بقلم - أمينة خيري
عزيزتى الحكومة الجديدة، أكتب لكِ مجددًا، فأنا كلى شوق وأمل، وكذلك خوف ووجل. لم ألتقِ بكِ بعد، ورغم أن البعض يحاول نشر مشاعر استباقية سلبية، وإحباطات داخلية تثبيطية، فإننى أحاول الاحتفاظ بالرجاء. كتبت لك سابقًا عن بقايا آمال لدى ما يسمى «الطبقة المتوسطة»، التى تعانى مصاعب جمة فى صمت عظيم، وأشرت كذلك إلى أن جزءًا من الصعوبة تتحمل مسؤوليته الحكومة المستقيلة لأن مهمة الحكومات التيسير على المواطن، لا تعسير المعسر أصلًا. وحتى لا نغرق فى جراح الماضى القريب- وهو الماضى الذى مازلنا نشعر بقسوته وغلظته وخشونته- بل نحن غارقون فيها، أركز فى خطابى هذا على المستقبل، وبداية علاقتنا سويًّا على صفحة جديدة. أنقل لك مطالب وأمانى البعض ممن يشبهوننى. نعلم أنها مطالب بات ينظر لها كثيرون باعتبارها «كلام فاضى» أو «غير ذى أولوية» أو «رفاهية لا نملكها»، لكننا لأسباب نتحرج من ذكرها، نؤمن بإن الإبقاء على عدم تحقيقها يعنى الإبقاء على ما نحن فيه من فوضى سلوكية عارمة، وعشوائية شارعية جارفة، وغوغائية شبه عامة.. تطبيق القوانين التى من شأنها تنظيم الشارع «بعافية». لقد بُحَّ صوتى على مدار عقود لفرط النفخ فى قربة الفوضى المرورية المخرومة.
وللمرة العاشرة بعد الألف، لا أتحدث عن تحرير ١٠ آلاف مخالفة، ومصادرة ٢٠ ألف مركبة. أتحدث عن تنظيم قواعد السير من المنبع، بدءًا بمَن وكيف وعلى أى أسس يحصل الناس على رخص القيادة، مرورًا بمعاقبة القيادة الخطرة ومراقبة بديهيات نعتبرها نحن تفاهات، مثل الالتزام بالسير فى الحارة المرورية، وعدم الوقوف فى الممنوع، وعدم وجود إشارات مرور فى العديد من الطرق الحيوية، واعتماد عبور الشارع على لياقة المواطن البدنية ونجاحه فى تفادى عمليات الدهس إلخ، وانتهاء بالآفة المستشرية، ألَا وهى السير العكسى. لذلك لن أُضيع وقتكِ الثمين فى معاودة النفخ فى هذه القربة، وأنتقل إلى قربة أخرى. لدينا- نحن الفئة المندثرة- أمل فى ألّا يستمر استيلاء مواطن على الرصيف الواقع أمام بيته، وتحويله إلى حديقة خاصة إلى منظومة مباركة وتلقى الاستحسان من منطلق: مش أحسن ما يبقى الرصيف مقلب زبالة؟!. نأمل فى أن يعود التاكسى إلى منظومة «الأجرة بعداد»، حيث توقفت الغالبية المطلقة عن تشغيله تمامًا. ونأمل فى إيجاد حل لتحول أهالينا من عمال نظافة الشوارع إلى متسولين على مدار ساعات عملهم وكذلك فى «الأوفر تايم».
ونأمل فى أن تُطبق عقوبات صارمة وآنية على أصحاب المحال الذين يحولون الرصيف المقابل لهم إلى مقلب زبالة دائم، أو يفرشون كراسيهم وطاولاتهم عليه وعلى جزء من الشارع، وعلى الذين يستولون على أجزاء من الشارع لإيقاف سياراتهم. وبهذه المناسبة، أُذكركِ بقانون تنظيم عمل السياس، الذى لا يُطبق فى أى مكان، بل هم متروكون يعيثون فى أماكن الركن فسادًا.. وللحديث بقية عزيزتى الحكومة الجديدة.