بقلم - عبدالمحسن سلامة
فى شهر ديسمبر الماضى نظمت مؤسسة الأهرام المؤتمر الأول للطاقة تحت عنوان «مصر مركز إقليمى للطاقة.. الواقع والتحديات» واستمر على مدى يومين 18 و 19 ديسمبر وشارك فيه أكبر نخبة من المتخصصين والمسئولين فى هذا المجال من داخل مصر وخارجها، وفى ختامه تقرر أن يكون المؤتمر سنويا مع تشكيل أمانة عامة دائمة له تضم الخبراء والمتخصصين والمسئولين من داخل الحكومة، ومؤسسة الأهرام، والمؤسسات المصرية والعالمية المتخصصة فى هذا المجال.
لم تكن مؤسسة الأهرام حينها تضرب الودع، أو تتحدث بغير علم، وإنما كان المؤتمر نتاج جهد وعمل وتفكير دؤوب، وتحليلا لواقع ومستقبل الطاقة فى مصر والمنطقة، خاصة بعد اكتشاف حقل ظهر «الحقل الأضخم والأهم فى المنطقة كلها».
مصر تمتلك مقومات المركز الإقليمى للطاقة بداية من الموقع الجغرافى الإستراتيجى الذى يتوسط الدول الغنية بمصادر الطاقة، وأيضا الدول الأكثر استهلاكا للطاقة فى أوروبا، بالإضافة إلى أنها تمتلك أهم ممر ملاحى عالمى، وهو قناة السويس، فضلا عن أنها تمتلك أكبر بنية تحتية وأكبر خبرة فى مجال إسالة الغاز ومعالجته، كما أنه يوجد أيضا خط سوميد الذى ينقل معظم بترول الخليج العربى إلى أوروبا، بالإضافة إلى وجود 8 معامل تكرير بسعة تعميمية تبلغ نحو 38 مليون طن سنويا، و 15 مليون طن سعة تخزينية للزيت الخام، والمنتجات البترولية، كما ينتشر فى مصر أيضا نحو 19 ميناء بترول مطلة على البحر المتوسط، وخليج السويس، إلى جوار الإمكانات الضخمة التى تمتلكها مصر فى مجال البحث والاستكشاف التى تحتاج إليها الدول المجاورة الواعدة فى هذا المجال خاصة اليونان وقبرص.
من هذا المنطلق كان سعى مصر للتحول إلى مركز إقليمى للطاقة خلال السنوات المقبلة فى ظل امتلاكها كل المقومات الأساسية لذلك، بالإضافة إلى ما حققته من اكتشافات كبرى للغاز الطبيعى فى البحر المتوسط، فى مقدمتها حقل ظهر، إضافة إلى حقول أتول ونورس، ومشروع شمال الإسكندرية بالمياه العميقة.
تحويل مصر لمركز إقليمى للطاقة لا يعنى الاكتفاء بإنتاجها فقط، وإنما أن تتحول إلى مركز عالمى لتجارة الغاز والبترول، ومعالجته وإعادة تصديره مرة أخرى، مثل أى سلعة أخرى، وذلك لزيادة القيمة المضافة، وعدم الاكتفاء فقط بتصدير المواد الخام، ومن هنا جاءت فكرة تحويل مصر إلى مركز اقليمى للطاقة لموقعها المتميز، وإمكان استغلال هذا الموقع الفريد لاستيراد الطاقة الخام (غاز ـ بترول) وإعادة تصديره مرة أخرى بعد معالجته وتصنيعه مما يعود بالنفع الهائل على الاقتصاد القومى.
لكل ذلك كان طبيعيا أن يتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى، موضحا الموقف حول ما تم الإعلان عنه بالنسبة لاستيراد الغاز من اسرائيل، وذلك، فى أثناء افتتاح مركز خدمات المستثمرين بمقر مبنى وزارة الاستثمار قائلا: إن الحكومة ليست طرفا فى هذه الصفقة، مشيرا إلى أن إجمالى استهلاك مصر من المواد البترولية والغاز يتراوح بين 12 و 13 مليار دولار سنويا، وأن قيمة صفقة الغاز التى ستستوردها إحدى الشركات الخاصة من اسرائيل لا تتعدى 1.5 مليار دولار سنويا، بهدف تسييلها وإعادة تصديرها مرة أخرى، وان مصر سوف تستفيد من هذه الصفقة على عدة محاور حيث سيتم تحصيل رسوم مقابل استخدام المنشآت الحكومية مثل انابيب النقل، وكذلك محطات الإسالة والمعالجة، مؤكدا أن مصر وضعت قدمها فى المنطقة، واستطاعت ان تتحول إلى مركز إقليمى للطاقة، وأن الغاز الذى سيتم استيراده سيعالج فى المنشآت المصرية مقابل القيمة الفعلية لذلك، وسيتم إدخاله على الشبكة القومية ليكون متاحا إما للاستهلاك المحلى إذا اقتضت الحاجة ذلك، أو للتصدير إلى دول العالم المختلفة خاصة الدول الأوروبية.
نقلا عن الاهرام القاهرية