توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما تبقى من صفقة القرن

  مصر اليوم -

ما تبقى من صفقة القرن

بقلم - محمد عصمت

بعد أن أقر الكنيست الإسرائيلى الأسبوع الماضى ما يعرف بـ«قانون القومية»، لم يعد لما يسمى بـ«صفقة القرن» نفس أهميتها السابقة، بل يمكن أن نقول إن «القانون» وضع «الصفقة» على الرف مؤقتا لتوظيفها فى مسارات أخرى، بعد أن قدم «القانون» لإسرائيل أكثر بكثير مما كانت ستحصل عليه منها، خاصة أن تمريره لم يثر أى ردود فعل عربية يمكن أن تحسب لها إسرائيل أى حساب، حيث لم تتعد بيانات الشجب والإدانة المألوفة!

صفقة القرن كما هو متاح إعلاميا حول بنودها الغامضة والتى كان من المقرر أن يعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نهاية الشهر الماضى كخطة تتبناها إدارته لإقرار ما ترى أنه «السلام الدائم والشامل» فى المنطقة، كان من المفترض أن تتضمن ضمن ما تتضمن إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على أجزاء الضفة الغربية وكل قطاع غزة، على أن تكون قرية أبوديس عاصمتها المقترحة، وإعطاء إسرائيل كل الصلاحيات الأمنية للرقابة على معابر الحدود، وحل مشكلة الازدحام السكانى فى غزة بتيادل اراضى، مع حزمة مساعدات دولية، على أن تعترف كل الدول العربية بإسرائيل وتقيم معها علاقات طبيعية.

لكن بقانون «القومية» حصلت إسرائيل على كل ذلك وأكثر، فبمقتضى هذا القانون أصبحت «دولة» إسرائيل هى الوطن القومى للشعب اليهودى، وحق تقرير المصير قاصر على اليهود وحدهم، والقدس الموحدة عاصمة لها للأبد لا مجال لأى مفاوضات بشأنها، واعتبار العبرية اللغة الرسمية الوحيدة للدولة، كما أن حق الهجرة الذى يؤدى للحصول على المواطنة الإسرائيلية قاصر على اليهود فقط.

لم يعد للفلسطينيين بعد إقرار هذا القانون أى حقوق تاريخية ولا حتى سياسية داخل إسرائيل، حق العودة التى يقره القانون الدولى لثمانية ملايين فلسطينى يعيشون فى الشتات أصبح بلا قيمة، الاستيطان اليهودى سيأكل المزيد والمزيد من أراض الفلسطينيين الذين سيتحولون إلى ضيوف غير مرغوب فيهم فى وطنهم، القدس ستصبح يهودية والأقصى وكنيسة المهد خاضعان للسيادة الإسرائيلية، حل الدولتين أصبح بدون معنى، كل التنازلات التى قدمتها الأطراف العربية بداية من زيارة السادات المشئومة للقدس حصلت عليها إسرائيل بلا مقابل.

القيمة الوحيدة المتبقية لصفقة القرن الآن عند إسرائيل ومن خلفها ترامب هى تسويق «قانون القومية» بين العرب، وضمان قبولهم بالأمر الواقع، بل وشغلهم بالجوانب الغامضة لهذه الصفقة وإثارة الخلافات بينهم، تمهيدا لإعطاء إسرائيل مفاتيح الهيمنة على المنطقة كلها، بعد أن رتبت «بيتها» من الداخل بالشكل الذى تريده!
مع ذلك ورغم كل هذا البؤس الذى يحيط بعالمنا العربى، فإن إسرائيل التى تعيد إنتاج نفسها كدولة دينية عنصرية، تدق أول مسمار فى نعشها، وتحكم بنفسها على الايديولوجية الصهيونية التى سوقتها فى الغرب على أنها حركة ديمقراطية للتحرر الوطنى، بأنها خليط مشوه بين نازية هتلر والفصل العنصرى فى جنوب افريقيا، دون ان تدرى أنها ستلقى نفس مصيرهما إن آجلا أو عاجلا.

كل دروس التاريخ تؤكد أن قيم الحرية والمساواة والعدالة هى التى تبنى الدول القوية، وعندما يبنى العرب دولهم على هذه القيم لن تجد إسرائيل مكانا لها فى المنطقة، وستتهاوى كقصر من الرمال، بدون حتى أن نطلق عليها رصاصة واحدة!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الشروق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما تبقى من صفقة القرن ما تبقى من صفقة القرن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon