بقلم - أمينة خيري
يوم 21 مايو عام 2021، صدق مشرعو ولاية تكساس الأمريكية على مشروع قانون يسمح للغالبية العظمى من سكان الولاية بحمل المسدسات دون شرط الحصول على ترخيص أو تدريب أو فحص للخلفية الاجتماعية لحامل السلاح.. جاء هذا التصديق بعد فترة جدل تم حسمها بتصويت الحاكم الجمهورى للولاية لصالح التخلى عن «القيود» التى كانت مفروضة على حمل الأسلحة. مؤيدو حمل الأسلحة رأوا أن هذا «الانتصار» سيمكّنهم من حماية أنفسهم بشكل أفضل فى الأماكن العامة، وإلغاء القيود «غير الضرورية» على «حقهم الدستورى» الذى ينص على حق حمل السلاح للمواطنين. وأمس الأول، قَتل شخص فى الـ18 من عمره جدته و18 تلميذًا فى مدرسة ابتدائية ومعلمًا قبل أن ترديه الشرطة قتيلًا. بشاعة «الحادث» لا تعنى أنه فريد أو غريب أو غير مسبوق. قبلها بأيام قليلة، أطلق مراهق آخر فى الـ18 من عمره كذلك النار على عشرة أشخاص فى منطقة بافالو فى نيويورك. ويظل كلا «الحادثين» أمرًا لا يمكن نعته بـ«المفاجئ» أو «غير المسبوق». فقد شهد العام الماضى 693 «حادث» إطلاق نار جماعيا من قبل أشخاص مدنيين، فى مقابل 620 «حادثًا» فى العام السابق. أما حوادث القتل بسلاح نارى فى عام 2020 فبلغت 19 ألفًا و350 «حادثًا».
ولأن «الحادث» هو الشىء الذى يحدث بشكل غير متوقع أو غير مخطط له، فإن تكرار «حوادث» إطلاق النار من قبل مواطنين يحملون السلاح بحسب حق دستورى أو ترخيص يسمح لهم بذلك يجعلها تصرفات متوقعة بشكل أو بآخر. وهى فى ذلك أقرب ما تكون إلى حوادث الطرق المميتة لدينا، حيث الأسباب معروفة، وسبل منعها مرفوعة من الخدمة.
الرئيس بايدن قال فى خطاب مؤثر وجّهه للشعب الأمريكى: «متى، حبًا فى الله، سنقف فى وجه لوبى الأسلحة؟!».. بمعنى آخر وبلغتنا المستوردة فى سبعينيات القرن الماضى: «بالله عليكم، متى سنقف فى وجه لوبى الأسلحة؟!». والحقيقة أن الرئيس بايدن شدد قواعد الحصول على ما يسمى «الأسلحة الشبحية» فى أبريل الماضى عبر إلزام من يبيعها بالتدقيق فى صحيفة سوابق المشترى.
والأسلحة الشبحية عبارة عن مسدسات وبنادق تباع مفككة، ثم يجمعها المشترى، ويمكن شراؤها كذلك عبر الإنترنت.. والأدهى من ذلك أنها باتت قابلة للطباعة على طابعة ثلاثية الأبعاد!.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة العدل الأمريكية، أنتجت أمريكا خلال العقدين الماضيين 139 مليون قطعة سلاح نارى مخصصة للبيع للأفراد، واستوردت 71 مليون قطعة. ويتساءل البعض عندنا: ولماذا لا يصدر الرئيس بايدن أوامره بجمع الأسلحة من المواطنين، أو يتم إصدار قانون يمنع ويجرّم امتلاك مواطنين للأسلحة؟ والإجابة هى أن التعديل الثانى فى الدستور الأمريكى يكفل «حق» حيازة المواطنين الأسلحة النارية، ولا يجوز التعرض لحق الناس فى اقتناء الأسلحة وحملها. وهذا يطرح إشكالية حول حدود الديمقراطية ومعايير حقوق الإنسان وهيمنة لوبى السلاح.