(1)
استمعت إلى كلمة المهندس مصطفى مدبولى التى وجهها لمجلس المحافظين الجدد مؤخرا، وأشار فيها لدور الحكومة الأساسى، وهو خدمة المواطن، وضرورة تحسين جودة الحياة حتى يشعر المصرى بالتغيير، ونبه إلى أن المحافظ عليه التواجد بين أبناء المحافظة لمعرفة مشكلاتهم والعمل على حلها، وأكد على صلاحية المحافظ الواسعة والتى تمكنه من الإشراف على المشروعات القومية الجارية فى محافظته.
كما حدد مدبولى ثلاثة ملفات سيتتم العمل عليها، خلال الشهور الثلاثة القادمة: تحسين حال الطرق، وإنارة الأعمدة، ورفع القمامة بسرعة وبصفة دورية، كما وعد بتغيير شامل فى منظومة القمامة والنظافة خلال عامين.
(2)
استحسنت كلام رئيس الحكومة عن تحسين جودة الحياة؛ فأنا ضمن شريحة كبيرة من المواطنين لم نشعر بأى تحسن فى حياتنا نتيجة المشروعات الكبرى التى يتم الإعلان عنها، التحسن فى خدمة الكهرباء ونجاح علاج فيروس «سى» هما المتغيران اللذان شعرنا بهما، ولمسا حياتنا.
أمثالى- وهم كُثر- ليسوا مستثمرين ولا رجال أعمال ولا من الطبقة المالكة، وهؤلاء لا يطمعون فى سوى تحسين جودة الحياة التى يعيشونها:
أن نسير على طرقات جيدة ليس بها حفر ولا مطبات.
وأن تلزم الدولة الجميع باحترام حق المترجلين فى وجود رصيف يسيرون عليه بمواصفات تمكن كبار السن من استخدامه.
وأن تكون الشوارع نظيفة، وليست مقالب قمامة عمومية.
وأن يتم التعامل بحزم مع ظاهرة التحرش.
وأن نأمن على أنفسنا فى المستشفيات العامة والخاصة.
وأن نؤمن لأولادنا تعليما جيدا.
وأن يتم التعامل معنا باحترام فى دواوين الحكومة، دون تقديم رشاوى أو وجود وساطة أو معرفة.
وأن تكون هناك حدائق وملاعب عامة فى كل حى... إلخ.
هذه التفاصيل الصغيرة هى التى تصنع جودة الحياة، وتجعل المواطن يشعر بالراحة فى وطنه، وهى لا تتوقف على وجود ميزانيات ضخمة، بل على وجود إرادة سياسية لتنفيذها واستراتيجية تحترم فقه الأولويات، فلا يمكن أن نستمر فى الإحساس بأن الحياة فى مصر عبء يستهلكنا.
(3)
كتبت كثيرا- كما كتب غيرى- عن ضرورة الاهتمام بملف القمامة ونظافة مصر؛ فالأمر ليس ترفا، وهو لا يؤثر فقط على حياة المواطنين وصحتهم، ولكن أيضا على صورة مصر ومكانتها السياحية.
لكن الحكومات المتتالية تعاملت مع ملف القمامة على اعتبار أنه مرض مزمن وقدر كتب علينا.
رئيس الوزراء الحالى ألزم نفسه بموعد سيشعر المواطن بعده بفرق فيما يخص تراكم القمامة فى الشوارع وسرعة رفعها.
وأرجو من رئيس الحكومة مراقبة مدى نجاح المحافظين فى تنفيذ ما وعد به؛ فمن قبل خرج علينا محافظ القاهرة السابق المهندس عاطف عبدالحميد بحملة دعائية دعمها فنانون وشخصيات عامة بعنوان: «خليك زى آدم.. ومترميش حاجة عَ الأرض».
المحافظ الذى أراد من القاهرىّ أن يكون مثل آدم لم يقدم تسهيلات ليقوم المواطن بالمطلوب منه، فى حين امتلأت شوارع العاصمة باللوحات الإعلانية خاصة بالحملة.
لم يحاسب أحد محافظ القاهرة السابق على نتائج حملته.. فآفة حارتنا النسيان.
(4)
أمام د. مصطفى مدبولى تحدٍ حقيقىّ، وهو استرجاع ثقة المواطن بوعود الحكومة.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع