توقيت القاهرة المحلي 13:16:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عقيدة الأشجار

  مصر اليوم -

عقيدة الأشجار

بقلم - أمينة خيري

سيظل مشهد واجهات العمارات السكنية القديمة رائعة الجمال فى روما، والتى كان يجرى إعادة هيكلتها بالكامل فى منتصف التسعينيات، محفورًا فى ذاكرتى. الواجهة يجرى ترميمها بكل دقة وحرفية وكأنها أثر تاريخى، فى حين تجرى عمليات تعديل الداخل وتغييره تمامًا بمعايير بالغة الحداثة.. وستظل عمليات إغاثة الأشجار وإحاطة البعض منها بدائرة حديدية رفيعة حتى لا يتم تشويه منظرها لدعمها وعلاجها حاضرة فى الذاكرة. هذه «العقيدة» القائمة على التعامل مع الأشجار والمبانى القديمة ذات الطرز المعمارية التى لا يمكن استنساخها بهذه الروعة والجمال قوامها إيمانٌ مطلق بالجمال والأصالة، واعتبار الأشجار أولوية ودليلًا على الرقى والإنسانية وتغليب كفة الطبيعة على حساب الخرسانة.. هى عقيدة لا يتم زرعها فى الكِبر أو فرضها عنوة دون اقتناع..لماذا؟ لأنها عقيدة وليست سياسة أو اقتصادًا. والعقيدة فريضة. وأنا أفترض حسن النية فى اعتبار الأشجار قطعة خشب عليها أوراق خضراء. لماذا؟ لأن أجيالًا تربّت على احترام الخرسانة وتبجيلها، أما الشجرة، فنقتلعها على سبيل الابتهاج بانتهاء الامتحانات، ونحفر عليها اسمى شيماء وعلاء بسكين، ويتعلق بها الصغار على سبيل اللهو «البرىء»، وحين تموت كمدًا نعتبرها قطعة خشب وراحت.
ولا ينكر إلا جاحد أو حاقد الصحوة الكبرى التى تشهدها مصر فى مجال الكبارى والطرق، وهى الصحوة التى نقلتنا من غيبوبة الامتنان المزمن لنفق الأزهر (2001) وكوبرى أكتوبر (1969-1999) إلى اعتياد الاستيقاظ صباحًا على إنجاز جديد مبهر.. لكن أخذ الأشجار والطابع المعمارى فى الحسبان أيضًا أمورٌ بالغة الأهمية.. لماذا؟ لأن الحضارة ليست مجرد خرسانة، إنها خرسانة بروح وقلب وعقيدة وجمال ومعنى وقيمة. والجمع بين حركة البناء والتشييد العظيمة من جهة واللون الأخضر والطابع المعمارى المتميز الفريد الجميل من جهة أخرى ليس حرامًا أو مستحيلًا. وبهذه المناسبة، المقصود من اللون الأخضر هنا ليس الموكيت الأخضر بالغ القبح أو الزرع الذى يتم غرسه دون تخطيط مسبق فيلقى حتفه بعد أيام معدودة، أو زراعة جسم الكوبرى مثلًا، أو غيرها من الأفكار التى تبدو للوهلة الأولى جذابة لكنها غير مستدامة على الإطلاق. ولا يخفى على أحد أن كثيرين يبكون على أطلال الأشجار الكثيرة الكثيفة الغزيرة التاريخية الجميلة، التى تم خلعها فى العديد من المناطق، ما أفقد المناطق طابعها وظلالها وفوائدها البيئية الكثيرة، بالإضافة- بالطبع- إلى ذكريات عشرات السنين التى تم إلقاؤها فى مقلب الزبالة. نتفهم تمامًا الاضطرار إلى تهيئة الطريق لبناء كوبرى أو ما شابه، لكن أولوية دمج الأشجار فى التخطيط ليست واردة من قريب أو بعيد. والمؤكد أن بيننا خبراء فى كيفية البناء بأقل أضرار ممكنة للبيئة ولطبيعة المكان ومعماره.. لكن العقيدة غير موجودة.. ولماذا هى غائبة؟ لأن الثقافة المصرية منذ السبعينيات تم توجيه دفتها إلى أولويات أخرى لا علاقة للجمال أو للطبيعة بها. نأمل الخير فيما هو قادم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقيدة الأشجار عقيدة الأشجار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon