توقيت القاهرة المحلي 21:14:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أرقام مصرية

  مصر اليوم -

أرقام مصرية

بقلم : د. عبد المنعم سعيد

 الأسبوع الماضى كان أسبوع الأرقام المصرية، والمناسبة كانت زيارة بعثة صندوق النقد الدولى الدورية لتقييم حالة الاقتصاد المصري، والتمهيد لدفع الشريحة الرابعة من قرض الصندوق لمصر والبالغة 12 مليار دولار. والجوهر أن قيادة البعثة والسيد «ليبتون» خاصة لم يبخل فى الحديث، ومعه باقى الفريق كل فيما يخصه، وكان ذلك فاتحا للشهية لدى القيادة المصرية كلها من الرئيس السيسى إلى رئيس الوزراء إلى الوزراء إلى قيادة البنك المركزي؛ وكأن كل ذلك لم يكن كافيا فقد كانت هناك أيضا زيارة من البنك الدولى أضافت للاحتفال بالأرقام المصرية احتفالا آخر. الأرقام كلها كان فيها شعور بالارتياح أن الاقتصاد المصرى استجاب للعلاج المر، وجاء المردود على كل المؤشرات الكلية الرئيسية من عجز الموازنة إلى الاحتياطى القومى إلى العجز فى الميزان التجارى إلى تحقيق الفائض فى ميزان المدفوعات إلى حجم الإيداعات النقدية لدى البنوك، وهكذا أرقام. الصورة الكلية كلها مبشرة، وظهرت على وجوه وفى عيون المسئولين أن أصعب المراحل أصبحت خلفنا، وأن ما سوف يليها لن يكون معركة إنقاذ وإنما حرب انطلاق. ولأول مرة أصبح ترديد أرقام لمعدلات النمو تتعدى نسبة 7% لا تقال على سبيل التمنى وإنما لأن فى الاقتصاد ما يتحرك بالفعل فى هذا الاتجاه.

السؤال الذى بدا أنه يدفع بالدماء إلى رءوس المسئولين، ويولد نوعا من التعثر فى الحديث، والحيرة فى القول، هو الذى يأتى دائما إلى شفاه جمع الإعلاميين فى مصر ويجرى على النحو التالي: كل هذا كلام جميل، وشيء يبعث على الفرحة أن تكون أرقام مصر على هذا النحو، ولكن (هنا تأتى «القفشة» الخاصة بالإعلامى) الإنسان «العادى» (وهو شخصية مجهولة غير معرفة ولا محددة ولا تعرف أبدا أين يقيم ولا ماذا يعمل، ولكن يمكنك الاستنتاج فى نهاية الكلام أنه إنسان جائع ومريض وعلى شفا الانهيار) يتساءل ماذا كانت الاستفادة التى أتت إلى من كل هذه الأرقام العظيمة؟ ويضيف الإعلامى إلى ذلك أن المواطن يسأل ما الذى دخل إلى جيبى من هذه الأرقام؟ المسئول عادة رغم تكرار هذا السؤال يؤخذ على غرة، وعادة فإنه يعيد ترديد نفس الأرقام مرة أخرى مرددا أنه مادام أن البطالة هبط معدلها فلا بد أن الانسان الذى حصل على عمل استفاد بشكل أو بآخر، أو أن انخفاض التضخم لا يعنى بالطبع أن السلع سوف ينخفض سعرها وإنما أن معدل ارتفاع سعرها سوف يكون أقل. الإعلامى فى هذه الحالة إما أنه يترك المسئول وشأنه مع ابتسامة خفيفة، أو أنه سوف يستمر فى الضغط أن كل الناس تئن ولما أن كثيرا منهم لا يبحث عن عمل لأنه يعمل بالفعل فإنه لن يسعد كثيرا لأن شخصا آخر حصل على عمل. فى معظم الأحوال فإن اللقاء ينتهى وقد باتت الأرقام مسطحة لا تعنى الكثير وكأنها تخص شعبا آخر مادام أن المذيع أو الصحفى لم يشاهد شخصيا إنسانا مصريا وقد انتفخت حافظة نقوده نتيجة الانخفاض فى عجز الموازنة!.

السيد محافظ البنك المركزى طارق عامر فطن إلى الملعوب فى لقاء تليفزيونى فى حضور السيد ليبتون ومعالى وزير المالية الجارحى مع الأستاذ عماد أديب فى برنامجه الشهير «كل يوم» ومن ثم اقترح أنه لا يمكن التعرف فقط على تأثير الأرقام من خلال تأثيرها على الأفراد وإنما من خلال النظر إلى القطاعات المختلفة. فالسياحة زادت ومن ثم فإن العاملين فيها حصلوا على فوائد مباشرة (لم يذكر المحافظ أرقاما تتعلق بالسياحة خوفا من الحسد)، وهكذا الحال فى قطاعات التشييد والبناء، والصادرات، والصناعات والمنتجات الغذائية بصفة عامة. الصورة بهذه الطريقة تقربنا من العاملين فى قطاعات معينة، ويصبح الاستنتاج أنه مادام تصاعد الدخل فى هذه القطاعات فإن العاملين فيها عاد عليهم من الزيادة جانب. مثل هذه الإجابة استخدمتها مع الأستاذ عمرو أديب فى حديث تليفزيونى معه منذ فترة، ويبدو أنه لم يقتنع بما قلته آنذاك لأنه طرح ذات السؤال مرة أخري، وربما أنه يفعل ذلك لأنه لا يرى فى إجابة القطاعات هذه ما يقنع المواطن الذى يتخيله. ولذلك لا بد من قدح الذهن للبحث عن الإجابة التى تجعل «المواطن العادى» مرضيا.

أذكر أن الرئيس السيسى رد على ذات الأسئلة بقوله إن أرقام زيادة توليد الطاقة تعنى عدم انقطاعها، ولا بد فى هذه الحالة أن كل المواطنين سوف يستمتعون بالكهرباء التى لا تنقطع حيث يتوافر الضوء والمشاهدة التليفزيونية فى كل الأوقات فيستطيع «المواطن العادى» أن يرى الأستاذ عمرو أديب الذى سوف نفتقده كثيرا حينما يترك برنامجه الحالي. هنا نبدأ فى الاقتراب من الإجابة التى تحل معضلة الأرقام والمواطن لأن إجابة الكهرباء لا تكفى فبعد قليل فإن وجود الكهرباء يصبح من طبيعة الأشياء ولن يلحظ أحد أنها جاءت لأنها فى الأصل لم تنقطع. هنا فإن مزيدا من التفاصيل عن القطاعات المختلفة للاقتصاد القومى سوف تكون مفيدة إذا ما تضمنت نصيب الأجور فيها وأجر الفرد فى المهن المختلفة داخل القطاع الذى شهد مزيدا من النمو. ففى قطاع التشييد والبناء فإن أجور العاملين خلال الفترة الماضية تضاعفت، وهكذا العاملون فى مجالات الطاقة المختلفة، وهكذا مجالات متعددة سوف يزيدها اقترابا من حقيقة منفعة المواطن إذا ما جرى رصد نصيب المحافظات وحتى المراكز المختلفة من الزيادات المحققة فى القطاعات المختلفة. فى هذه الحالة فإن الإجابات سوف تكون أكثر مصداقية، إذا ما أشرنا إلى القطاعات التى تضررت نتيجة تدهور دخلها الحقيقى مثل أصحاب المعاشات، والعاملين فى الحكومة، وأصحاب الدخول الثابتة، والفقراء بصفة عامة؛ وساعتها فإن سياسات الحكومة للحماية الاجتماعية سوف تحدد بشكل دقيق ما يحصل عليه الانسان العادى من فائدة جاءته من الموازنة العامة التى أصبحت أحسن حالا بحيث تستطيع تقديم هذه الحماية له. هل سيرضى الإعلامى النبيل بهذه الإجابة؟ بصراحة لا أدري!.

نقلا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أرقام مصرية أرقام مصرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين
  مصر اليوم - مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين

GMT 16:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
  مصر اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد

GMT 04:30 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

الزمالك يدرس بيع فرجاني ساسي ومحمود علاء

GMT 18:16 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

رينيه فايلر يرفض إراحة لاعبي الأهلي عقب لقاء المقاصة

GMT 04:01 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

Brabus تستعرض أسرع سيارات مرسيدس من الفئة "G"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon