بقلم - أمينة خيري
خبر عظيم جاء فى وقته تمامًا. سيكون لدينا لقاح مصرى مضاد لكوفيد-19 قريبًا. ملامح المولود تشكلت ولم يبق إلا القليل ليخرج إلى الحياة. المسألة ليست كلامًا على ورق أو خططًا مستقبلية قد تتحقق أو تتعثر. المسألة مراحل كثيرة تم إنجازها، ومراحل قليلة يٌنتظر الانتهاء منها قريبًا لنقول «أصبح لدينا لقاح مصرى». حتى الفيروس المستخدم فى تصنيع اللقاح حمله مرضى مصريون!، والحقيقة أن ملف اللقاح منذ كان فكرة وحتى أوشك على أن يكون إنجازًا متكاملًا ليس قصة نجاح فقط، لكنه طاقة أمل فى وقت نحن فى أشد الحاجة لها. فالوباء عمره عامان. وأن تتمكن مصر من التحرك للخروج بلقاح «صنع فى مصر» فى هذا الوقت أمر جدير باستعادة الثقة فى قدراتنا البحثية. عقود طويلة ونحن نبكى على لبن العلم والبحث العلمى المسكوب. واليوم «الماكينة طلعت قماش» والحكومة المصرية، بالتعاون مع القطاع الخاص، تستعد للقاح يتم طرحه قريبًا. وقصة النجاح والأمل ليست فى خروج لقاح والسلام، لكنها فى خروج لقاح اتبع المعايير العلمية الصارمة فى البحث، ولم يركن إلى التسرع بالإعلان قبل الأوان. فرق بحثية تصل الليل بالنهار فى سكون فى معامل بحثية مصرية، حيث تم عزل الفيروس من عينات إيجابية. وتم تحديد السلالات وخضعت لعمليات إضعاف وتحديد الضراوة. وبدأت مرحلة تصنيع اللقاح فى معهد الأمصال واللقاحات البيطرية- الذى يعود إلى عام 1903 ويصنع 70 لقاحًا بيطريًا- وتجربته على حيوانات التجارب للتأكد من مدى الأمان. وتم هذا باتباع دقيق القواعد لأخلاقيات رعاية حيوانات التجارب.
هنا يجب الإشارة إلى أن هذه التجارب تمت فى وقت لم تكن هوية الفيروس فيه معروفة، وهو ما يستلزم مستويات أمان قصوى لمعامل لا تتوافر إلا فى القوات المسلحة المصرية. بعدها خضع اللقاح لجميع المراحل المتبعة للقاحات فى التجارب قبل السريرية، ولم يتبق سوى القليل. سرد الخطوات لفظيًا يبدو أمرًا سهلًا. لكن كل خطوة من خطوات الخروج باللقاح تعكس إرادة سياسية واضحة وجهدًا بشريًا هائلًا وشغفًا بالعلم والبحث وبزوغ شكل للوطنية عز علينا فراقه على مدار عقود، ألا وهو الشعور بالانتماء عبر علم نافع تنتفع منه ملايين المصريين وغير المصريين. كتيبة من الباحثين من الشابات والشباب فى القلب من اللقاح المصرى. يحملون درجاتهم الجامعية فى العلوم والصيدلة والطب البيطرى، ومعها شغفًا بالعلم والبحث تكلله إمكانات بحثية ويعملون تحت قيادة خبرات مصرية مخضرمة. اللقاح المصرى قصة نجاح لتكاتف الدولة عبر وزارات التعليم العالى والزراعة والقوات المسلحة مع القطاع الخاص من أجل مصلحة واحدة وإمكانات تصدير ومفهوم للأمن القومى يتمثل فى صحة المصريين وجاهزية اللقاح المحلى دون انتظار «الدور» والأولوية حسبما تتراءى لمصنعى اللقاحات. وبالإضافة لكل ما سبق، فإن اللقاح المصرى المضاد لكوفيد-19 هو عودة لطريق العلم لمصر وهو أولى وأجدى من إهدار مليارات فى خرافات أو دعم سباق الأرانب.