توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيد بدون هَبْد ولَتّ

  مصر اليوم -

عيد بدون هَبْد ولَتّ

بقلم - أمينة خيري

صار الهبد أسلوب حياة، والرزع غاية، واللت سمة، والعجن هدفاً.

وحين تفيض الأجواء الاجتماعية بهذا الشكل المزرى من «الفراغ» فإنه يؤثر سلباً على الجميع، بمن فيهم (أو خصوصاً) أولئك الذين لا ناقة لهم أو جمل فى الهبد وشئونه.

فأولئك يظلون فى خانة المفعول، فلا هم يفعلون ويشاركون فى صناعة الأجواء المسمومة، ولا هم فاعلون أو مشاركون فى هبد «فيس بوك» ورزع «تويتر» واللت فيما يتصورون أنه دين والعجن فيما هيئ لهم أنه أخلاق والتزام، بينما العكس هو الصحيح.

صحيح أن من حق الجميع قواعد أساسية من حرية التعبير، لكن فرقاً كبيراً وهوة عميقة بين حرية التعبير من جهة، والبلطجة الفكرية والعنجهية الثقافية وخلط تدين سبعينات القرن العشرين بهمجية العصور الوسطى فى «فخفخينا» مجتمعية سامة مطلوقة علينا من كل فج عميق.

وكأن عامين من عمر وباء أغلق العالم، وقبلهما عقد كامل من أحداث جسام ورياح عاتية هبت علينا وتصورناها رياحاً صديقة ستأتى بالتطهير وتحمل لنا حلم التغيير، فإذا بها تكشف عن أقبح وجوه التأسلم فى العصور الحديثة والقديمة وما بينهما، ثم تأتى حرب روسيا فى أوكرانيا لتزيد الطين بلة، وكأن كل ما سبق لا يكفى لأن نلتفت لشئون إعادة بناء بلدنا على مياه بيضاء، وليست عكرة أو مسممة أو معاداً تدويرها من مصادر غير نظيفة.

«الفراغ» الذى يدفعنا دفعاً للإغراق فى إضافة طبقة سابعة لطبقات الغلاف الجوى المعروفة، إطارها هبد ورزع يرتديان عباءة الدين وجلبابه، وكيانها لت وعجن يرفعان راية حرية التعبير، بينما هى فى حقيقة الأمر حرية تضييع الوقت وإهدار الجهد فى كل غث ردىء. ولولا إيمانى العميق بأن التشبث بنظرية المؤامرة للتفسير هو ضعف وقلة حيلة، لقلت إن الكون يتآمر علينا بتسليطنا على أنفسنا.

أخبار تكذيب الإشاعات أكثر من الأخبار نفسها. تبرير الذبح والقتل والعك والفوضى والقذارة والقبح والعشوائية أعتى وأقوى من الدعوة إلى التعقل والنظام والنظافة والأخلاق والقواعد، وبالطبع «القوانين»، تلك المنظومة المهدورة المغدورة. ومكونات الغلاف الجوى التى أبدعنا فى تخليقها، ونجاهد من أجل البقاء عليها والبناء فوقها آخذة فى التضخم.

لذلك تأتى فترات الأعياد وإجازاتها لتكون بمثابة طوق النجاة الذى تطمح إليه القلة الناجية من اللت والعجن لعلها تجد فى أجواء العيد، لا سيما الدينية، قدراً مفتقداً من الصفاء. وبهذه المناسبة، وفى هذه الأيام المفترجة المباركة، وبعد توجيه أرق الأمنيات وأجملها بعيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا جميعاً -دون استثناء- بالعقل والذوق والأخلاق، أدعو لراحة إجبارية لجميع الفرق.

بضعة أيام دون هبد، منزوعة الرزع، خالية من إصدار الأحكام التى يهيأ لنا أنها دينية (والدين منها برىء) على خلق الله بالعافية، بضعة أيام من التوقف عن إطلاق الفتاوى فى كل شىء وأى شىء، بضعة أيام من خلع رداء الهسهس الذى تمكن منا حتى صارت الضحية مجرمة لأن ملابسها مناقضة لمعايير أيزو مشايخ السبعينات، وتحول القاتل مسكيناً لأنه ذكر لا حول له أو قوة وليس إلا هرمونات وشهوات مسلوبة الإرادة تسير على اثنين لن تضير. بضعة أيام من التوقف عن إطلاق والمساهمة فى إعادة تدوير الإشاعات، بضعة أيام من التوقف عن «فراغ» إطلاق الأحكام على الجميع، بينما نحن فينا العبر لن تضير، بل ربما تنفع فى إعادة العقول التى ضلت الطريق وخرجت ولم تعد بعد. عيد سعيد وإجازة هادئة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد بدون هَبْد ولَتّ عيد بدون هَبْد ولَتّ



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon