توقيت القاهرة المحلي 10:37:18 آخر تحديث
الاثنين 13 كانون الثاني / يناير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

مجمع التحرير..!

  مصر اليوم -

مجمع التحرير

بقلم - عبد المنعم سعيد

إذا كانت صفة الدولة المركزية إحدى أهم الصفات الملتصقة بمصر، فإن القاهرة هى مركز الدولة بلا منازع، أما مركز العاصمة فهو ميدان التحرير، والمجمع هو القلب بكل تأكيد. هنا فى هذا المكان يوجد التمثيل المجسد للبيروقراطية المصرية فى أسوأ، وربما أفضل أيضاً، معانيها. هنا كانت السجلات محفوظة، والتقاليد والتاريخ داخل ملفات عتيقة لا يعرف حاكم ولا مواطن كيف يلتف حولها، ولكنه أيضاً هنا داخ المواطن المصرى سبع دوخات بحثاً عن حلْحلة لأوضاع لا تتحلْحل. ولكن الزمن يتغير، والأوضاع لها محركات جديدة، أبرزها أن العاصمة الإدارية باتت قاب قوسين أو أدنى من الحقيقة القائمة على بيروقراطية عصرية أحد ملامحها أنها بعيدة عن الميدان الذى أقيم فيه المجمع وهو الذى حدثت فيه الثورة والثورات. فكرة العاصمة «الجديدة» قامت على تخليص القاهرة العظيمة من أعبائها البيروقراطية بنقل الوزارات والمصالح الحكومية وهى رشيقة وعصرية إلى مبان قامت، وسوف تقوم أعمالها على آخر ما وصلت له التكنولوجيا من فنون. على أى الأحوال ما سوف يحدث هناك، وما سوف يترتب عليه من وجود جديد للقاهرة «التراثية» تستعيد فيه شبابا يقوم على الفراغات التى سوف تنتج عن نقل الحكومة بعيدا. وفى هذه الحالة فإن السؤال سوف يكون: ماذا سنفعل بهذه الأبنية الفارغة من وزارات وهيئات، وفى مقامنا هذا ماذا سنفعل فى مجمع التحرير؟!

السؤال صعب، ودائما فإن للمصريين «عِشْرَة» مع الأبنية القديمة، وهناك نزعة دائمة لإبقاء كل مبنى على ما هو عليه، وسوف تماطل البيروقراطية فى النقل لعل وعسى تزول الغمة ويبقى الحال كما اعتدنا دون اختراعات يقدمها من هم غير ذى خبرة، أو هكذا يسود ظن أنه فى النهاية سوف يمر الزمن ولا يجد أحد من حل لمعضلاته سوى السير فى ذات المكان. وعندما يرتبط الأمر بميدان التحرير، فإن المجمع شاهد على ما جرى فى مصر عندما كان ميدان «الإسماعيلية» أيام الملكية وتراث الثورة الأولى فى ١٩١٩، وعندما صار ميداناً للتحرير فى عهد الثورة الثانية ١٩٥٢ حتى تزاحمت الثورات على الميدان العتيد فى ٢٠١١ و٢٠١٣. وهذا ينطبق على كافة الأبنية الحكومية الأخرى والتى تتجاذب كيفية التصرف فيها بين مدارس مختلفة، من يرى أن يذهب المبنى إلى ذات الجهة التى كانت تستخدمه أو تسيطر عليه لكى تحقق منه عائدا يساعدها على التعامل مع آلام الانتقال، ومن يرى أن توضع كل الأبنية تحت سيطرة جهة واحدة تستثمرها وتضع استخدامها وفق مصالح الدولة، ومن يرى أن تسويتها بالأرض وتحويلها إلى حدائق سوف يزيد مساحة الخضرة فى العاصمة المكتظة، وهكذا تصورات.

موضوعنا هنا هو مجمع التحرير، وإذا كان له من تصور فهو فى إطار ميدان التحرير، ومفهوم مركز العاصمة التى تدور فيه وحوله روحها الحضارية، حيث المتحف المصرى وتراثه الفرعونى، ومبنى الجامعة الأمريكية بطرازه الإسلامى، وعمائر تشكل فاتحة لكل القاهرة الخديوية كما عرفناها بطرازات إيطالية وفرنسية حديثة. من هنا فإن اقتراحنا المحدد يدور حول إزالة المبنى وأن يحل محله إما أثر فرعونى كمسلة أو هرم زجاجى مثل ذلك الذى تتيه باريس على أعتاب متحف اللوفر على أرض حديقة واسعة يتوسع تحت الأرض فيها جراجات متعددة الطوابق. مركز الميدان نفسه لابد فيه من تمثال يعبر عن نضالات الشعب المصرى عبر العصور، سواء كانت ثورة وحدة الهلال والصليب أو وحدة الجيش والشعب أو حلم الشعب المصرى بمستقبل أفضل. الفكرة هنا جاءت من ذلك التمثال الرائع فى مدينة شرم الشيخ والواقع فى ميدان السلام، حيث يعبر عن فكرة صارت فيما بعد روح المدينة الشابة: السلام.

ولحسن الحظ أن هناك الآن نهضة كبيرة فى مشروع القاهرة الخديوية تفرض أن يكون ميدان التحرير، والمجمع أيضا، جزءا من هذه النهضة، فكلاهما الرابط بين الحى العريق والنيل علامة مصر الخالدة. وكل ذلك فى النهاية ربما يضع نموذجا يحتذى فيما يتعلق بالأبنية الحكومية الأخرى والتى بالتأكيد لا ينبغى التعامل معها بشكل منفصل، وإنما باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من عمران العاصمة كلها، ويسير فى مشروع بعث ونهضة تراثها العريق ومستقبلها الواعد.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجمع التحرير مجمع التحرير



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!
  مصر اليوم - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان
  مصر اليوم - أحمد سعد يتحدث عن تحقيق حلمه ويشوق جمهوره لألبومه الجديد

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 04:59 2018 الخميس ,01 آذار/ مارس

العثور على جثة طالب جامعي في رأس البر

GMT 06:55 2018 الجمعة ,16 شباط / فبراير

بيانكا بالتي تبرز في فستان شفاف كشف عن مفاتنها

GMT 01:26 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

ظروف القيادة الشتوية تتطلب زيادة مسافة الأمان 3 أضعاف

GMT 02:32 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

خطوة واحدة ويحصل فضل شاكر على البراءة

GMT 08:36 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

إغلاق طريق الساحل الشمالي بسبب انعدام الرؤية

GMT 16:56 2015 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"ناقلات" تمثل الصناعة البحرية في معرض "غازتك" في سنغافورة

GMT 08:01 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

حالة الطقس اليوم الخميس 9/11/2017 في مصر والدول العربية

GMT 23:00 2024 الخميس ,04 إبريل / نيسان

7 لاعبين يتغيبون من الأهلي عن مباراة سيمبا

GMT 11:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

موديلات حقائب راقية تناسب هذا الموسم.

GMT 07:50 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

حادث تحطم عنيف لأغلى سيارات فيراري على الطريق
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon