تبدو السنوات التي كنا نستعد لها إعلاميًا وصحفيًا؛ لإنهاء عام واستقبال آخر، عبر سرد أبرز الأحداث وأهم الأفلام وأكثر الكتب مبيعًا وأحب الفنانين، كأنها تنتمى للعصر البرونزى أو الحديدى على أفضل تقدير.
من منا اليوم يملك من «الشجاعة» أن يبحث عن أهم الكتب التي صدرت أو أكثر الفنانين الذين أثاروا جدلًا أو أغرب الأغنيات التي عرفت طريقها إلى «التوب 10»؟، ولو حدث، مَن مِن الجمهور المتلقى سيجد «النِّفس» التي تسمح له بالاطلاع على هذه التصنيفات؟. المؤكد أن هذه الجردات ما زال لها جمهورها، لكنه أقلية.
ومنه من سيطلع على قوائم الفن والكرة وأغرب الفساتين وأجمل الوجوه ربما هربًا من عام كبيس، لا من حيث التقويم، بل بالنظر إلى المحتوى.
محتوى العام الذي يستعد للرحيل لا يسر حبيبًا، لكنه يسر الأعداء، كل الأعداء؛ أعداء الإنسانية وأعداء السلام وأعداء المنطق. واسمحوا لى أن أشارككم عشرة توقعات أخبرتنى بها بلورتى المسحورة للعام الجديد، مع اعتذار مسبق بانها تميل إلى الواقعية المظلمة أكثر من الأمانى البراقة.
1- ستقوى شوكة الإسلام السياسى بدرجاته معتمدة على عملية «حماس» يوم 7 أكتوبر الماضى، ليس فقط في المنطقة العربية، ولكن بين الشباب من مسلمى بقية دول العالم.
2- ستتمدد أحزاب وجماعات اليمين المتطرف في الدول الغربية وتزداد شعبية؛ باعتبارها حامية هذه الدول من غزو المهاجرين والثقافات المعادية والكارهة للغرب عبر البحر والبر.
3- وغير بعيد من التوقعين الأولين، ستتسع رقعة الكراهية بين هؤلاء وأولئك، والعينة بينة سواء على أثير السوشيال ميديا أو من واقع أحداث وحوادث ما يسمى بـ «معاداة السامية»، وبالطبع كراهية المسلمين والعرب.
4- وسيشهد العام الجديد انكماشًا لفكرة التسامح وقبول الآخر. ولن يقتصر «الآخر» على المختلف الذي يعيش على بعد آلاف الأميال، بل ربما يكون الجار في الشقة المقابلة الذي يشجع مانشستر يونايتد بينما جاره يميل إلى ليفربول.
5- وسيعلن الكوكب انتهاء «العالم قرية صغيرة» وبداية مرحلة «حدود الدولة وربما الشارع أو حتى العمارة التي يسكن كل منا فيها هي الكوكب».
6- في الوقت نفسه، ستكتسب الـ«سوشيال ميديا» قوة إضافية، لا عبر تدوينات وفيديوهات وتغريدات جعلت كلًا منا يعتقد أنه قائد همام أو زعيم ملهم لأن أهل منطقته يدقون «شير» و«لايك» على فتاواه المعاد تدويرها، ولكن لأنها ستمضى قدمًا في تقوية أساسات العوالم الافتراضية التي نعتقد إنها حقيقية.
7- وسيميل جزء من العالم إلى مزيد من الإغراق في الخرافة والغيبيات وانتظار المعجزات، في حين يغرق الجزء الآخر في بحث علمى وذكاء اصطناعى ربما يوصم بعضه بالإفراط.
8- وسينجرف جزء من العالم أيضًا في فكرة مقاومة الفقر وقلة الحيلة والإحباط بكثرة الإنجاب.
9- وسيستمر التغير المناخى في الدق على الأبواب دون تحرك عالمى يذكر.
10- سيكون عامًا صعبًا، وكل عام والجميع بخير وصبر وجلد.