توقيت القاهرة المحلي 09:21:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من الحراك ما قتل

  مصر اليوم -

من الحراك ما قتل

بقلم - أمينة خيري

لم يكن هناك ما هو أبشع من حادث القطار «الإجرامى» إلا حراك شبكات التواصل الاجتماعى الجنونى. دورة اطّلاع واحدة على «رؤى» الأصدقاء والمعارف للحادث.

وكلمة «رؤى» المستخدمة أعلاه مستخدمة مع سبق الإصرار لكن دون ترصد، فحين تباغتك تفاصيل دقيقة لكيف وقع الحادث، مصحوبة بما قاله السائق لزميله، وبما رَدَّ الزميل به، وكأن السارد كان يقف حائلاً بينهما، ثم يمضى الصديق «الفايسبوكى» قدماً ليؤكد لمتابعيه أن ما جرى هو حادث إرهابى مما لا يدع مجالاً للشك، تجد نفسك مصدوماً مشدوهاً مفعماً بمشاعر جنونية حين يؤكد لك الصديق التالى فى ترتيب الصفحة أن الحادث وقع لسبب واحد لا ثانى له، ألا وهو إهمال الدولة وفساد المسؤولين، مُعضِّداً رؤاه بأغلظ الأيمانات وأنه يملك وثائق تؤكد ما يقول. ولا تكاد تلتقط أنفاسك حتى تفاجئك زوجة ابن خالك، ربة المنزل، برؤية استراتيجية أمنية هندسية جغرافية مفادها أن الزاوية التى انطلق منها الجرار تختلف عن تلك التى ارتطم فيها برصيف المحطة، وهو ما يعنى أن أيادى خفية تدخلت ليحدث الارتطام ويشتعل الحريق. ولا تكتفى زوجة ابن خالك برؤيتها اللوذعية تلك، إذ تطيحك أرضاً بطرحها احتمالين لا ثانى لهما، ألا وهما: إما أنها الدولة تقتل أبناءها وتشعل فى أجسادهم النيران حتى تلهيهم عما يجرى من مشروعات تنموية كبرى، أو أنهم جماعة الإخوان الإرهابية التى لا تألو جهداً فى إحراق مصر وإلحاق الأذى بها.

والحقيقة أن الأذى الناجم عن هذا الهراء الدائرة رحاه أينما ذهبت على متن الشبكة العنكبوتية لا يمكن تصنيفه أو تبويبه. كما لا يمكن تجاهله أو التغاضى عنه لأن ما يجرى على أثير العنكبوت يدور فى أدمغة ويُثار فى جلسات وتجمعات.

تجمعات البعض من الصحفيين والإعلاميين هى الأخرى باتت مُقلِقة ومُوتِّرة، فالخط البيانى الصاعد فى صحافتنا وإعلامنا، والمعتمد فى المقام الأول، وأحياناً الأخير، على الإشاعات والفبركات والرؤى التى تعمر بها صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، يعنى أننا نعانى إفلاساً معلوماتياً، أو وهناً فكرياً، أو نقصاً فى التخطيط إلى ما هو أبعد من «الترافيك» الآنى ونسب المشاهدة لليوم، وغداً ربنا يحلها.

حلول مشكلاتنا، التى تُضيِّق الخناق علينا يوماً بعد يوم، لا تكمن فى إطلاق الأحكام والترويج لأفكار وخيالات على اعتبار أنها صادرة عن خبراء فى الاستراتيجيا الكونية. وفارق كبير بين تبادل وجهات النظر، والاستماع إلى الآراء المختلفة، والحلول المتباينة من جهة، وبين شرح تفاصيل حادث، أو سرد حقائق تاريخية، أو إطلاق أحكام على مشروعات كبرى.

وبين الحراك الاجتماعى والشعور الجمعى بأن لدينا مشكلات تتعلق بالإهمال والضمير وقيمة العمل والمصلحة العامة، وبين حراك مواقع التواصل الاجتماعى، الذى يبدأ وينتهى على خيوط العنكبوت، شعرة مصلحة وطن ومصير مائة مليون مواطن، فمِن الحراك ما قتل.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الحراك ما قتل من الحراك ما قتل



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon