توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترمب وبايدن

  مصر اليوم -

ترمب وبايدن

بقلم: عبد المنعم سعيد

يبدو أن القسمة قسمت أن الانتخابات للرئاسة الأميركية سوف تكون بين مرشح الحزب الجمهوري ساكن البيت الأبيض الحالي دونالد ترمب، ومرشح الحزب الديمقراطي نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. الأول لم ينافسه منافس من حزبه، ورغم الأحقاد الكثيرة من قيادات الحزب الجمهوري، فإن الحزب يلتفّ حول قائده الحالي، أما الآخر فهو لم يحصل بعد على أغلبية الموفدين إلى مؤتمر الحزب القادم، ولكن كل المؤشرات الانتخابية تشير إلى أن بايدن لم يعد أمامه منافسة حقيقية من جانب خصمه الرئيسي بيرني ساندرز، وما بقي من منافسات انتخابية هي من تحصيل الحاصل وربما ترتيب الصفوف الديمقراطية للمواجهة القادمة مع ترمب. وفي الأول والآخر فإن مرشحهم هو رفيق وصفي بطل الديمقراطيين باراك أوباما، وصاحب السجل الكبير في الخدمة العامة في الكونغرس ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، فضلاً عن الخدمة في مؤسسات كثيرة. ولكنّ هذه المسيرة الجديدة لبايدن كمرشح للحزب ربما شكّلت نوعاً من خيبة الأمل بالنسبة إلى معسكر ترمب الذي كان يراهن على أن تكون المنافسة بينه وبين بيرني ساندرز، نظراً إلى تعريف نفسه بأنه «اشتراكي ديمقراطي»، وهذه في تعبيرات ترمب يمكن أن تتحول إلى «شيوعي» بسهوله لبناء قاعدة كبيرة من النفور حوله، وسيشكّل تبايناً سهلاً في الانتخابات العامة وقد يؤدي إلى خروج بعض الولايات المتأرجحة من معسكر الديمقراطيين إلى معسكر الرئيس.
لن يكون ساندرز مرشحاً سهلاً بالضرورة، فقد أظهر قوة مع قاعدة قوية وأرقام رائعة لجمع التبرعات، لكنه جادل بأن سياساته في مجالات الصحة والتعليم ستجعل من السهل رسمه على أنه اشتراكي يساري متطرف أخذه تطرفه، وهو «اليهودي»، إلى ساحة انتقاد إسرائيل ومناصرة الحقوق الفلسطينية في التخلص من الاحتلال. ولكن ربما إذا كان لترمب أن يختار خصومه فسوف يكون خياره الثاني هو جو بايدن الذي وجده في بداية الحملة الانتخابية كسولاً حتى وصفه بأنه «جو النائم» وضعيف «اللياقة الذهنية» والذي لا يخلو من توجهات يسارية ورثها عن طريق رئيسه السابق باراك أوباما. والآن بات على الرئيس أن يراجع هذا الموقف، فرغم كل العوائق والتحديات الفكرية والعمرية فإن باقة كبيرة من صغار السن والأكثر حيوية من المرشحين الديمقراطيين، نساءً ورجالاً ومثليين، قد تمت إزاحتهم من خلال العمليات الانتخابية لولايات مختلفة لكي تمهّد الطريق لفوز بايدن.
الآن أصبحت كل القفازات مخلوعة، والرئيس لديه قدرات غير عادية في إشعال قاعدته السياسية والسعي للحصول على أصوات إضافية تكفيه للفوز. كان ذلك هو ما فعله في مواجهة بنت «المؤسسة» السياسية الأميركية هيلاري كلينتون والتي ينتمي إليها بايدن أيضاً. ولكن بداية المعركة لن تكون مع «المؤسسة» الديمقراطية البراغماتية، ولكنها سوف تكون، على الأقل خلال المرحلة المقبلة حتى انعقاد مؤتمرات الحزبين الجمهوري والديمقراطي، شخصية تماماً. وبالفعل فإن الجمهوريين في مجلس الشيوخ بدأوا بالفعل في بعث قضية هنتر بايدن، نجل نائب الرئيس المرشح الديمقراطي، والتي حاول ترمب أن يثيرها مبكراً وأدت إلى إقامة الادّعاء ضده في مجلس النواب ومحاكمته أمام مجلس الشيوخ التي نجا فيها بفعل الأغلبية الجمهورية. القضية حتى الآن تقوم على أن هنتر مع شركة «بوريزما»، وهي شركة غاز أوكرانية استخدمته في مجلس إدارتها، ومن ثم فإن المراد هو التحقيق فيما إذا كان نائب الرئيس السابق قد أساء استخدام منصبه السابق من أجل خدمة الشركة التي ينتمي إليها ابنه. ما يأمل فيه الجمهوريون أن تمثل التحقيقات مجهوداً جديداً لجذب الانتباه إلى مزاعم الفساد التي وجّهها ترمب وحلفاؤه ضد بايدن العام الماضي. والواقع أنه لا يوجد أي دليل على ارتكاب أيٍّ من جو أو هنتر بايدن أيَّ مخالفات في هذا الشأن، وقد تسببت التقارير في تشويه سمعة هذه المزاعم ذاتها، على الرغم من أن المسؤولين الحكوميين أقروا بوجود تضارب في المصالح على الأقل بين منصب نائب الرئيس وعمل ابنه.
ولكنّ الانتخابات الأميركية لا يقوم الكسب فيها على أساس المهاترات الشخصية التي قد تصلح لملء الفراغ الحالي وكسب اهتمام الإعلام، وإنما عندما تبدأ المواجهة المباشرة، وسلسلة المناظرات بين الطرفين، فإن الرسائل الخارجة منهم لا بد لها أن تقدم لسياسات محددة تنجح في جذب اهتمام الناخبين. الثابت، أولاً ودستورياً، أن الانتخابات تجري على أساس من المجمع الانتخابي للولايات الخمسين في الولايات المتحدة الأميركية. وثانياً أن هذه الولايات مقسمة لأسباب تاريخية واقتصادية واجتماعية وثقافية وحتى تكنولوجية إلى ولايات زرقاء (ديمقراطيون) وأخرى حمراء (جمهوريون)، ولا يمكن تصور أن كاليفورنيا أو نيويورك يمكن أن تتحولا إلى اللون الأحمر، بقدر ما لا يمكن تصور أن ولايتي تكساس أو أوكلاهوما يمكن أن تتحولا إلى اللون الأزرق. وثالثاً أنه في العموم فإن ولايات الساحل على المحيطين الأطلنطي والباسفيكي هي ولايات ديمقراطية، أما ولايات الداخل حول جبال الروكي والجنوب فهي جمهورية. ورابعاً فإن هذا التقسيم ينجم عنه بالضرورة وجود حزمة من الولايات «المرجِّحة» التي يختلط فيها الأحمر في الريف مع الأزرق في المدن، وهذه يحسم توجهها «البنفسجي» بين اللونين حسب التوازن بين الضواحي وقلب المدينة. الولايات البنفسجية المتقلبة هي بنسلفانيا وميتشغان وأوهايو وويسكونسون وفلوريدا. وخامساً أن القسمة بين الأزرق والأحمر ليست في الولايات فقط وإنما أيضاً في الشريحة الاجتماعية التي يعتمد عليها الحزب والمرشح الرئاسي. وفي انتخابات 2016 اعتمد ترمب على الطبقة العاملة البيضاء وهذه تشكّل 44% من الناخبين في الولايات البنفسجية، حيث نجح في حشدها خلف سياساته المناوئة للصين، ونقل المصانع الأميركية إلى الدول الصناعية البازغة خصوصاً المكسيك التي حصلت علي نصيب الأسد منها. الحزب الديمقراطي لديه أيضاً قاعدته المكونة من الأقليات (الأفريقية واللاتينية) والنساء والمتعلمين فوق الجامعيين؛ وتاريخياً كان للحزب نصيب كبير من الطبقة العاملة ولكنها هجرته في الانتخابات الأخيرة. المهم أن نجاح المرشح يتوقف على قدراته في حشد أعلى النسب الممكنة من قاعدته الخاصة مع محاولة الحصول على نسب من قاعدة الخصم تحتجّ على سياسات مرشحها خصوصاً في القضايا الخلافية الكبرى في أميركا مثل حمل السلاح والموقف من الهجرة الخارجية والحريات الدينية والمثليين. وفي انتخابات هذا العام سوف تكون كل سياسات ترمب، وما نجح في تحقيقه وما لم ينجح فيه على المحكّ في الانتخابات الرئاسية. وسادساً أن الرئيس في سنة الانتخابات لديه ميزة كبيرة، حيث يمكن لسياساته أن تشكّل توجهات الرأي العام، ولكنها من جانب آخر تجعله أكثر تعرضاً للنقد. وكان ذلك هو ما فعله بايدن إزاء سياسات ترمب الجارية فيما يخص فيروس «كورونا» ووقف الرحلات الجوية من 26 دولة أوروبية في منطقة «شنغن» حيث اتهمه بالفشل وعدم القدرة على إدارة الأزمة وإضعاف تحالفات تاريخية. تُرى من الذي سيفوز بالرئاسة الأميركية في هذه الجولة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب وبايدن ترمب وبايدن



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon