توقيت القاهرة المحلي 19:57:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من يفوز بجائزة نوبل هذه المرة؟!

  مصر اليوم -

من يفوز بجائزة نوبل هذه المرة

بقلم: عبد المنعم سعيد

أصبح لكل خطوة من خطوات البحث الجاد عن السلام العربي - الإسرائيلي سيناريوهات أو مشاهد متتابعة تبدأ بمثل الخطوة الأخيرة لإعلان دولة الإمارات العربية المتحدة عن نية التطبيع مع إسرائيل، وتنتهي عادة بحصول عدد من السياسيين على جائزة نوبل العالمية.
في أول عمليات السلام التي بدأت بزيارة الرئيس السادات التاريخية للقدس، حصل على الجائزة السادات ومناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي. وفي آخر العمليات التي أنتجت اتفاق أوسلو، حصل على الجائزة ثلاثة: ياسر عرفات الفلسطيني، وإسحق رابين الإسرائيلي، وشمعون بيريز الإسرائيلي أيضاً.
في المرة الأولى، رفض السادات الذهاب إلى حفل نوبل؛ لم يكن له وهو الرجل الذي فضَّ الخناق عن السلام بالذهاب إلى الكنيسيت الإسرائيلي أن يتساوى مع الرجل الذي كان يعتصر عنق السلام بالاحتلال. وفي المرة الثانية، جاء الاحتفال من الجميع، لأن حل المعضلة كان متعلقاً بالبعد الفلسطيني للصراع العربي - الإسرائيلي. كما كانت جائزة لما سبق من عقد مؤتمر مدريد 1991 للسلام في الشرق الأوسط، وما سوف يأتي لتطبيق اتفاق أوسلو على مراحل تنتهي بحل الدولتين، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وللحق، فإنَّ الملك حسين كان يستحق الجائزة أيضاً، بعد جهوده من أجل السلام عامة، ونجاحه في استعادة الأراضي الأردنية المحتلة، وإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل. والرئيس الأميركي جيمي كارتر كان يستحقها أيضاً، بعد الجهد الذي قام به في مفاوضات كامب ديفيد الفاصلة وما تلاها، ولكنه حصل عليها في عام 2002 لجهوده من أجل حل الصراعات الدولية، وتقدم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تُرى من سوف يحصل عليها هذه المرة؟ من الطبيعي أن يكون الشيخ محمد بن زايد الذي لم يخترق فقط الطريق المسدود لحل الصراع العربي - الإسرائيلي، وإنما فتح الباب أكثر من ذلك لمواجهة حزمة كبيرة من التحديات المؤدية لعدم الاستقرار في إقليم الشرق الأوسط كله، الذي آن أوان إقامة توازن قوي فيه يسمح بتحقيق الاستقرار. المدهش أن بنيامين نتنياهو، كما حدث من قبل مع مناحيم بيغن، سوف يكون له - بحكم تقاليد الجائزة - نصيب وحظ. والرئيس الأميركي دونالد ترمب سوف يكون حزيناً إذا لم يحصل عليها، ليس فقط لأنه كان صاحب «صفقة القرن» التي ابتعدت عن أوسلو وحل الدولتين، وذهبت في اتجاه آخر، ولا لأنه من مهد الطريق للإعلان الإماراتي - الإسرائيلي - الأميركي بالشكل الذي رأيناه، ولكن لأنه يريد - وبكل الطرق - أن يحصل على ما حصل عليه باراك أوباما! حتى في أعقد القضايا الدولية، توجد مسائل شخصية وتصفية حسابات خاصة، وأحياناً يقال عن ذلك إنه دور الفرد في التاريخ.
على أي الأحوال، لا يزال أمامنا فترة حتى يأتي الإعلان عن جوائز نوبل، ولا تزال عملية السلام في مراحلها الأولى بعد الاختراق الذي حدث بالإعلان الذي أعقبه كثير من الاتصالات الإماراتية - الإسرائيلية، وما هو أكثر من ذلك حول الدولة أو الدول التي سوف تنضم إلى التوجه الجديد في الشرق الأوسط. وخلال هذا الزمن الذي نراقب فيه الأحداث، سوف نعلم كثيراً من التفاصيل التي مهدت له. وكذلك مقال السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الذي طرح فيه: التطبيع مقابل تجميد الضم.
والمؤتمر الاقتصادي في المنامة كان علامة على الطريق، ولكن الاختراقات لا تجري من قبل مؤتمرات، وإنما من قبل دول لديها القدرة والشجاعة على اتخاذ القرار. والأهم من ذلك كله كانت الاتفاقية الإماراتية - الإسرائيلية العلمية لتطوير لقاح مضاد لـ«كورونا» والأمراض المعدية. مثل ذلك حدث من قبل في اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية، حيث جرى اجتماع حسن التهامي نائب رئيس الوزراء المصري مع وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان في المغرب، والرسائل المصرية عبر رومانيا وإيران إلى إسرائيل، وخطاب الرئيس السادات في مجلس الشعب المصري عن أنه على استعداد للذهاب إلى نهاية العالم لكي يحافظ على الدماء المصرية. وقبل الاتفاق الفلسطيني - الإسرائيلي، كانت هناك مفاوضات، بعضها جرى من خلال ما يسمى «المسار الثاني»، حيث يجري التفاوض من دون حضور الرسميين، ثم بعض من «المسار الأول» في أوسلو الذي جرى تحت إشراف الرئيس الفلسطيني محمود عباس وشمعون بيريز وزير الخارجية الإسرائيلي، حتى وصل الجميع إلى واشنطن للتوقيع.
السيناريو بعد ذلك ليس مختلفاً عما جرى في المرات السابقة، بما فيها حالة الضجيج والعنف اللفظي التي تنتاب الجانب الفلسطيني وحلفائه من جماعة الصمود والتصدي، والمنتفعين بحالة بقاء الصراع على ما هو عليه، حيث الاحتلال الإسرائيلي لكامل التراب الفلسطيني ليس مستمراً فقط، وإنما يحيطه متغيرات عنيفة تجعل القضية الفلسطينية برمتها تسقط إلى قاع أولويات المنطقة والعالم. المسألة الآن ليست أن الليلة شبيهة بالبارحة، فالمنطقة والعالم كلاهما تغير، وما حدث أن المبادرة الإمارتية حاولت اختراق هذه المتغيرات، وأن تصل بالمبادرة العربية إلى طريق التطبيق، وهذه المرة فإنها ليست واقعة تحت الظروف الضاغطة التي عرفتها مصر من قبل، خاصة بعد توقيع اتفاقية السلام، من استبعاد عربي وإسلامي. على العكس، فإن هناك مجموعة من اللاحقين على الطريق للغرض النبيل نفسه، وهناك أصحاب التجربة التي تفيد في نتيجة ربما سوف تستحق أكثر من نوبل. وإذا كان السادات استخدم في الماضي وزن مصر وتاريخها وحربها مع إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وزيارته التاريخية للقدس، وخطابه أمام الكنيسيت الإسرائيلي، وهو ما أعطاه طوال المفاوضات ثقة هائلة بالنفس، وبالمكانة المصرية، فإن الإمارات هي الأخرى تدخل هذه المفاوضات ولديها ثقة كبيرة بالنفس وبالقدرات. هذه الثقة تستمدها من حقيقة كونها دولة من ناحية تواجه تهديدات وتحديات إقليمية عنيفة عرضتها للاعتداء المباشر خلال الفترة الماضية. ومن ناحية أخرى، تجربتها التنموية التي جعلتها تقع في مقدمة التقارير الدولية المختلفة، مثل التنمية البشرية والتنافسية، وسبقها لترتيب إسرائيل في بعض الأحيان. والأهم من ذلك كله، فإنه لدى الإمارات كثير من الخدمات اللوجيستية التي أحرزت بها سبقاً عالمياً في إدارة الموانئ وشبكات الطيران الدولية، ومؤخراً في مجالات علمية متقدمة في الفضاء والطاقة الشمسية والنووية أيضاً. ولم تكن هناك صدفة أن بداية التطبيع الإماراتي كانت الاتفاق بين الجماعة العلمية في البلدين على إنتاج اللقاحات الخاصة بمرض «كورونا» والأمراض المعدية الأخرى. ومن يعرف الإمارات حقاً، فإنه يعلم قدراتها على ترتيب الأوراق التي حققت تجميد ضم الأراضي الفلسطينية في البداية، ولكنها سوف تكون من التطبيع حقيقة ديمغرافية عربية، تعادل كثيراً من الحقائق الجغرافية الإسرائيلية؛ السلام معركة كبرى تحتاج كثيراً من ضبط النفْس وطول النفَس في الوقت ذاته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يفوز بجائزة نوبل هذه المرة من يفوز بجائزة نوبل هذه المرة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon