بقلم - أمينة خيري
طالما هناك إصرار على الحصول على صك دينى قبل القول بأن الاكتفاء بعدد محدود من الأطفال ضرورة حتمية، فعلينا أن نكمل الإصرار حتى نهاية الخط. استصدار فتاوى تدور حول شرعية تنظيم عدد العيال الذين يتم ضخهم فى السوق ومحاورة المشايخ حول قضية الانفجار السكانى ليخبرونا أنه مسموح لنا أن نتوقف عن ضخ عيل كل تسعة أشهر، يعنى استصدار فتاوى حول تعليم الصغار، وهل هو واجب شرعى على كل أسرة أن تلحق صغارها بمدرسة ثم جامعة للحصول على قدر من العلم والتعليم أم لا، وفتاوى أخرى عن علاج الصغار، وهل هو واجب شرعى على الأهل أن يعالجوا صغارهم علاجا يليق بآدميتهم أم أن العلاج اختيارى؟، وفتاوى ثالثة حول تنشئة الصغار وهل الدين يجبرنا على ألا نسلبهم طفولتهم وآدميتهم بإرسالهم للتسول لأننا غير قادرين على إطعامهم، أم أن واجبنا الشرعى ينتهى عند ضخهم، وفتاوى رابعة حول إرسال الطفل الصغير للعمل فى ورشة أو مصنع أو قيادة توك توك حتى يساعد فى تمويل عملية ضخ بقية العيال، وإن كان القرآن والسنة فيهما ما يحلل أو يحرم عمالة الأطفال، وذلك إلى ما لا نهاية.
طالما قررنا ألا نخطو خطوة دون الحصول على مباركة رجل الدين وتأكيد منه على أن ما نفعله ونقرره ونتنفسه يتواءم وما وصل إليه رجل الدين من تفسير للدين، فسيكون علينا ربط خطواتنا كلها حتى الممات بمباركة هذا الرجل ومن يخلفه من رجال آخرين قد يأتون برؤى مختلفة وتفسيرات مغايرة للدين نفسه. وطالما نصر على اعتبار هذه الملايين من الضحايا التى يصر أهلها على ضخها فى السوق «عزوة»، أو أنها ترجمة لـ«أمر» التكاثر الذى يكتفى البعض بتفسيره فى ضوء العدد فقط، فلن تجدى فتاوى وقتية تخبرنا بأن التنظيم جائز، وأن تنمية الأسرة الحقيقية تمر من بوابة «جودة» الخلفة وليس عددها، لماذا؟ لأن ذاكرة الإنترنت عامرة بما قيل بالأمس القريب، حيث أكثر المشايخ تسامحا أفتى بإمكانية التباعد بين الإنجاب والآخر، حيث التنظيم وليس التحديد، وهذا يعنى أن المرأة فى سن الإنجاب عليها أن تنجب مرة كل عامين، فإن هى تزوجت فى سن العشرين مثلا، فعليها أن تنجب نحو 12 رأسا تقريبا. لماذا لا نعتبر القنبلة السكانية مسألة مدنية بحتة؟ ولماذا نصر على إقحام الدين فى قرار التنظيم من عدمه، ثم إقصاؤه فى كل القرارات المتعلقة بهؤلاء الضحايا وحقوقهم من تعليم وصحة ورياضة وترفيه وغيرها؟. نصيحة خالصة: افصلوا بين رأى رجل الدين وبين قرار الإنجاب. وهذا الفصل ليس حربا ضد الدين أو معاداة للمتدينين أو رفضا لرجال الدين الأجلاء. إنه فصل بغرض إنقاذ المجتمع من سباق الأرانب المميت، وخطوة على طريق اللحاق بالدولة المدنية الآخذة فى تلقى ضربات متواترة تحت الحزام هذه الأيام.