توقيت القاهرة المحلي 04:19:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما الذى يحدث فى الشرق الأوسط؟

  مصر اليوم -

ما الذى يحدث فى الشرق الأوسط

بقلم - عبد المنعم سعيد

من الطبيعى أن تكون فى الشرق الأوسط أحداث جسام بعد سنوات من الثورات والحروب الأهلية، والتهديدات الموجهة للأمن الإقليمى ممثلة فى ارتفاع أسهم الأصوليات الدينية وتنظيماتها الإرهابية، والتوسع الإيرانى مباشرة أو بالوكالة فى أكثر من بلد عربي. ولكن الجديد فى الأحداث هو أنها تتعامل مع قرب نهاية عهد القلق الكبير فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين بعد تغيرات إيجابية أخذت شكل عودة الدولة، حتى ولو كانت رخوة، مرة أخرى فى العراق وسوريا، بينما انطلقت مجموعة من الدول فى مسار إصلاحى مستقر كما هو الحال فى مصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن والمغرب والكويت. بشكل ما فإن الشرق الأوسط عبر دوامة كبيرة خرج بعدها ليس كما كان من قبل، وإنما بدأ فى النظر فى الكيفية التى تدار بها المنطقة من جديد بحيث تتناسب مع الأولويات التى تضعها الدول فى الأمن والتنمية. 

أول المشاهد البارزة فى الإقليم الآن هى تلك المتعلقة بالعلاقات العربية الإسرائيلية، حيث توالت تطورات مثيرة ظهرت فى الزيارة التى قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو إلى مسقط ولقائه مع السلطان قابوس. لم تكن هذه هى الزيارة الأولى لرئيس وزراء إسرائيلى إلى عُمان، فقد فعلها من قبل إسحق رابين عام 1994 قبل اغتياله، وإبان الذروة التى وصلتها عملية السلام فى ذلك الوقت والتى احتوت على معاهدة سلام بين إسرائيل والأردن، وتوقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة الإسرائيلية. كانت نتيجة الزيارة السابقة إرسال عمان ممثلا تجاريا إلى تل أبيب سرعان ما جرى سحبه مع نشوب الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000. كان ذلك زمنا، والآن فى خريف عام 2018 أصبح هناك زمن آخر. الزيارة أولا جرت فى إطار عام من دفء نسبى فى العلاقات العربية الإسرائيلية ظهرت فى أن طائرة نيتانياهو عبرت عبر أجواء دول عربية، وفى ذات الوقت جرت فيها مناسبات ثقافية ورياضية شارك فيها إسرائيليون بما فيها حوار المنامة الذى يعقده كل عام معهد لندن للدراسات الدولية والإستراتيجية. منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط شهدت بدورها مجموعة من التفاعلات النشيطة الخاصة باكتشافات كثيرة للغاز فى قبرص ومصر وإسرائيل ولبنان جعلت التعاون والعائد المجزى متوافرا لكل الأطراف. الأردن من ناحيتها شاركت إسرائيل فى تدريبات خاصة بالتعامل مع الكوارث الطبيعية؛ ولكنها من ناحية أخرى طبقت حقها وفقا لمعاهدة السلام فى عدم تجديد الإيجار لقطعتين من الأرض احتفظت بهما إسرائيل بعد الاحتلال لمدة 25 عاما وقد آن أوان عودة الأرض الأردنية إلى أصحابها.

ثانيا: وسواء عن قصد أو بدونه، فإنه بات واضحا بعد الأزمات والصراعات العنيفة التى شهدتها المنطقة والتى نزف فيها من الدم، ودمر فيها من المدن، وخرج منها االلاجئون والنازحون أكثر مما حدث فى جولات الصراع العربى الإسرائيلى مجتمعة، أنه لا بد من طرق أخرى للتعامل مع التناقضات العربية الإسرائيلية الخاصة بالقضية الفلسطينية. وبصراحة أنه طالما ظلت حماس مهيمنة على غزة، وأن التصالح الفلسطينى أصبح بالغ الصعوبة رغم كل ما جرى للقضية الفلسطينية من تراجع فى أهميتها المركزية، وتدافع دول كثيرة فى العالم آخرها استراليا والبرازيل على اعتبار «القدس» العاصمة الموحدة لدولة إسرائيل؛ فإن العرب لا يمكنهم انتظار موقف للفلسطينيين أكثر من ذلك للدفاع عن مصالح حيوية واستراتيجية أخري. وبصراحة أيضا فإن انتظار الفلسطينيين طويلا لكى يتفقوا معا جعل اتفاق أوسلو القائم على حل الدولتين يصل إلى طريق مسدود، حيث تسربت موضوعات الحل النهائى من بين أصابع المؤيدين للحل، فقد اخترقت المستوطنات الإسرائيلية الحدود على خط عام 1967، وأصبحت القدس عاصمة لإسرائيل، ووجه ترامب ضربة كبيرة لوكالة غوث اللاجئين فضعفت قضيتهم، وحلت إسرائيل مشكلتها مع المياه بأن أصبحت أكثر دول العالم قدرة على تحلية المياه.

ثالثا: ومع وصول حل الدولتين إلى طريق مسدود فإن الشرق الأوسط بدأ يشهد مشروعين للحل، أحدهما غير معروف اللهم من بعض علاماته وشواهده، وهو الحل الأمريكى أو «صفقة القرن» الذى تحدث عنها دونالد ترامب، وصهره جيرد كوتشنر، وممثله فى الشرق الأوسط جرين بلات، والتى تقوم حتى الآن على استبعاد عدد من القضايا الرئيسية من المفاوضات مثل القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود، والاعتماد على تحقيق عدد من المزايا الاقتصادية للفلسطينيين. المشروع الآخر معروف، وتتبناه أقلية فلسطينية وإسرائيلية ويقوم على حل الدولة الواحدة من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط. تفاصيل هذا الحل ربما يكون له مقال آخر، ولكنه حتى الآن مرفوض من الطرفين؛ الفلسطينيين لأنهم خائفون من أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية وكأنهم الآن، وهم بلا دولة، مواطنون بلا درجة؛ والإسرائيليين رافضون أيضا لأنهم يخشون من ضياع أغلبيتهم فى دولة يتكاثر فيها العرب بأكثر من قدرة اليهود على التكاثر، وكأن هذا سوف يجعل الفلسطينيين أقل قدرة على التوالد بين النهر والبحر، وسواء كان فى داخل إسرائيل، أو خارجها فى الضفة الغربية وغزة.

رابعا: ورغم هذا الحراك داخل القضية الفلسطينية فإن جوهر الحركة فى الشرق الأوسط يدور حول المقترح الأمريكى بإقامة التحالف الإستراتيجى الشرق أوسطى الذى يضم دول مجلس التعاون الخليجى ومعها مصر والأردن لكى يشكل قطبا يستطيع التعامل مع قضايا المنطقة فى الأمن والتنمية وحل المشكلات المعلقة بما فيها القضية الفلسطينية. والحقيقة هى أن الأحاديث والمؤتمرات التى تتناول الموضوع تتجاهل أن هناك تحالفا رباعيا قائما بالفعل، وأن الأمر كله لا يحتاج مقترحات أمريكية خاصة بعد الدور الذى لعبته دول الخليج العربية فى مساعدة مصر، وأخيرا الأردن، فى لحظات فارقة من تاريخ الدولتين. اقتراح إقامة التحالف العربى أو المنظومة العربية Concert of Arabia ليس جديدا بالمرة ويمكن التعامل معه من منطلقات تنظيمية وقانونية عربية. المواقف الأمريكية الأخيرة سواء فيما يتعلق باليمن أو بغيرها تجعل التأكيد على المنطلقات العربية ضروريا ومنها يكون التعامل مع الموضوع، ومع الولايات المتحدة أيضا.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذى يحدث فى الشرق الأوسط ما الذى يحدث فى الشرق الأوسط



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon