بقلم - أمينة خيري
لهواة الإثارة والـ«ساسبنس» بطابع غير محلىّ.. ليس هناك أفضل من متابعة المشهد السياسى البريطانى الحالى. وإذا كان نفوذ الإمبراطورية البريطانية قد انتهى بالمفهوم الاستعمارى الكلاسيكى، فإن نفوذها قائم ونافذ دبلوماسيًا واستراتيجيًا وثقافيًا ولغويًا.. لكن ما يدور فى داخل بريطانيا هذه الآونة جعل أهلها منغمسين غارقين فى أنفسهم وما يدور حولهم وبهم. رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون من أكثر الشخصيات إثارة للجدل، أو فلنقل الاهتمام، ليس فقط على مستوى بريطانيا، ولكن على مستوى العالم. الحظ والمصادفة والمفارقات الغريبة حليفة جونسون منذ بزوغ نجمه وحتى وقت كان خافتًا.
فقد ولد فى نيويورك لأبوين بريطانيين، فاكتسب الجنسية الأمريكية. كما أن جده الأكبر لأبيه هو على كمال، الصحفى والسياسى التركى، الذى قُتل بطريقة غامضة فى عشرينيات القرن الماضى. ويبدو أن جونسون ورث حب الصحافة منه لفترة وجيزة انتهت بمشكلة كبيرة، فقد كتب موضوعًا عن اكتشاف أثرى لقصر كان يملكه إدوارد الثانى فى صحيفة «ذا تايمز» البريطانية، لكن اتضح أن المعلومات «مسروقة»، أى مقتبسة من مقال كتبه مؤرخ مشهور، فتم رفته من العمل. ومن الصحافة إلى السياسة حيث ترشح لمنصب عمدة لندن فى عام 2007، ويبدو أن مسيرته السياسية لم تقنع حزبه المحافظين لدرجة أنهم لم يأخذوا هذا الترشح مأخذ الجد، لكن الحظ حالفه وأصبح عمدة. «العمدة» هو مفتاح نجاح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»، وهو الخروج الذى تتجرع بريطانيا مرارته بكل قسوة حاليًا، وهى المرارة التى فاقمها الوباء. ومع بلوغه كرسى رئيس وزراء بريطانيا عقب استقالة تريزا ماى فى عام 2019، كان للبريطانيين موعد مع تواتر أحداث وحوادث يتابعها العالم أجمع بكل اهتمام. وبعيدًا عن المواقف السياسية الدولية، فقد أصبح جونسون مثارًا للقيل والقال. عبارة «مناعة القطيع» تدين بالكثير له. فقد كان إيمانه بنظرية مناعة القطيع التى يتم اكتسابها عبر ترك أكبر عدد ممكن من الناس يصاب بالعدوى سببًا فى معرفة الكثيرين بهذه النظرية المثيرة للجدل. لكن «مناعة القطيع» انهارت بعد إصابة أعداد مهولة من القطيع بالعدوى، بعضها قاتل، والبعض الآخر استنزف الإمكانات الطبية استنزافًا غير مسبوق، حتى هو أصيب بكوفيد-19 وتدهورت حالته، واتهمه البعض بالمقامرة والمغامرة بصحة البريطانيين. البريطانيون اليوم يتابعون على مدار الساعة تطورات الحفلات التى أقامها جونسون وزوجته المثيرة للجدل أيضًا فى «دوانينج ستريت» و«هوايت هول»، وذلك فى عز وقت الإغلاق والإجراءات الصارمة التى فُرضت على البريطانيين وقت ذروة العدوى، وهى الإجراءات التى أسفرت عن مصاعب اقتصادية رهيبة. الشرطة البريطانية تحقق فى الانتهاكات المفترضة. وفى خضم كل هذا، تستقيل رئيسة شرطة لندن كريسيدا ديك بسبب سلسلة من الفضائح الأمنية تتعلق بتمييز على أساس الجنس وعنصرية وقيام شرطى بقتل امرأة شابة!. نصيحة لمن يريد التغيير والهبد والرزع بعيدًا عن أجوائنا المحلية، فليتابع ما يحدث فى بريطانيا.