بقلم - أمينة خيري
إذا جازت «كل سنة وأنت طيب» في كل مكان، فهى لا تجوز في مطار القاهرة (أو أي من المدن المصرية) الدولى. وإذا سردنا المبررات والحجج، حيث «الدنيا صعبة» و«أصل عندنا خمس عيال» و«علشان غلابة» وغيرها في كل أرجاء البلاد، فالسرد باطل في المطار. مبدئيًّا، فإن تعامل العاملين في المطار مع المسافرين أفضل كثيرًا مما مضى. صحيح أن حسن التعامل يُفترض أن يكون من البديهيات، لكن دعونا نُثنى على مَن صار يبتسم في وجه المسافر، ومَن بات يرد التحية دون أن يرمق المسافر الذي ألقاها بنظرة غضب. ولكن مادمنا ذكرنا حسن التعامل في المطار، ومادمنا قادرين على تقديم نوعية أفضل من الخدمة في هذا المكان الحيوى، الذي إما يدعو الزائر إلى تكرار الزيارة، أو يدفعه إلى لعن سلسفيل اليوم الذي قرر أو اضطر فيه إلى زيارة هذا المكان، فإن أمين الشرطة الذي يقوم بواجبه على أكمل وجه، وتساوره الشكوك في محتويات حقيبة يحملها راكب فيطلب من زميله تفتيشها ويقول لزميله بعلو الصوت: «خد عندك الجدع ده، الشنطة فيها حاجات منيلة بـ60 نيلة» فهذا أمر غير لائق، حتى لو «الحاجات منيلة بـ60 نيلة».
عمال الحقائب وتجميع عرباتها يقومون بعمل عظيم ولا غنى عنه، لكن معاركهم الكلامية ونقاشاتهم بأصوات مجلجلة عبر صالات المطار مترامية الأطراف، بالإضافة إلى افتقاد الحد الأدنى من قواعد التعامل في مكان يعج بالركاب ونعتبره واجهة لمصر ومرحلة حيوية من مراحل تقييم البلاد والعباد، بالإضافة إلى عدم وجود حد أدنى من قواعد العمل حيث يتم دفع عشرات العربات خروجًا من باب دخول الركاب مثلًا مع تحذيرهم بـ«هسسسسسس» أمر مرفوض. وهذا لا ينفى مجهودهم الرائع ووجودهم الحيوى الذي لا غنى عنه في المكان.
لكن الراكب، ولاسيما غير المصرى، أيضًا، ليس مطلوبًا منه أن ينقب في أحوالهم المعيشية بالغة الصعوبة ليعتبرها مبررًا. كذلك أمين الشرطة الواقف على باب الدخول الذي يدخن سيجارة يمارس سلوكًا يتنافى تمامًا وعلامات «ممنوع التدخين» في كل مكان، ناهيك عن أن تدخين رجل الشرطة أثناء تأدية عمله أمر غير مُحبَّب، ولا أعلم ما إن كان مسموحًا به. عامل حمل الحقائب الذي يُفترض أنه يساعد الركاب على حمل حقائبهم لتمريرها على جهاز التفتيش (وليس الذي يقدم خدماته في مقابل مبلغ مالى متفق عليه) لا يصح أن يهمس في أذنك: «صبّح علينا بقى» أو «حليلنا بؤنا». ومثل هذه الأمثلة كثيرة. وأكرر أن عذر الغلب القاتل حيث الناس مهروسة ومدهوسة من غلاء المعيشة، بقدر ما هو حقيقى، بقدر ما هو مرفوض في هذا المكان بالذات. ما ذكرت ليس قساوة قلب، بقدر ما هو قلب وعقل مفطوران على الفرص التي تُهدر دون داعٍ، والصورة التي تُشوه دون مبرر. ما سبق كان تقييمًا في ضوء رحلة السفر، وربنا يستر في رحلة العودة، و«تاكسى يا مدام» و«ليموزين يا أستاذ»؟.