توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حل المعضلة الاتصالية!

  مصر اليوم -

حل المعضلة الاتصالية

بقلم - عبد المنعم سعيد

إذا كان عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى يمكن أن يوصف بصفات، فهى أنه الزمن الذى أمكن فيه التعامل مع المعضلات الكبرى للحياة السياسية والاقتصادية والفكرية المصرية.

الأمثلة كثيرة من أول المصارحة الكاملة للجماهير بآلام الطريق الذى نسير فيه والبعد عن تملقها بوعود لا يمكن تحقيقها، أو توريطها فى سياسات خارجية منهكة، أو الطرق على قضية الوحدة الوطنية وضرورة تجديد الخطاب الدينى.

هو الذى أخذ بنا على الطريق من النهر إلى البحر، وبدأ سياسات ذات مصداقية فى تحديد سعر  العملة، وحتى القطاع العام بات موضوعًا على مائدة البحث الجدى. ولكن واحدة من المعضلات استعصت على الاختراق والمواجهة وهى «المعضلة الاتصالية»، ولا أقول الإعلامية؛ لأن هذه سوف تختلط مع الدعاية والإعلان وفى عرف العسكريين «الحرب النفسية».

الاتصال من أهم الأبعاد السياسية التى ترتبط بكفاءة العمل والإنجاز الذى لا يكون حاضرا إلا عندما يصل إلى الناس، وفى حالتنا ليس فقط عند المصريين أو العرب وإنما دول العالم.

واقعة الحدث الأخير فى قناة CBS الأمريكية كان فيها الكثير من التربص والتصيد من جانب القناة، وهناك ما هو أكثر، قد ذكره زملاء فى مقالات وأعمدة متعددة. ولكن القضية لا تنتفى بما نظنه فى نيات الطرف الآخر فى الواقعة، أو فى الوقائع الأخرى المماثلة، سواء كانت تخص الرئيس أو مصر كلها، وإنما التساؤل هو عما إذا كنا قد فعلنا ما يكفى لكى نواجه حالة دائمة من الاتهام بأمور يوجد لدينا بالفعل الرواية الصحيحة لها، وبالصوت والصورة أم لا.

فى ١/٦/ ٢٠١٦، وفى معرض التعليق على رد الفعل العالمى على حادث طائرة مصر للطيران المتوجهة من باريس إلى القاهرة، نشرت مقالًا فى صحيفة الأهرام الغراء بعنوان «الخطايا الأصلية فى السمعة المصرية»، ذكرت فيها ثلاث خطايا:

الخطيئة الأصلية الأولى عادت إلى نظرة العالم لما حدث فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وما وضع عليه من عنوان «الانقلاب»، وأفضل ما نحصل عليه هو إضافة أنه حدث بعد بعض من التحركات الشعبية، ولكن بعد القول إن التغيير جرى لأول رئيس مصرى مدنى منتخب! هذه التركيبة من التعبيرات لها صدى غير صديق لمصر لأنها لا تتعرض لما فعله الإخوان فى الحكم، ولا لإعلان مرسى الدستورى الديكتاتورى، ولا لحصار المحكمة الدستورية العليا، ولا لعام من التراجع فى كل المجالات، ولا للصلات بين جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية المختلفة، ولا للتوقيعات التى جمعتها «تمرد» على ضرورة الانتخابات المبكرة، ولا لشكل الجبهة الوطنية التى تكونت لتضع خريطة الطريق فى ٣ يوليو، ولا التفويض الذى حصل عليه الفريق السيسى فى ٢٦ يوليو، ولا مهلة الأسبوع التى منحتها القوات المسلحة المصرية للقوى المدنية لكى تصل إلى حل، ومن بعدها مهلة ٤٨ ساعة لذات الهدف.

ببساطة فإن القصة المصرية عن ثورة يونيو وملابساتها ظلت غامضة بالنسبة للعالم، ونجح الإخوان وغيرهم فى وضع لافتة سلبية للحدث كله.

الخطيئة الإعلامية الثانية ليست منبتة الصلة عن الخطيئة الإعلامية الأصلية، لأنها اتصلت بما جرى لعمليات العنف التى انتهت بما عرف بأحداث «رابعة» حيث سادت فى البداية القصة الإخوانية، ثم عززتها بعد ذلك قصة المنظمة الأمريكية «هيومان رايتس ووتش» بحيث صارت وقائعها، وأرقامها هى المعتمدة فى الإعلام الدولى.

ولم يكن فيها لا أن الإخوان هم الذين بدأوا بعمليات التجمهر فى الميادين المصرية اعتبارا من ٢١ يونيو أى قبل يومين من البيان الأول للقوات المسلحة، وأن الاعتصام فى رابعة استمر ٥٣ يومًا أصيبت فيه العاصمة بالشلل؛ ولا أن الإخوان قالوا بصراحة وبوضوح إنهم سيلجأون للعنف والقتل والحرق، وأن ما قالوا به طبقوه حرفيا، ولمن يريد أن يعرف تفاصيل أكثر غابت عن الرواية العالمية سوف يجدها فى تقرير الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض الذى لأسباب غير مفهومة لم يترجم، ولم يعرض عالميا.

الخطيئة الإعلامية الثالثة أن بعضا من السمعة لم يكن فقط مصدره الخارج، وإنما أسهم فيه الداخل بقرارات وإجراءات تحفظ عليها فيما يتعلق بحقوق الإنسان المجلس المصرى المختص بالقضية. وأسهمت فيها أيضا شريحة غير قليلة من الشباب الإلكترونى الذى استخدم أدوات العصر فى التواصل مع العالم خالطًا بين الحقيقى والزائف، ووجد إخوان الخارج مع من ناصرهم من الليبراليين فرصة لصب الزيت على النار فى قصة تعطيهم مبررًا للتواجد، سواء كان ذلك فى تركيا أو الولايات المتحدة. لاحظ أنه فى كل هذه الخطايا الأصلية فإن قصة البناء المصرية غير واردة، وعندما جاء برنامج «٦٠ دقيقة الأمريكى» «أندرو ميلر»، الذى كان يعمل فى مكتب مصر بمجلس الأمن القومى الأمريكى، للشهادة فإنه تحدث عن الانهيار الاقتصادى المصرى، وكأنه لم يسمع بتقارير صندوق النقد الدولى ولا البنك الدولى ولا الشهادات الدورية للمؤسسات المالية فى نيويورك.

ولاحظ أيضا أنه لم يكن فى مصر قصور فى الأجهزة الاتصالية والإعلامية المصرية، ولكن شهادتها وروايتها إما أنها استغرقت فى النفاق أو فى عصبية رد الفعل.

لم يصدر «كتاب أبيض» باللغتين العربية والإنجليزية عن واقعة «رابعة» وما جرى فيها، علما بأنه لدينا تقارير الوفاة، ليس فقط ممن شاركوا فى الاعتصام وإنما من شهداء الشرطة الذين بلغو ٤٣ شهيدًا، ولدينا ٥٣ يومًا مسجلة بالصوت والصورة، وفيها من أحاديث الحريق والدم ما يكفى.

ولم يصدر «كتاب أبيض» باللغتين العربية والإنجليزية عن القانون المصرى وموقفه من عمليات الاحتجاز للأفراد، ودرجات التحقيق والتقاضى والاستئناف، والفارق ما بين الرأى والتحريض، ونتائج الأحكام التى تصدر بما فيها أنه رغم كل الادعاءات عن أحكام الإعدام «الجماعية»، فإنه حتى الآن لم توجد حالة إعدام واحدة للإخوان لأنه ببساطة هناك الكثير من إجراءات التقاضى والمراجعة التى تعدى زمنها الآن أكثر من أربع سنوات. ولا جرت عملية  مراجعة لأجهزتنا وأدواتنا الإعلامية ومدى كفاءتها فى عرض القصة المصرية التى ليس مجالها فقط الصراع مع الإخوان والإرهاب، وإنما مع التخلف والفقر بالبناء والتعمير. ولا راجعنا بعض الهدايا المجانية التى تعطى للخصوم الكثير من الفرص، بينما لا تعود علينا بالضرورة بفائدة ملموسة.

المعضلة الاتصالية واجبة الاختراق لأنها مهمة بالنسبة للسمعة المصرية، والاستثمارات الأجنبية فى مصر، والاطمئنان الداخلى فى البلاد، وهى مثلها مثل كل المعضلات التى واجهناها من قبل.. بدايتها العلم والمعرفة، ونهايتها الكفاءة فى العمل والتوقيت.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حل المعضلة الاتصالية حل المعضلة الاتصالية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon