توقيت القاهرة المحلي 11:32:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عنان.. «ألغام» على الطريق

  مصر اليوم -

عنان «ألغام» على الطريق

بقلم - محمد عصمت

الانطباع السائد عن سامي عنان أنه قائد عسكرى كلاسيكى لا تنقصه الصرامة، عقليته السياسية لا تتعدى أفق دولة مبارك، وباعتباره ابنا بارا لها فإنه يعادى بطبيعة الحال ثورة يناير بكل ما نادت به من شعارات بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية، وبكل مطالبها بالتعددية السياسية وتداول السلطة وإنهاء هيمنة أجهزة الأمن على كامل تفاصيل حياتنا العامة بكل مؤسساتها الحزبية والنقابية والتعليمية والصحفية والإعلامية والثقافية بل والفنية والرياضية أيضا.

لكن الرجل، فى خلال أيام قليلة فقط، نجح فى إجراء تغييرات كبيرة على الصورة الذهنية المشهورة عنه، فبجانب إشارته فى خطابه القصير الذى أعلن فيه نيته الترشح لرئاسة الجمهورية إلى ضرورة استعادة قيم ديمقراطية وحقوقية يتضمنها الدستور تم تغييبها عن المشهد السياسى الراهن، فقد جاء اختياره لكل من د. هشام جنينة ود. حازم حسنى كنائبين أو مساعدين له إشارة واضحة بأنه ينوى تقديم مشروع سياسى مناهض لكل التوجهات الاقتصادية والسياسية الحالية فى مصر، وهو ما يمكن رصده فى ثلاث نقاط أساسية:

ــ إعادة الدماء لشرايين السياسة المسدودة بتأكيد عنان فى خطابه على أن سبب كل مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية واهدار مواردنا، هو تهميش القطاع المدنى فى الدولة، وتحميل الجيش وحده عبء حلها.
ــ انحيازه الواضح إلى ضرورة تفعيل نظام سياسى ديمقراطى تعددى يحترم الدستور والقانون، ويستند إلى إحياء قيم النظام الجمهورى وعلى رأسها تقاسم السلطة بين مؤسسات الدولة.
ــ إعلانه تكوين بنية مدنية فى تركيبة مؤسسة الرئاسة باختياره الذكى لجنينة وحسنى كـ«نائبين» له بأفكارهما وتوجهاتهما المؤيدة لقيم ثورة يناير، يعطى دلالات واضحة على طبيعة توجهاته السياسية التى تريد أن تبنى جسورا للتلاقى مع ملايين الغاضبين فى مصر وبخاصة فئات الشباب، وتفتح أمامهم أبوابا موصدة فى وجوههم لكى يشاركوا فى الشأن العام.

على الرغم من كل ذلك، فإن العقبات التى تواجه عنان لا تقتصر فقط على تجاوزه الألغام التى يضعها البعض أمامه لمنعه من الترشح أصلا، فنحن لا نعرف سوى عناوين عريضة يمكن أن نستشف من خلالها ما يستهدف الرجل تحقيقه إذا فاز بالرئاسة، ولكننا لا ندرى شيئا عن الطريقة أو الآلية التى سيحل بها أزماتنا المتفاقمة، بداية من مفاهيم العدالة الانتقالية التى يمكن أن تفتح مجالا واسعا للمصالحة الوطنية وتخفيف الاحتقان السياسى فى البلاد والقضاء على أكبر مسببات الإرهاب، مرورا بكيفية التعامل مع روشتة صندوق النقد الدولى فيما يسمى بالإصلاح الاقتصادى والتى تسببت فى رفع الأسعار وزيادة معدلات الفقر، ومواجهة أزمات المياه بعد سد النهضة، نهاية باستحقاقات ما يسمى بصفقة القرن والعلاقات مع إسرائيل وأمريكا، والعلاقات الإقليمية بمحاورها المتصارعة على الهيمنة على المنطقة.

الشىء الوحيد المؤكد حدوثه إذا تم قبول ترشح عنان هو أننا سنشهد انتخابات حقيقية، ستشارك فيها نسب كبيرة من الناخبين تبعد عنها شبح المقاطعة الذى يهددها، وستفتح الكثير من الملفات المسكوت عنها فى حياتنا السياسية، بل ربما تحمل فى طياتها إمكانيات واسعة لوقف مساع دءوبة يبذلها البعض لإهدار مواد الدستور التى تتعلق بالحقوق السياسية والاقتصادية.

دخول عنان السباق الرئاسى فى نظر الكثيرين من المعارضين اختبار حقيقى لشرعية لنظامنا السياسى ومدى ديمقراطيته، وفوزه فى الانتخابات يحيى آمالهم فى إمكانية توسيع المجال العام أمام مشاركات شعبية حقيقية فى صنع القرار، وتحريك المياه الراكدة فى حياتنا السياسية برمتها، قبل أن تنفجر براكين من الفوضى غير المسئولة وغير المحسوب عواقبها!

نقلا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنان «ألغام» على الطريق عنان «ألغام» على الطريق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon