توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عقيدة الأشجار

  مصر اليوم -

عقيدة الأشجار

بقلم - أمينة خيري

سيظل مشهد واجهات العمارات السكنية القديمة رائعة الجمال فى روما، والتى كان يجرى إعادة هيكلتها بالكامل فى منتصف التسعينيات، محفورًا فى ذاكرتى. الواجهة يجرى ترميمها بكل دقة وحرفية وكأنها أثر تاريخى، فى حين تجرى عمليات تعديل الداخل وتغييره تمامًا بمعايير بالغة الحداثة.. وستظل عمليات إغاثة الأشجار وإحاطة البعض منها بدائرة حديدية رفيعة حتى لا يتم تشويه منظرها لدعمها وعلاجها حاضرة فى الذاكرة. هذه «العقيدة» القائمة على التعامل مع الأشجار والمبانى القديمة ذات الطرز المعمارية التى لا يمكن استنساخها بهذه الروعة والجمال قوامها إيمانٌ مطلق بالجمال والأصالة، واعتبار الأشجار أولوية ودليلًا على الرقى والإنسانية وتغليب كفة الطبيعة على حساب الخرسانة.. هى عقيدة لا يتم زرعها فى الكِبر أو فرضها عنوة دون اقتناع..لماذا؟ لأنها عقيدة وليست سياسة أو اقتصادًا. والعقيدة فريضة. وأنا أفترض حسن النية فى اعتبار الأشجار قطعة خشب عليها أوراق خضراء. لماذا؟ لأن أجيالًا تربّت على احترام الخرسانة وتبجيلها، أما الشجرة، فنقتلعها على سبيل الابتهاج بانتهاء الامتحانات، ونحفر عليها اسمى شيماء وعلاء بسكين، ويتعلق بها الصغار على سبيل اللهو «البرىء»، وحين تموت كمدًا نعتبرها قطعة خشب وراحت.
ولا ينكر إلا جاحد أو حاقد الصحوة الكبرى التى تشهدها مصر فى مجال الكبارى والطرق، وهى الصحوة التى نقلتنا من غيبوبة الامتنان المزمن لنفق الأزهر (2001) وكوبرى أكتوبر (1969-1999) إلى اعتياد الاستيقاظ صباحًا على إنجاز جديد مبهر.. لكن أخذ الأشجار والطابع المعمارى فى الحسبان أيضًا أمورٌ بالغة الأهمية.. لماذا؟ لأن الحضارة ليست مجرد خرسانة، إنها خرسانة بروح وقلب وعقيدة وجمال ومعنى وقيمة. والجمع بين حركة البناء والتشييد العظيمة من جهة واللون الأخضر والطابع المعمارى المتميز الفريد الجميل من جهة أخرى ليس حرامًا أو مستحيلًا. وبهذه المناسبة، المقصود من اللون الأخضر هنا ليس الموكيت الأخضر بالغ القبح أو الزرع الذى يتم غرسه دون تخطيط مسبق فيلقى حتفه بعد أيام معدودة، أو زراعة جسم الكوبرى مثلًا، أو غيرها من الأفكار التى تبدو للوهلة الأولى جذابة لكنها غير مستدامة على الإطلاق. ولا يخفى على أحد أن كثيرين يبكون على أطلال الأشجار الكثيرة الكثيفة الغزيرة التاريخية الجميلة، التى تم خلعها فى العديد من المناطق، ما أفقد المناطق طابعها وظلالها وفوائدها البيئية الكثيرة، بالإضافة- بالطبع- إلى ذكريات عشرات السنين التى تم إلقاؤها فى مقلب الزبالة. نتفهم تمامًا الاضطرار إلى تهيئة الطريق لبناء كوبرى أو ما شابه، لكن أولوية دمج الأشجار فى التخطيط ليست واردة من قريب أو بعيد. والمؤكد أن بيننا خبراء فى كيفية البناء بأقل أضرار ممكنة للبيئة ولطبيعة المكان ومعماره.. لكن العقيدة غير موجودة.. ولماذا هى غائبة؟ لأن الثقافة المصرية منذ السبعينيات تم توجيه دفتها إلى أولويات أخرى لا علاقة للجمال أو للطبيعة بها. نأمل الخير فيما هو قادم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقيدة الأشجار عقيدة الأشجار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon