توقيت القاهرة المحلي 11:31:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زيارة إلى مسقط

  مصر اليوم -

زيارة إلى مسقط

بقلم - عبد المنعم سعيد

مضت فترة طويلة، ربما عقدان من السنوات، وبالتأكيد كانت آخر التسعينيات من القرن الذى مضى، حينما ذهبنا جماعة من الباحثين والخبراء إلى مسقط بحثاً عن السلام فى الشرق الأوسط. كان العالم وقتها قد تغير تغيراً كبيراً، وكانت العولمة مبشرة بأن الإنسانية سوف تمر بمرحلة من الوئام لم تشهدها من قبل. لم يبقَ فى الدنيا من حروب إلا فى الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية على وجه التحديد التى تبدو معلقة تراوغ السلام، وفيها من التعقيد ما يجعل الحرب دوماً قريبة، مع ذلك كان الكل متفائلاً بأن شيئاً ما سوف يفك طلاسم المستحيل. آنذاك كانت مسقط مدينة صغيرة وأنيقة، وتنم كثيراً عن سلام أهلها، وتواضعهم الجميل، تركوا لنا المجال لكى نتحدث ونبحث، وباختصار كانت عمان ملتقى وليس مكان وصاية، وكان أهلها مراقبين، صوتهم خافت فى العموم، وحينما يعلو تجد فيه الكثير من الثقة بالنفس، ولمَن لا يحتاج الكثير من الجهد لكى يثبت وجوده، تذكرنا دوماً أن عمان دولة قديمة خاضت البحار وبنت إمبراطورية، وذهب ناسها شرقاً حتى باكستان، وغرباً إلى شرق أفريقيا، يعلنون وجوداً ورسالة.

هذه المرة لم تكن زيارة مسقط للبحث عن سلام، ولا أى مهمة أخرى تخص عموم الشرق الأوسط، كانت اجتماعاً لمجلس إدارة معهد دول الخليج العربية فى واشنطن، والذى قمت بتأسيسه مع آخرين فى نهاية عام 2014 لكى يكون جسراً فكرياً بين دول الخليج العربية والولايات المتحدة الأمريكية. كانت الدراسات التحضيرية لإنشاء المعهد قد أسفرت عن أنه رغماً عن العلاقات المتعددة والكثيفة بين عرب الخليج والأمريكيين، حرباً وسلاماً، وسلاحاً ونفطاً، ونقداً وتجارة، فإن الاهتمام الأكاديمى والثقافى، فضلاً عن السياسى، كان محدوداً للغاية. كانت سيرة الخليج تقع على هامش دراسات المستشرقين، وفى إطار سلاسل حروب الخليج، والإرهاب، والأصوليات المختلفة، وبالطبع النفط. وإذا كان قد شاع عن العرب عامة أنهم ظاهرة صوتية، فإن أهلنا فى الخليج كانوا ظاهرة نفطية. ومن بين 25 مركزاً للبحوث والتفكير ذات الشأن فى واشنطن، لم نجد بينها قسماً أو برنامجاً عن دراسات الخليج، وإذا كان هناك اهتمام فإنه يظهر فى شكل باحث واحد عن إيران أو السعودية، وما بعدها ليس هناك إلا القليل الذى يظهر ويختفى.

إنشاء معهد واشنطن للدراسات الخاصة بدول الخليج العربية فى قلب العاصمة الأمريكية أعطى المعرفة عن دول مجلس التعاون الخليجى دفعة كبيرة، وخلق ساحة للمسؤولين الخليجيين للحديث مع الإعلام الأمريكى، وكذلك إجراء حوارات مفتوحة مع المسؤولين والخبراء، مع كل مَن يسمع أو يتكلم أو يقرأ ويكتب عن الخليج. وبات من التقاليد فى المعهد أن يجتمع مجلس إدارته مرتين فى العام، أولاهما فى الخريف ويجرى فى واشنطن، وثانيتهما فى واحدة من دول الخليج الست، وكانت البداية فى أبوظبى، ثم تبعتها الكويت، وهذا العام فى مسقط. المجلس مكون من أمريكيين خدموا فى الخليج وخبروه، ومعهم ممثلون لدول الخليج، ومصرى واحد بات بحكم التأسيس عضواً فى مجلس الإدارة. ورغم أن اجتماعات المجلس دائماً ما تكون من أجل بحث نشاط المعهد خلال الفترة السابقة، ومناقشة الميزانية والمشروعات المستقبلية، فإن مناقشة الموضوعات المهمة فى المنطقة، والتى جرت بين الانعقادين، دائماً تأتى فى المقدمة، ولا يمكن تجنب إلحاحها ما بين الجلسات وعلى موائد الطعام. وهذه المرة فإن الجلسات جرت بينما كانت القمة العربية منعقدة فى الدمام، ومعها حازت الأوضاع فى سوريا المقدمة، ونالت الحرب اليمنية نصيبها من الحديث، خاصة ونحن فى عمان، حيث الحرب قريبة، والحدود مشتركة، والآمال منعقدة على إسهام عمان فى حل الصراع.

أصبحت مسقط أكبر مما كانت عليه قبل عقدين، ولكنها ظلت على أناقتها، حيث لا توجد أبراج شاهقة، ولا سكايلاين، رغم أنها طلة العرب على بحر العرب، والبيوت ارتفاعاتها محدودة ومحترمة، لا تؤكد بذخاً ولا ترفاً، هو جمال متقشف، لا يحتاج إعلاناً لأنك سوف تكون متأكداً دوماً من وجوده. المطار الجديد يعكس أملاً عمانياً أن يكون واحد من المطارات العشرين الأولى فى العالم عام 2020. حديث العمانيين دائم عن السلام، وجغرافيتها السياسية تصبغ سياستها الخارجية بالكثير من الحكمة. فى الذاكرة كان موقف السلطنة من مصر إبان المقاطعة العربية حينما حافظوا على علاقتهم مع القاهرة، كان الموقف شاهداً على أنهم أيضاً كانوا على حق!.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة إلى مسقط زيارة إلى مسقط



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon