توقيت القاهرة المحلي 10:41:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هوامش على دفتر «زبيدة»؟!

  مصر اليوم -

هوامش على دفتر «زبيدة»

بقلم : عبد المنعم سعيد

 فى كل أنواع المعارك يوجد مكان محفوظ للحرب النفسية والتى أحيانا تكسب المعركة لصالح طرف قبل أن تبدأ، وأحيانا أخرى تستخدم لهز إيمان الطرف الآخر بقضيته. وأسوأ ما يحدث لمن يخوض معركة ما أن يعتقد أن استحقاقه للنصر ليس نابعا من قدراته، وإنما لأن قضيته فيها من العدالة ما يكفى لكسبها. الأمر ليس كذلك فى الواقع، فعدالة القضية الفلسطينية لم تعط الفلسطينيين دولة حتى الآن، وفى مصر فإن عدالة الموقف المصرى منذ 30 يونيو 2013 فى مواجهة الإخوان لم تكن كافية لكسب حرب ضروس على الساحة الدولية كانت ولاتزال جارية. الصمود والبسالة والبناء المصرى جعل العالم يعترف بالأمر الواقع ويتعامل مع الدولة المصرية كما أرادها المصريون، ولكن ذلك لم يمنع استمرار الحملات التى ترمى إلى تشكيك الشعب المصرى فى حاله السياسى، وخلق التردد فى ذهن كل من تسول له نفسه الاستثمار فى مصر أو السياحة فيها. وكلما نجحت مصر فى كبح جماح الإرهاب وتقليم أظافره وإنهاك قواه، فإن الحملة النفسية الخارجية تأخذ زخما أكبر وتزداد قوة واندفاعا مستخدمين فى ذلك «الأجندة» الليبرالية (حقوق الإنسان)، ولا بأس أيضا «الأجندة» العروبية (صفقة القرن المزعومة والقضية الفلسطينية)، وفى كل الأحوال استخدام «القضية المصرية» باعتبارها عنوانا لحالة من الفشل الدائم مهما كانت معدلات النمو، وشهادات المؤسسات الدولية، والمؤشرات الاقتصادية المعروفة، فخطاب المعاناة والشكوى الدائمة فيه مخزون يستخدم.

 قضية «زبيدة» الأخيرة والتى بدأت فى هيئة الإذاعة البريطانية حول قضية «الاختفاء القسرى فى مصر» كاشفة عن مدى اتساع المعركة التى تخوضها مصر فى هذا المجال. ومنذ بداية الموضوع على الشاشة الإنجليزية، وحتى الكشف عن «زبيدة» عن طريق الأستاذ عمرو أديب، عكست حالة المعركة الجارية حيث بدأت المقاومة المصرية تتصاعد بدءا من بيان الهيئة العامة للاستعلامات، وحتى الظهور المثير للضحية فى بيت الزوجية. هناك فارق الآن بين المعالجات الدبلوماسية السابقة والتى كانت تتأرجح بين الصمت، وانتظار التعليمات، وبيانات القانون الدولى، والحالة الحالية التى تنبع من مدرسة العلوم السياسية والاستراتيجية وترى أن الأمر كله معركة سياسية تطرح الأسئلة على المتسائل وتنقله من الهجوم إلى الدفاع عندما باتت المهنية وليس حقوق الإنسان هى القضية. مرة أخرى، ولن تكون الأخيرة، كانت أجهزة إعلامية غربية موضوعا للتلاعب من قبل الجهاز الإعلامى لجماعة الإخوان المسلمين بكافة أفرعها فى قارات العالم الست. ويكفى مشاهدة المصادر الإعلامية الإخوانية وحالة الانفعال التى تظهر عليها، وأجواء الكراهية المصاحبة لقصة «زبيدة» ووالدتها، لكى توشى بأن ما يحدث فى مصر من إنجازات وانتصارات يحاصر معنويا ونفسيا جماعة إسطنبول ولندن وواشنطن أيضا.

هذه فى الأول والآخر معركة «القلوب والعقول» التى كانت قصة زبيدة مجرد واحدة من تفاصيلها، فالحرب ضد الإرهاب لا تنتهى مع قتل الإرهابيين كما يحدث الآن فى عملية «سيناء 2018» الشاملة، وإنما بمنع إرهابيين آخرين من الحلول محل الذين ذهبوا إلى غير رجعة. فى كل الحروب التى خاضتها مصر من قبل كان هناك دوما مساحة لأدوات الدعاية والحرب النفسية، ولكن هذه كانت دوما ضعيفة التأثير لأن القضية الوطنية كانت دوما فائزة فى قلوب وعقول الناس. الحرب ضد الإرهاب مختلفة، ليس فقط فى الاستخدام الإرهابى للدين وإنما لأنها حرب عالمية تجد فيها دول وجماعات فرصا تنتهزها وأهواء تبحث عن سبل لإشباعها. من الناحية النظرية فإن التساؤل مشروع حول ذلك الذى يجمع الإخوان مع جماعة «هيومان رايتس ووتش» مع الإذاعة البريطانية سوى مجموعة من المتناقضات التى التقت عند مفترق طرق يمكن فضها بكثير من السياسة والإعلام الحق، أو باختصار خوض المعركة الاتصالية بنجاح، ليس فقط بالدفاع حول ما يجرى من أحداث، وإنما أيضا بفتح المزيد من الأبواب والنوافذ. الحقيقة الكبرى التى لا تنسى فى هذا المقام هى أن قضية مصر الأساسية هى بناء الدولة وعناصر القوة فيها، وأن العدو الأول لها هو جماعة الإخوان وتفريعاتها الإرهابية داخل مصر وخارجها لأن جميعهم يهدف إلى تغيير هوية مصر المدنية ووضعها فى دائرة الدول المحاصرة. مثل هذا لا ينفى التهديدات الأخرى للأمن القومى المصرى، وهذه إما أنها تخص آخرين أكثر منا، أو أنها تسعى للحصول على مزايا استراتيجية، وكلها موضوع لتوازن القوى والدبلوماسية والسياسة.

نقلا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هوامش على دفتر «زبيدة» هوامش على دفتر «زبيدة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon