توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيد بدون هَبْد ولَتّ

  مصر اليوم -

عيد بدون هَبْد ولَتّ

بقلم - أمينة خيري

صار الهبد أسلوب حياة، والرزع غاية، واللت سمة، والعجن هدفاً.

وحين تفيض الأجواء الاجتماعية بهذا الشكل المزرى من «الفراغ» فإنه يؤثر سلباً على الجميع، بمن فيهم (أو خصوصاً) أولئك الذين لا ناقة لهم أو جمل فى الهبد وشئونه.

فأولئك يظلون فى خانة المفعول، فلا هم يفعلون ويشاركون فى صناعة الأجواء المسمومة، ولا هم فاعلون أو مشاركون فى هبد «فيس بوك» ورزع «تويتر» واللت فيما يتصورون أنه دين والعجن فيما هيئ لهم أنه أخلاق والتزام، بينما العكس هو الصحيح.

صحيح أن من حق الجميع قواعد أساسية من حرية التعبير، لكن فرقاً كبيراً وهوة عميقة بين حرية التعبير من جهة، والبلطجة الفكرية والعنجهية الثقافية وخلط تدين سبعينات القرن العشرين بهمجية العصور الوسطى فى «فخفخينا» مجتمعية سامة مطلوقة علينا من كل فج عميق.

وكأن عامين من عمر وباء أغلق العالم، وقبلهما عقد كامل من أحداث جسام ورياح عاتية هبت علينا وتصورناها رياحاً صديقة ستأتى بالتطهير وتحمل لنا حلم التغيير، فإذا بها تكشف عن أقبح وجوه التأسلم فى العصور الحديثة والقديمة وما بينهما، ثم تأتى حرب روسيا فى أوكرانيا لتزيد الطين بلة، وكأن كل ما سبق لا يكفى لأن نلتفت لشئون إعادة بناء بلدنا على مياه بيضاء، وليست عكرة أو مسممة أو معاداً تدويرها من مصادر غير نظيفة.

«الفراغ» الذى يدفعنا دفعاً للإغراق فى إضافة طبقة سابعة لطبقات الغلاف الجوى المعروفة، إطارها هبد ورزع يرتديان عباءة الدين وجلبابه، وكيانها لت وعجن يرفعان راية حرية التعبير، بينما هى فى حقيقة الأمر حرية تضييع الوقت وإهدار الجهد فى كل غث ردىء. ولولا إيمانى العميق بأن التشبث بنظرية المؤامرة للتفسير هو ضعف وقلة حيلة، لقلت إن الكون يتآمر علينا بتسليطنا على أنفسنا.

أخبار تكذيب الإشاعات أكثر من الأخبار نفسها. تبرير الذبح والقتل والعك والفوضى والقذارة والقبح والعشوائية أعتى وأقوى من الدعوة إلى التعقل والنظام والنظافة والأخلاق والقواعد، وبالطبع «القوانين»، تلك المنظومة المهدورة المغدورة. ومكونات الغلاف الجوى التى أبدعنا فى تخليقها، ونجاهد من أجل البقاء عليها والبناء فوقها آخذة فى التضخم.

لذلك تأتى فترات الأعياد وإجازاتها لتكون بمثابة طوق النجاة الذى تطمح إليه القلة الناجية من اللت والعجن لعلها تجد فى أجواء العيد، لا سيما الدينية، قدراً مفتقداً من الصفاء. وبهذه المناسبة، وفى هذه الأيام المفترجة المباركة، وبعد توجيه أرق الأمنيات وأجملها بعيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا جميعاً -دون استثناء- بالعقل والذوق والأخلاق، أدعو لراحة إجبارية لجميع الفرق.

بضعة أيام دون هبد، منزوعة الرزع، خالية من إصدار الأحكام التى يهيأ لنا أنها دينية (والدين منها برىء) على خلق الله بالعافية، بضعة أيام من التوقف عن إطلاق الفتاوى فى كل شىء وأى شىء، بضعة أيام من خلع رداء الهسهس الذى تمكن منا حتى صارت الضحية مجرمة لأن ملابسها مناقضة لمعايير أيزو مشايخ السبعينات، وتحول القاتل مسكيناً لأنه ذكر لا حول له أو قوة وليس إلا هرمونات وشهوات مسلوبة الإرادة تسير على اثنين لن تضير. بضعة أيام من التوقف عن إطلاق والمساهمة فى إعادة تدوير الإشاعات، بضعة أيام من التوقف عن «فراغ» إطلاق الأحكام على الجميع، بينما نحن فينا العبر لن تضير، بل ربما تنفع فى إعادة العقول التى ضلت الطريق وخرجت ولم تعد بعد. عيد سعيد وإجازة هادئة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد بدون هَبْد ولَتّ عيد بدون هَبْد ولَتّ



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon