمعنا من ظواهر لا نرضى عنه مسؤوليتنا جميعا وفى المقدمة الحكومة، ولن ينصلح حال مصر إلا إذا انصلح حال المصرى، وصلاحه يبدأ من الأسرة وخاصة سلوك الأم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجع المصريين وجع المصريين



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon