توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفساد سيد الموقف.. فما العمل؟

  مصر اليوم -

الفساد سيد الموقف فما العمل

بقلم - زياد بهاء الدين

طالعتنا صحف الأسبوع الماضى بقيام جهاز الرقابة الإدارية فى مستهل العام الجديد بإلقاء القبض على عدد من المتهمين بالفساد فى عدة قضايا تراوحت بين تسهيل الاستيلاء على أراضى الدولة وإهدار المال العام وإصدار تراخيص بالمخالفة للقانون وصولا إلى الرشوة مقابل الوساطة فى قبول تلاميذ بالمدارس، وهذا حصاد أسبوع واحد، ثم فوجئنا منذ يومين بإلقاء القبض على أحد كبار مسئولى الدولة، محافظ هذه المرة، بتهمة تقاضى رشوة مقابل تسهيل استيلاء رجلى أعمال على قطعة أرض، وبرغم أن أخبار تصدى الدولة للفساد تبث عموما على الارتياح لأنها تعبر عن الحرص على مكافحة هذا النزيف المستمر الذى يستهلك طاقات البلد والاقتصاد ويحبط الأجيال الشابة، إلا أن أسلوب تناول الموضوع إعلاميا يثير عدة ملاحظات حول تعامل مجتمعنا مع قضية الفساد بشكل عام.

من جهة أولى فإن اندفاع وسائل الإعلام نحو تأكيد ثبوت الجريمة على المتهم المقبوض عليه، وسرد جميع تفاصيلها باعتبارها ليست محلا للشك أو البحث، ولا كأن هناك نيابة تحقق، ولا دفاع يمثل المتهم، ولا قضاء يحكم، ينطوى على مخالفة للعدالة بل وتعطيل تطبيقها. ولعل من واجب المجالس المعنية بالإشراف على الصحافة والإعلام، بدلا من انشغالها بتقييد حرية التعبير فى المسائل السياسية والاجتماعية، أن تعمل على تذكير المجتمع بأن للمتهم حقوقا يجب احترامها، وعلى رأسها افتراض براءته ما لم يثبت ارتكابه للجريمة بحكم المحكمة وحدها.

من جهة ثانية فلم تكد تمضى ساعات معدودة على إلقاء القبض على المحافظ المتهم بالرشوة ــ وأنا بالمناسبة لا أعرفه ولم التق به من قبل ولا تابعت ما كان يقوم به فى موقعه ــ إلا وكان الفضاء الإعلامى والإلكترونى قد امتلأ معا بسيل من الأخبار والتقارير التى تؤكد أن الرجل كان فاسدا ومعروفا بالفساد منذ تعيينه، وكان منعزلا عن المواطنين، ومتعاليا على الموظفين، ومستغلا لمنصبه، ومنفقا من المال العام على مصالحه، ومتجاهلا للقمامة فى الشوارع، بل ومزورا فى ادعائه الحصول على دكتوراه مزيفة. ولكن بفرض صحة ما سبق، فأين كان كل هذا من قبل؟ ولم جرى السكوت عليه؟ بل كيف تم تعيينه أصلا؟ ما أطرحه هنا ليس بغرض الدفاع عن الرجل ولا إدانته، بل استنكار عدم الاتساق بين السكوت المتواصل لسنوات عن كل هذا السلوك المعيب ثم كشفه مرة واحدة.

وأخيرا فإن الأهم من الحالات الفردية المنشورة إعلاميا خلال الأيام الماضية، والتى تعبر للأسف عن حالة من الفساد المنتشر والمحيط بنا من كل جانب وفى كل مجال بما فى ذلك دخول التلاميذ للمدارس، هو ضرورة التفكير جديا فى مكافحة أصل المرض بدلا من الاستمرار فى مطاردة أعراضه وتداعياته. والمرض فى تقديرى ليس وجود فاسدين مستعدين لبيع ضمائرهم، ولا ضعف الأخلاق فى المجتمع، ولا قلة الموارد التى توفرها الدولة للأجهزة الرقابية، بل المرض الأصلى والمستمر معنا قبل كل الثورات وبعدها هو غموض القوانين واللوائح، والسلطات التقديرية المتسعة الممنوحة للمسئولين والموظفين، وعدم دراية الناس بحقوقها وواجباتها بشكل واضح، بحيث تزول الخطوط الفاصلة بين المشروع وغير المشروع، ويصبح بإمكان الموظف المسئول أن يمنح ويمنع دون ضوابط محددة. ونتيجة هذه الحالة الضبابية ليست فقط زيادة الفساد وتشجيع البيئة المواتية لانتشاره، بل أيضا شل أيدى من يريدون العمل بشرف ونزاهة وتهديد كل من يحاول مواجهة المصالح المستقرة بأنه سيكون ضحية الملاحقة القانونية والإعلامية.

الفساد كثير ومنتشر فى كل مجال، وجهود الدولة فى مواجهته لابد أن تكون محل تقدير وتشجيع، ولكن يجب أن يرتبط بها حرصا على حماية حقوق المتهمين مهما كانت الجرائم المنسوبة إليهم، وضرورة توجيه الجهد الرئيسى للوقاية من الفساد عن طريق إزالة الغموض والتناقض فى القوانين واللوائح والحد من السلطات التقديرية الواسعة التى تجعل كل شىء ممنوع ومشروع فى نفس الوقت

نقلا عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفساد سيد الموقف فما العمل الفساد سيد الموقف فما العمل



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon