توقيت القاهرة المحلي 06:00:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مقتل خاشقجى.. قنبلة الدخان

  مصر اليوم -

مقتل خاشقجى قنبلة الدخان

بقلم - مي عزام

ستطوى الذاكرة خبر مقتل خاشقجى بعد حين، وسيقوم النسيان بدوره المعتاد، وستحصى الدول المعنية خسائرها وغنائمها، فمقتل خاشقجى مثلث أضلاعه: السعودية، تركيا وأمريكا، وسيتجلى بعد حين الجزء الغاطس من قمة جبل الجليد.. لنكتشف أن الأمر أكبر من مقتل معارض وأهم من تحقيق العدالة وتهدئة الضمير العالمى.

(2)

تذكرنى قضية خاشقجى بمسرحية الملك لير، وهى مأساة بكل ما تحمله الكلمة، فكل أبطالها الضالعين فى لعبة السلطة كان مصيرهم الموت: من تخلى عنها بحثا عن حق الرفاهية بلا مسؤولية، ومن تلقفها مخادعا وأرفق بها شهوة النفس وجحودها، ومن حُرم منها لقلة حكمته وعدم مرونته، ومن حصل عليها بالمؤامرة ونسج الأكاذيب.. الناجون الثلاثة هم من رفضوا اللعبة من البداية ولم تنزلق أقدامهم فى الغواية.

(3)

مقتل خاشقجى غواية، مثل للسعودية امتحانا، أسئلته إجبارية وعليها أن تجيب لتتجاوزه، وبالنسبة لتركيا كان فرصة للتفاوض حول مكاسب سعت إليها، وبالنسبة لأمريكا وسيلة للضغط للحصول على ما لم تعلن عنه بعد.. أما قطر الإمارة الصغيرة صاحبة صوت الجزيرة العالى، فهى تحاول أن تستفيد من الأمر على طريقة إدموند فى مسرحية الملك لير.

(4)

مقتل خاشقجى تم التعامل معه بنفس أسلوب قنبلة الدخان، التى تلقيها الأجهزة الأمنية لتفريق المتظاهرين، والتى تؤثر على وضوح الرؤية، فماذا بعد أن تنقشع آثار الدخان؟ وما المستجدات التى سنفاجأ بها على أرض الواقع؟

رغم بشاعة الحادث وهمجيته إلا أنه أثبت من جديد أن العلاقات بين الدول تقوم على المصالح فقط، فليس هناك عدو دائم ولا صديق أبدى، وأن المرونة وسرعة الاستجابة للأحداث واستغلال الفرص المتاحة من سمات الزعيم السياسى الناجح حتى لو اختلفنا معه أخلاقيا، ولقد تابعنا نجاح أردوغان فى إدارة المشهد داخليا وعالميا، وأخيرا أثبت أن ثقة المحكومين فى الحاكم والرضا الشعبى عنه، هما صمام الأمان الوحيد لاستقرار الحكم واستمرار شرعيته، والمعارضة جزء لا يتجزأ من الشعب، وعلى أى حاكم أن يدرك أن محاولة إزاحة المعارضة بالقوة الغاشمة ممكنة، لكن نتائجها غير مضمونة العواقب، كما أن فوائدها أقل من الخسائر الناتجة عنها، فهى تشوه صورته وتحجب إنجازاته.

(5)

الحديث عن التغيرات التى ستشهدها المملكة وإعادة ترتيب البيت السعودى تكهنات لا يملك أحد تأكيدها أو نفيها، وفى النهاية أهل مكة أدرى بشعابها، ولكن أريد هنا أن أتحدث عن مصر، التى أعلنت رسميا مساندتها للمملكة، والأخيرة حليف لمصر ومواقفهما تجاه العديد من الملفات الإقليمية متطابقة، فماذا لو حدث تعارض بينهما مستقبلا جراء تفاهمات بين المملكة وتركيا وحليفتها قطر؟ ماذا سيكون موقف مصر واستجابتها للأمر، من المؤكد أن السيسى يراقب ما يحدث عن كثب، ولديه من المعلومات ما ليس فى حوزة أى كاتب أو محلل سياسى، والمؤكد أيضا أنه يبحث كل السيناريوهات والبدائل حيال المستقبل القريب، والذى أعتقد أنه سيشهد متغيرات على الساحة الإقليمية والدولية، فالعالم كله ينطبق عليه عبارة «بطنه مفتوحة» أمريكا وحربها الباردة مع الصين، صعود اليمين الشعبوى، صراعات الهوية، أزمة المهاجرين، حرب الأسواق، النظام العالمى الذى أوشك على الانهيار وما سيتبعه من تغيرات فى مناطق النفوذ والقوى المهيمنة.

(6)

العالم الذى نعيش فيه يموج بالتغيرات والتقلبات، ومصر جزء منه، ولا عاصم لها من هذه التقلبات إلا بوحدة وتماسك الجبهة الداخلية وقدرتها على التحمل والصبر، وهذه الجبهة تتعرض لضغوط هائلة بفعل أطراف خارجية وأخرى داخلية وهى الأكثر تأثيرا والناتجة عن ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق وأيضا القيود على حرية التعبير ومشاركة المجتمع المدنى وتجريم حق المعارضة فى التعبير عن رؤيتها لمستقبل مصر جنبا إلى جنب مع الحكومة، رغم أن كليهما هدفه المعلن خير مصر، فقدان الثقة بين الطرفين يجب أن ينتهى، والحفاظ على التماسك والسلام المجتمعى يجب أن يكون أهم أهداف النظام والحكومة وهو السبيل الوحيد لاستقرار حقيقى يحقق التنمية والإنجاز ولنا فى مقتل خاشقجى مثال.

نقلا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقتل خاشقجى قنبلة الدخان مقتل خاشقجى قنبلة الدخان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:49 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف
  مصر اليوم - سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف

GMT 10:29 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

نيكول سابا تعلق على دورها في "وتقابل حبيب"
  مصر اليوم - نيكول سابا تعلق على دورها في وتقابل حبيب

GMT 01:34 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

دعاء اليوم الثامن من رمضان

GMT 09:10 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

GMT 19:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش

GMT 02:52 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

السعودية تعلن ارتفاع استثماراتها في مصر 500%

GMT 22:37 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

العثور على جثة مواطن مصري متعفن داخل شقته في الكويت

GMT 19:36 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

اغتصاب وقتل طالبة إسرائيلية على يد مغني

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إيناس إسماعيل تُقدِّم طريقة بسيطة لتصميم ماكيت الكريسماس

GMT 06:31 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

طريقة سهلة لتحضير محشي ورق العنب بلحم الغنم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon