توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسالة «ماكرون» وسؤال الحكم

  مصر اليوم -

رسالة «ماكرون» وسؤال الحكم

بقلم - مي عزام

(1)

وجه الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، رسالة لشعبه بشأن فتح حوار وطنى موسع، يرتكز على أربع نقاط: القدرة الشرائية، والضرائب، والديمقراطية، والبيئة.

وأكد عدم تراجعه عن تخفيض الضريبة على الأغنياء لجذب الاستثمارات التى كانت ضمن برنامجه الانتخابى.

وتأتى فكرة الحوار لبحث سبل الخروج من الأزمة التى تسببت بها حركة «السترات الصفراء» والتى مازالت نشطة وقادرة، بعد مرور شهرين على بدايتها، على حشد الآلاف الغاضبة.

ماكرون ابتلع كبرياءه محاولًا تدارك تداعيات الموقف. وفى تغريدة له حث الفرنسيين على المشاركة فى الحوار و«تحويل الغضب إلى حلول».

(2)

فئات عديدة فى المجتمع الفرنسى تتشكك فى جدوى هذا الحوار الذى لم يعلن بعد عن أدواته وكيف سيكون، من بينها أحزاب معارضة تجد أنها مراوغة من الرئيس لكسب الوقت ووأد حركة السترات الصفراء. بعض أعضاء السترات الصفراء يؤكدون على ضرورة أن يكون النقاش فى الشارع، وليس فى قاعات مغلقة أو عبر الإنترنت، وهذا يدل على عدم ثقتهم بما يمكن أن يحدث بعيدا عن أعينهم، وفى الوقت نفسه يؤكدون أن حكم الشعب لا بد أن يرد له، ولا يقتصر دوره على التصويت عبر صناديق تهدر رأى الأقلية، وهم جزء من هذا الشعب، وبذلك تتحول الديمقراطية لديكتاتورية الأغلبية، مقابل الأقلية المعارضة. حصل ماكرون فى جولة الإعادة على أصوات 66% من الشعب الفرنسى، بمعنى أن أكثر من ثلث الفرنسيين لم يوافقوا على برنامجه الانتخابى، ولم يصوّتوا له. هؤلاء يروون أنه يتم تجاهل طلباتهم المشروعة وحقوقهم كمواطنين من جانب السلطة التنفيذية.

(3)

ديمقراطية الصناديق بصيغتها الحالية لم تعد ترضى الشعوب فى الدول العريقة ديمقراطيًا، رغم شفافية ونزاهة العملية الانتخابية؛ فليس معنى وصول رئيس للحكم أن ينفذ أجندته الانتخابية، وكأنها نص مقدس بغض النظر عن عدم ملاءمتها للواقع ووجود ملايين المعارضين لها، هذا الموقف وقع فيه ماكرون بتخفيض الضريبة على الأغنياء ورفعها على البسطاء بزيادة أسعار المحروقات، وفعلها الرئيس الأمريكى ترامب بمطالبته بإقامة جدار على حدود المكسيك، رغم رفض نواب الشعب الأمريكى، وتفعله رئيسة الوزراء البريطانية، تريزا ماى، بتمسكها بمفاوضات البريكست على نحو يرفضه البرلمان.

(4)

«الفرد هدف توجد الدولة من أجله، لا وسيلة تنجز الدولة أغراضها به» كما قال كونفوشيوس الذى أجاب حين سُئِل عن طريقة إدارة الدولة قائلا: «ما يكفى من الغذاء، ما يكفى من العتاد العسكرى، وثقة الناس بالحاكم. فسأله تلميذه: وإذا أردنا أن نحذف من هذه الثلاثة واحدة. قال: نحذف ما يكفى من العتاد العسكرى. فسأله تلميذه مرة أخرى: وإذا أردنا أن نحذف من الاثنين واحدة. قال: نحذف ما يكفى من الغذاء؛ فالإنسان ميت لا محالة، لكن لا يمكن تأسيس دولة دون ثقة الناس بالحاكم!».

(٥)

ثقة الناس داخل فرنسا وبريطانيا وأمريكا اهتزت بالحاكم، ويبحثون الآن عن وسائل جديدة تمنع تغول الأغلبية على الأقلية وتسلط السلطة التنفيذية والحد من احتكارها للقرارات المصيرية. على الحاكم هنا أن يدرك الخندق الذى يقف فيه، ويقبل التحديات التى تواجهه، ومنها تنفيذ برنامجه الانتخابى. الرئيس القوى الحكيم هو الذى يتمتع بالحكمة والحنكة والمرونة والشجاعة التى تسمح له بالتراجع عن قراراته التى يرفضها الناس ليفوز بثقتهم.

(٦)

هذا حال الدول الديمقراطية. أما الدول النامية، فيجب على حكامها الإنصات لكونفوشيوس، حينما سُئل: هل يمكن القضاء على الدولة بجملة واحدة؟ قال: «إذا قلتُ قولًا صائبًا، ولم يعارضْنى أحد، أليس ذلك أمرًا جيدًا؟! وإذا قلتُ قولًا خاطئا، ولم يعارضْنى أحد، ألا يعنى هذا القضاء على الدولة بجملة واحدة؟».

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة «ماكرون» وسؤال الحكم رسالة «ماكرون» وسؤال الحكم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon