توقيت القاهرة المحلي 09:08:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القوانين في خدمة المجتمع وتطبيقا لقيمه

  مصر اليوم -

القوانين في خدمة المجتمع وتطبيقا لقيمه

بقلم : مي عزام

  (1)

 ماالذى يعطى للقيم قوة ومكانة في المجتمع؟

ولماذا تختلف القيم من عصر لآخر ومن مكان لآخر؟
 
وهل القيم سابقة لظهور الأديان أم أن وجودها مرتبط بالأديان ووصايا الرب؟

(2)

الدراسات التاريخية تقول إن القيم والعرف والأخلاق، سبقت وجود الأديان السماوية وأيضا أطروحات المفكرين والمصلحين. بعد أن عرف البشر معنى الاستقرار والزراعة إلى جانب الصيد، واجتمعوا في مكان واحد، ومع زيادة اعدادهم بالتناسل ظهرت إشكالية: تعارض الإرادة الفردية مع الجماعة وضرورة ترويض القوة، حتى لا يتسبب هذا التعارض في هلاك المجتمع الوليد. وعى المجتمعات البدائية سبق النظريات السياسية، في إدراك أهمية تماسك الجبهة الداخلية، ولذا وضعت عقوبات رادعة لمن يتسبب في ذلك، كان أهمها نبذه وإجباره على الرحيل الذي كان يعرض حياته للفناء، كما تم استخدام السحر والأساطير لترويض هؤلاء العصاة.

(3)

بنمو الوعى الإنسانى ومع التوسع في الزراعة واختراع أدواتها وتوصل البشر لكيفية بناء المنازل وتخطيط المدن ووضع حدود لها وتسويرها لحمايتها، تطورت القيم والأعراف واتخذت صورة قوانين يلتزم بها أهل المدينة ومن يدخل إليها.

(4)

الحاجة للجماعة وأهميتها هي أصل الأخلاق والقيم، والأديان السماوية الثلاثة كلها رسخت ذلك، وتمثلت رسالتها في إصلاح أحوال الفرد والمجتمع، بوضع دستور أخلاقى يعظم قيم المحبة والسلام والتسامح والعطاء والعدل والمساواة..الخ، وينهى عن الأفعال التي تؤدى لشقاق المجتمعات مثل القتل والسرقة والخيانة وغيرها. الأوامرالسماوية تميزت عن القوانين الوضعية بأن عقاب الدنيا يليه حساب في الآخرة بين يدى الله.

(5)

مع تطور الحضارة الإنسانية ووصولا للعصرالحديث، تطورت حياة المجتمعات وكذلك القوانين والقيم، وصلنا لقيم وقوانين عالمية لا خلاف عليها، لكن هناك اختلافات بين الدول في بعض القيم والقوانين ويعود ذلك لاختلاف الثقافات والعادات. وهذا شىء طبيعى، القوانين تعبير عن قيم المجتمع، والقانون الذي يتعارض مع ذلك، لا يجد قبولا بين الناس، حتى لو ارتضوه في العلن، لن يطبقوه في الخفاء وسيحاربوه.

(6)

في مصر، لم تعد منظومة القيم الحاكمة واضحة للأذهان، فهناك ارتباك شديد في قيم المجتمع رغم تدين المجتمع ظاهريا، ولابد من الاستقرار على سلم القيم المجتمعى، فمنظومة القيم الحالية تحتاج مراجعة، وعلينا أن نفعل ذلك في البداية وأن يخطط عقلاء مصر النابهين للمنظومة الجديدة ويشرعون القوانين طبقا لهذه المنظومة التي تتوافق مع بنود الدستور الذي ارتضيناه، حتى يكون تطبيق القانون مسرعا لتنفيذ هذه القيم وليس متعارضا معها.

(7)

الرئيس تحدث أكثر من مرة عن ضرورة تماسك الجبهة الداخلية، وهذا صحيح، والسؤال كيف نحقق هذا التماسك ونستعيد الثقة بين المصريين؟

الدولة تتعا��ل مع المواطن على أنه مذنب حتى يثبت براءته وليس العكس، ويصل الأمر أن تطلب المعاشات من المواطن شهادة تثبت أنه على قيد الحياة من اثنين موظفين مشفوعة بختم النسر حتى تستمر في صرف معاشه المستحق!.

الضرائب مرتبطة دائما بما يقدم للمواطن من خدمات، ولذا نجد التهرب الضريبى في الدول المتقدمة قليل ويعد من أكثر الجرائم المستنكرة مجتمعيا، لأن المتهرب يأخذ حق آخرين بحصوله على الخدمات دون دفع ثمنها، وهنا ينتفض المجتمع لردع هذا المتهرب لأنه يحمى حقه، لكن في مصر،عند فرض ضرائب جديدة، يشعر المواطن أنها مجرد جباية ويحاول التهرب منها بكل الطرق لأنها لاتعود عليه بفائدة، الدولة تحصل مبلغ شهرى من المواطن كنسبة من فاتورة الكهرباء لحساب النظافة، وهى خدمة لايحصل عليها وبالرغم من ذلك مازال يدفعها قسرا، ولم نجد محاولات جادة من المحافظين لحل مشكلة النظافة في محافظات الجمهورية.هذه الأمثلة رغم بساطتها تؤدى لخلل في منظومة القيم، لأن الشك والتملص من القانون يمارسه المواطن والدولة.

(8)

الخلاصة: إن أردنا للمواطن أن يكون حريصا على تطبيق القانون، فيجب أن يكون القانون لمصلحته ومتفقا مع قيمه، وإن أردنا أن نغير هذه القيم، وهذا وارد، فيجب أن يكون هذا وفق خطة مدروسة ومتكاملة وشاملة، ويتم إعلام المجتمع بها وترويجها على شرط أن تكون لصالح المجتمع فعلا، وأن تسن القوانين الجديدة لدعم هذه القيم... أما غير ذلك فسيجعلنا دولة تشرع قوانين لا تزيد قيمتها عن الحبر الذي كتبت به.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القوانين في خدمة المجتمع وتطبيقا لقيمه القوانين في خدمة المجتمع وتطبيقا لقيمه



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon