توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التعديل والتعديلات

  مصر اليوم -

التعديل والتعديلات

بقلم - عبد المنعم سعيد

تعديل الدستور من حيث المبدأ وما يتبعه من تعديلات لمواد بعينها فيه تعد واقعة «تاريخية» لا يدفع فيها بأنها ليست نصوصاً مقدسة لأن فى ذلك خلطاً ما بين ما هو دينى، الذى ليس فيه إلا التسليم، وما هو مدنى، الذى فيه اختيار نعم، ولكن فيه من «المسؤولية» التى حملها من ثقل الجبال، فهى لا يجوز أن تكون نوعاً من الرياضات القومية التى يتم فيها تغيير جدول الدورى العام كلما تعقدت الأمور أو التبست. وهى واقعة لا ينفع فيها كثيراً الحديث عن تجارب الدول الأخرى، أو الاستشهاد بسبعة وعشرين تعديلاً فى الدستور الأمريكى، أو بأن بريطانيا ليس لديها دستور مكتوب على الإطلاق، اللهم إلا إذا راجعنا فى الأولى هذه التعديلات ومواقعها وظروفها وأعطينا أهمية لتلك المرات التى جرى فيها رفض التعديل، وقرأنا فى الثانية أطناناً من وثائق القرارات والقوانين والسوابق السياسية المسجلة والمكتوبة، والتى تصير مرجعية اتخاذ قرار أو إصدار قانون. مثل هذا وذاك لا ينبغى له أن يعفى من «المسؤولية التاريخية» أعضاء مجلس النواب الذين تقدموا بطلب تعديل دستور 2014، والأغلبية التى ستوافق عليه، وتلك التى ستذهب أو لا تذهب إلى صناديق الاقتراع على التعديلات الدستورية. لا أحد من حقه سواء كان فى الحكم أو مجلس النواب أو الشعب الهروب من هذه المسؤولية التاريخية التى تقتضى أولاً تحديد الأسباب التى تخصنا لتعديل الدستور، وثانياً الشرح الوافى لما إذا كانت التعديلات التى استقر الرأى عليها سوف تتعامل مع هذه الأسباب بكفاءة أم لا.

أكثر الأسباب منطقية فى الطرح هى تلك المتعلقة بطبيعة المرحلة التى تمر بها وتسعى فيها مصر أولاً إلى تحقيق الاستدامة فى الأمن والتنمية، وثانياً إلى الانطلاق من بين صفوف الدول المتخلفة إلى جانب الدول المتقدمة بمعدلات عالية للنمو. هى حالة عرفتها الصين بعد الثورة الثقافية، ووفاة «ماو»، عام 1978، عندما قرر الحزب الشيوعى الصينى أن يخط للصين طريقاً يُدخلها إلى العصر الحديث تحت قيادة دينج هتساو بينج. وفى ظروف مماثلة كانت هى الحالة التى عرفتها دول أخرى مثل سنغافورة فى عهد لى كوان يو، وكوريا الجنوبية فى عهد بارك، وروسيا مؤخراً تحت قيادة بوتين. الأمثلة كثيرة، وكلها حالات عانت فيها البلاد ظروفاً صعبة نتيجة ثورات أو حروب أو كلتيهما معاً، وكان ضرورياً بعدها إعادة البناء، وتحقيق الانطلاق من خلال إجراءات وقرارات صعبة هى الأخرى تغير الدولة وقدراتها ومواطنيها. مصر تنطبق عليها هذه الأوصاف بعد عهد للثورات تقلبت فيه الدساتير وتعديلاتها، بل تجاوزها، ومن المدهش أن أكثر المهاجمين للسعى لتعديل الدستور الحالى هم جماعة الإخوان المسلمين، الذين فى حكمهم خلقوا ازدواجية فى الحكم بين الدولة ومجلس الإرشاد، وقاموا بتعطيل الدستور كلية، وفوق ذلك حصار المحكمة الدستورية العليا المنوط بها إصدار الأحكام الدستورية. مصر من ناحية أخرى، توجد فيها محاولة، ومبادرة، ورؤية للسير على طريق التقدم وتحتاج إلى قوة دفع كبيرة تحقق لها هذا الهدف.

هل التعديلات المطلوبة تحقق هذا الغرض؟ بعضها نعم، فإعطاء النساء 25% من مقاعد مجلس النواب هو خطوة على طريق إعطاء نصف الأمة فرصة المساهمة فى تحقيق الهدف النبيل. ولكن إنشاء مجلس للشيوخ لا يبدو مُحقِّقاً للهدف لأنه سوف يُعقِّد العملية التشريعية والرقابية، ويجعلها تأخذ وقتاً أطول مما تستلزمه عملية الانطلاق المُتصوَّرة إذا أخذنا فى الاعتبار أن هذه سوف تكون مجالس حقيقية تصوّت بالاسم أو إلكترونياً وتدرس الأمور بالجدية التى تستحقها. ومن ناحية أخرى فإن اختيار نائب للرئيس أو أكثر لا يحقق المسعى الذى يؤدى إلى نظام رئاسى لا خلط فيه ولا اختلاط، وفى حالته يكون هناك نائب واحد للرئيس، له شخصية سياسية ويتم انتخابه أيضاً، ولديه من الصحة والمقدرة والفكر والرؤية ما يساعد الرئيس ويضيف إلى مؤسسة الرئاسة. تعدد نواب الرئيس يضعف من المنصب، وقوته التمثيلية فى المحافل الدولية، وتأثيره الداخلى. وللتاريخ، فإننى كنت من المؤيدين لإنشاء مجلس للشيوخ أثناء مناقشات دستور 2014، ولكن التأييد كان فى إطار نظام سياسى مختلط يقوم فيه رئيس الوزراء بدور الشخصية الثانية فى الدولة. أما، وكما نأمل أن تكون مصر ومجلس نوابها المتحمل مسؤولية التعديلات قد أخذت أخيراً بصفاء النظام الرئاسى، فإن نائباً للرئيس يصير من قبيل الضرورة، خاصة إذا كان الطريق فيه سباق مع الزمن لكى نجد الدولة بين أكثر 30 دولة تقدماً فى العالم. أليس ذلك ما جاء فى رؤية مصر 2030؟!

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعديل والتعديلات التعديل والتعديلات



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon