توقيت القاهرة المحلي 04:39:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سباحة فى الفضاء الخارجى

  مصر اليوم -

سباحة فى الفضاء الخارجى

بقلم - عبد المنعم سعيد

كانت «كوكب الشرق» أم كلثوم هى أول الصلات مع عالم الكواكب والنجوم بالنسبة للجيل المصرى بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن سرعان ما أصبح الموضوع أكثر خطورة بعد نمو الوعى فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى عندما بدأت محاولات إطلاق الصواريخ السوفيتية والأمريكية إلى خارج مدار الكرة الأرضية. لم تعد السماء ثرايا ومصابيح وبرقا وشهبا، وطبقات تتعدد بشأنها الروايات والقصص فى سير مقدسة وإنما مدارات، تختفى فيها الجاذبية ويدخل فيها الإنسان فى مرحلة انعدام الوزن. وفى ١٢ إبريل ١٩٦١ دخل يورى إليكسفيتش ججارين، الطيار السوفيتى، إلى التاريخ كأول إنسان يخرج من المدار الأرضى على السفينة «فستوك» ويدور دورة كاملة حول الكوكب، ودخلت الإنسانية كلها عصرا جديدا. دخل الأمريكيون متأخرين قليلا إلى هذا العصر، لكنهم دخلوا بمشروع كبير للوصول إلى القمر قبل نهاية العقد أعلنه الرئيس جون كنيدى الذى جرى اغتياله فيما بعد، ولكن مشروعه بقى وتم إنجازه فى عام ١٩٦٩ عندما نزل نيل أرمسترونج على سطح القمر قائلا إنها خطوة صغيرة لإنسان لكنها قفزة هائلة للإنسانية، أو شىء من هذا القبيل! كان من طبيعة الأشياء أن يصبح الفضاء ساحة جديدة للسباق بين القوى العظمى تسليحا ونفوذا، ومجالا للحرب الباردة، وربما كان عجز السوفييت عن الوصول إلى القمر قبل الأمريكيين أولى الإشارات على أن توازن القوى التكنولوجى بين واشنطن وموسكو بات مختلا. ولكن المسألة كما سوف يبدو بعد ذلك أكبر كثيرا من صرعات القوة بين الدول، فسرعان ما بدا أن المدار القريب للكرة الأرضية هو الذى بمقدوره تغيير حياة البشر وقلبها رأسا على عقب. جاء عصر «الأقمار الصناعية» وما تبعها من ثورات فى مجالات الاتصالات والإعلام، والتجسس أيضا بالمناسبة، لكى يجعل حياة الإنسان تدخل عصرا كاملا جديدا أخذ ينمو حتى وصل إلى ما نشاهده الآن. المدار البعيد، أو الاستكشاف للفضاء السحيق، أصبح قصة أخرى بعضها يبدو بعيدا فى مجرات أخرى، وبعضها نعرفه نظريا مثل الثقوب السوداء، ولكن بعضها الآخر يبدو قريبا وهو فى داخل المجموعة الشمسية أو المجرة التى نعيش فيها بعد أن سلم الإنسان أنه مجرد ذرة فى كون ليس له نهاية.

وعندما نشر منذ أيام أن المركبة الفضائية «إنسايت» نزلت بنجاح على سطح المريخ بعد رحلة استمرت ستة شهور بهدف استجلاء «الكوكب الأحمر» وقشرته والزلازل التى تحدث فيه، باتت قصة الإنسان مع الفضاء وقد قطعت طريقا طويلا. المركبة تمثل قفزة تكنولوجية ضخمة على تلك التى سبقتها منذ ست سنوات وكان اسمها «كيوريوستي» أى الفضول باللغة الإنجليزية. كانت وكالة «ناسا» الأمريكية ساعتها تجرب حظها فيما لم يصل له إنسان أو آلة من قبل، ومع الرحلة الثانية فإن الأمر يبدو معتادا وساعدت الفنون (السينما خاصة) فى خلق مناخ من الصداقة مع الكوكب «الشقيق». فبعد أن كان المريخ يصور كما لو أنه عامر بوحوش مرعبة، وبراكين حارقة، أمكن لإنسان واحد، وبالعلم الذى نعرفه فى هذه المرحلة من تطوره، أن يعيش على الكوكب، ويزرع «البطاطس»، وتمكن «المريخى» من العودة إلى كوكب الأرض فى النهاية. العجيب أنه فى الوقت الذى بات فيه ممكنا الهبوط على سطح المريخ، أن الزيارة الأولى للقمر بدأت تذهب فى زوايا النسيان، وبعد أن كان الاعتقاد الذائع أيامها أن قمرنا سوف يكون المحطة التى يبحر منها البشر إلى ما وراء الكرة الأرضية، فإن ما جرى كان أن ١٦ دولة من دول العالم المتقدمة أقامت محطة مأهولة دائمة فى الفضاء يسكنها من يستعدون ويجربون من أجل السفر بعيدا. دولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت أنها سوف تقيم محطة فضاء مسكونة بالبشر على سطح المريخ مع مطلع القرن القادم، أصبحت الأحلام والحقائق ممكنة.

«غزو الفضاء» كانت له نتائج اجتماعية وسياسية فوق تلك التكنولوجية والاقتصادية المعروفة، وفى فيلم سينمائى «الأرقام الخفية» الذى يعكس وقائع حقيقية فى وكالة «ناسا» للفضاء كان اكتشاف الكون عن طريق فريق عمل من البيض والسود، والرجال والنساء، سببا رئيسيا لدفع المساواة بينهم، وهو الأمر الذى سوف تتعجب أنه لم يكن حادثا فى الولايات المتحدة الأمريكية حتى الستينيات من القرن الماضى. ولكن ما فرقه البشر، قربته النجوم، وفى السبعين عاما التى عشتها كانت النقلة هائلة وسريعة ومتراكمة ومدهشة ومثيرة بين الأرض فى ناحية والفضاء والأقمار والكواكب والنجوم والثقوب السوداء فى ناحية أخرى!

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سباحة فى الفضاء الخارجى سباحة فى الفضاء الخارجى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon