بقلم : مي عزام
أحيانا أكون من الحالمين، الرافضين للواقع لأن الحياة أكبر منه، وأنا أعتقد أننا نعيش لحظة عابرة في عمر الزمن، وستأتى لحظات أخرى تحمل واقعا مختلفا وحياة جديدة، وسيكون لدينا رئيس يسير على نهج طه حسين حين قال: «أنا بصير بغيرى» فلا يجد غضاضة في الاستعانة بأهل العلم والخبرة وليس أهل الثقة والمحاسيب، رئيس يجد في الاختلاف ثراء وفى التنوع ميزة. ولأننى من الحالمين كما سبق وقلت، أتصور أنه من الممكن أن يقرأ الرئيس القادم هذه النصائح وينتفع بها فهى تجميع لنصائح ذكرت كثيرا، ولكن التكرار يعلم الشطار والأمل لا يموت..وهذه هي النصائح:
(1)
الأولى: نصيحة كيسنجر، حين سأله الصحفى الأمريكى جيفرى جولدبرج: ما هي الأشياء التي تنصح بها الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة الأمريكية؟ «كان السؤال ضمن حوار طويل أجراه مع كيسنجر نشر في صحيفة "ذى أتلانتيك" الأمريكية أوائل فبراير 2016 وقبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية وفوز ترامب، أجاب كيسنجر: "يجب أن يسأل الرئيس القادم نفسه ما هي الأشياء التي نسعى لتحقيقها؟، وما هي الأشياء التي نحاول أن نتجنبها، حتى لو كان يجب عليه محاربتها وحده؟ والأجوبة عن هذه الأسئلة هي الركائز الأساسية لسياستنا الخارجية، والتى ينبغى أن تُشكل أساس القرارات الاستراتيجية التي يتخذها أي رئيس".
هذا السؤال يستحق أن يوجه إلى الرئيس القادم، وأن تكون الإجابة واضحة في ذهنه، وأن تصل للمصريين جميعا حتى نعرف بدقة من هم حلفاؤنا الداعمين لنا ومن الذين يلتزمون الحياد حيالنا ومن الذين يناصبوننا العداء، وأن يلتزم الرئيس القادم في استراتيجيته معايير واضحة تقوم على مصلحة مصر والقيم التي تلتزم بها.
(2)
النصيحة الثانية: النهوض بالتعليم، لا يمكن لمصر أن تخرج من عثرتها الاقتصادية وتخلفها المعرفى دون تعليم إلزامى جيد، والمنظومة التعليمية المطلوبة تبدأ بتغيير الصورة الذهنية عن التعليم، خلال عقود الانفتاح الاقتصادى الذي وصفه الكاتب أحمد بهاء الدين بالانفتاح السداح مداح، تراجعت قيمة العلم أمام اللهاث وراء المكسب السريع ولو كانت بطرق ملتوية وغير قانونية، وهو ماجعل من الفساد والرشوة والمحسوبية أسلوب حياة في مصر.
الدولة التي تبجل قيمة العلم وتحترم العلماء، يجب أن تظهر ذلك بأفعال لا أقوال، وأن تبدأ في تنفيذ استراتيجية إعلامية تعيد للعلم اعتباره، في نفس الوقت يتم تحديث المناهج وبناء مدارس جديدة والاهتمام بتطوير المعلم وإيجاد أساليب تعليمية غير تقليدية تستغل ثورة المعلومات وأجهزة الاتصال الذكية.
(3)
النصيحة الثالثة: احترام الحريات وحقوق الإنسان، فهما صمام الأمان في أي مجتمع والسبيل الحقيقى إلى استقراره وتحقيق مفهوم المواطنة. يدهشنى التزام النظام المصرى بتعليمات صندوق النقد الدولى، وتنفيذها حرفيا: تعويم العملة الوطنية، ورفع الدعم عن الخدمات الأساسية والخصخصة، دون معارضة بسبب الآثار السلبية لتلك السياسات والتى رفضها مهاتير محمد، في حين يرفض النظام أي انتقادات من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان عن حال الحريات وحقوق الإنسان في مصر، ويعتبرها تتدخل في الشأن الداخلى متعللا بأن لكل مجتمع خصوصياته.
(4)
النصيحة الرابعة: العمل بكل جدية على تحسين جودة الحياة، التركيز على إنجاز المشاريع الضخمة دون التفات إلى تحسين جودة حياة الناس لا يجعلهم يشعرون بها، مشكلة النظافة في مصر والتخفيف من تلوث العاصمة بإنشاء حدائق عامة في الأحياء، خاصة الفقيرة والعشوائية التي تفتقر لوجود متنفس يصب في تحسين الحياة، كذلك الاهتمام بنشر ثقافة الجمال، بتجميل ميادين مصر والحرص على وجود تماثيل جميلة بها، حل الأزمات المرورية، تحسين حال وسائل النقل العام والقطارات، فحالتها مزرية ومزدحمة، تخفيف معاناة المواطنين في المصالح الحكومية بتنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية، الفساد والرشوة والمحسوبية تكدر حياة الناس ومحاربتها بقوة وحزم والقضاء عليها سيحسن الحياة ويدعم الانتماء.. إيجاد حلول سريعة لمشاكل البطالة ورفع المعوقات أمام المشروعات الصغيرة، السيطرة على الأسواق ومراقبة جشع التجار، حتى لا يعانى الناس من نقص السلع الأساسية والارتفاع المستمر في أسعارها...وغيرها.
( 5)
النصيحة الخامسة: الاهتمام بقوة مصر الناعمة: الفن، الثقافة، الأزهر، الإعلام وأيضا السياحة، السياحة ليست فقط مصدرا للدخل ولكن المزارات الأثرية المصرية جزء من صورة مصر الخارجية وقوتها الناعمة فهى دولة صاحبة حضارة، ويجب إزالة المعوقات التي تشوه هذه الصورة، القوة الناعمة تتمثل أيضا في تقديم نموذج حياة جيد يحتذى به وتجارب اقتصادية ناجحة ومنظومة قيم تتوافق مع التراث الحضارى والدينى للمجتمع ومنظومة القيم المعاصرة.
(6)
النصيحة السادسة: أن لا يكلف الجيش المصرى بأعباء ومسؤوليات ليست ضمن وظائفه الأساسية، وقد تساهم في انخفاض أسهمه عند العامة، جيش مصر وطنى قوى، مهمته الحفاظ على أرض الوطن وتأمين حدوده، وكذلك تأمين الداخل في حال تعرض البلاد لأى مخاطر تهدد أمنه واستقراره.
(7)
النصيحة السابعة: عودة وزارة الإعلام، حتى يكون وزيرها مسؤولا عن وضع استراتيجية الإعلام المصرى، خاصة أن أغلب وسائل الإعلام الآن تابعة لمؤسسات الدولة. تعدد الجهات والأجهزة التي تقوم بالتوجيه الإعلامى جعلت الإعلام المصرى يعيش في فوضى حقيقية، فهو كالجسد الضخم بلا رأس، في حال وجود وزير إعلام سيكون هناك من يمكن محاسبته وتحميله مسؤولية هذا الإخفاق.
(8)
النصيحة الثامنة: الشفافية وحرية تداول المعلومات، مصر محرومة من حرية تداول المعلومات والشفافية، وهو ما يتسبب في الكثير من الشائعات ويفتح أبواب الفساد الإدارى والمالى، ويؤثر على الاستثمارات والثقة في الحكومة، الشفافية هي أول الطريق لمد جسور الثقة بين الشعب والسلطة التنفيذية.
(9)
النصيحة التاسعة: التواصل المباشر مع الشعب، تحديد موعد يقدم فيه الرئيس موجزا عن ماتم خلال الفترة الماضية، ويجيب عن مايشغل الرأى العام، ويتحدث عن القرارات والأعمال المزمع القيام بها مستقبلا.
(10)
النصيحة العاشرة والأخيرة: لا تفرح بالمنصب.. ولا تحزن عليه، لودام لغيرك ماوصل إليك.. والله المستعان.
نقلا عن المصري اليوم