توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غربال الطريق الدائرى

  مصر اليوم -

غربال الطريق الدائرى

بقلم - أمينة خيري

العبرة بالاستمرارية. والحد الفاصل هو نسب الحوادث ومعدل الخروقات المرورية، ولأن كل غربال له شدة، فإننا نرغب فى أن تكون الشدة عقيدة، وسلامة الطرق فريضة، وأمن المواطن وأمانه على الدائرى وغيره من الطرق المصرية غاية تنشدها إدارة المرور وليس تحصيل رسوم المخالفات أو التصوير أمام الكاميرات أو إثبات أن البدايات ملتهبة والنهايات معروف مآلها.

وقد آلى مواطنون على أنفسهم ألا ينتظروا الكثير من قوانين المرور القديم منها والجديد، الموعود بتطبيقها والمٌتجاهَل وجودها من الأصل، شريحة صغيرة من المصريين -ممن تبقوا من عصر الحفاظ على القيم والقوانين والسلوكيات- تنزل من بيوتها صباح كل يوم وهى تعلم فى قرارة نفسها أن احتمالات عودتها إلى البيت تتضاءل بمرور الأيام، هذه الشريحة آمنت وسلمت أن إصرارها على اتباع قواعد المرور (من سير فى حارات وعدم اجتياز الآخرين إلا تبعاً للقواعد واستخدام الكلاكس باعتباره آلة تنبيه وليست ترفيهاً أو تسفيهاً وعدم الركن فى الممنوع أو تعدى السرعات المقررة أو السير عكس الاتجاه إلخ) يضعها فى مكانة المختلين عقلياً والضعفاء نفسياً والمعتدى عليهم لفظياً.

تخيل معى حال من يتبع كل ما سبق من قواعد وقوانين مرورية فى شوارع القاهرة أو أى من المدن الكبرى أو الصغرى، فهو إما منبوذ أو مشتوم أو مضرور، لماذا؟ لأنهم أقلية، ولأن من يلجأ إليهم لنصرة المجنى عليه أو معاقبة الجانى من توك توك مارق أو ميكروباص خارق أو ملاكى عاص أو أمين شرطة يفرض إتاوة ملوحاً بدفتر المخالفات أو سايس مستولٍ على حرم الشارع، يكونون غالباً غير موجودين أو مسفهين من حجم المشكلة أو مطالبين إياه بما لا طاقة له به من ضبط المعتدى وإحضاره، أو التشبث بمبدأ «المسامح كريم»، أو ما شابه.

وقد شاب الإعلان عن قرب تطبيق قرار منع سير النقل على الطريق الدائرى -أحد أكثر الطرق حصاداً للأرواح وإصابة للمواطنين وإهداراً للممتلكات بسبب الرعونة والجهل والأنانية التى ترعى فى تربة قوامها غياب المراقبة والمحاسبة- مشاعر مختلطة لدى المواطنين، فبين متفائل بأن القرار سيطبق بشدة، فالقرار صادر عن مجلس الوزراء وتم الترويج له بشكل واضح وصريح، ومتشائم من أن يلحق القرار بترسانة القرارات الأخرى المتراوحة بين منع سير التوك توك، والسيطرة على جنون الميكروباص، ونثر الرادار على طرق الموت، وعودة الانضباط حيث حزام الأمان وعدم التحدث فى المحمول أثناء القيادة إلخ، وبين متأرجح بين هذا وذاك، حيث عودة بعض ضباط وأفراد المرور إلى الطريق مؤشر خير، وانعدام وجودهم فى أغلب الطرق الأخرى مؤشر «عكس الخير»، وفريق رابع متضرر متأفف، حيث تراوده مشاعر الخوف من أن ينجح قرار المنع ويتلوه ما هو «أسوأ» منه، حيث مراقبة السرعات ومعاقبة المتعدين، وتوقيف مقترفى جريمة القيادة الجنونية والسير عكس الاتجاه وكسر الإشارات والسير بطريقة الـ«زيج زاج» وغيرها من موبقات الطريق فى مصر.

موبقات الطريق فى مصر التى تحصد نحو 12 ألف روح سنوياً، ومثلهم تقريباً إصابات بعضها يسبب إعاقات مدى الحياة، ناهيك عن خسائر مادية تقدر بنحو 30 مليار جنيه كل عام تمضى فى عرف الثقافة المتدينة بالفطرة باعتبارها «قضاء وقدراً»، لكن من شأن القضاء أن يكون أكثر رحمة بتوقيف المعتدين الذين يجتاحون الشوارع ليل نهار على مسمع ومرأى من الجميع، ومن شأن القدر أن يكون أكثر لطفاً بنا فى حال عاد الغائبون إلى مواقعهم فى الشوارع والميادين، لا لتأمين سير الكبار فقط، ولكن لحماية أرواح الجميع أيضاً.

ودون زعل أو دفاع أو هجوم أقول إن من بيده تطبيق القوانين وضبط الشارع وربط المخالف حقناً للدماء المسالة على مدار اليوم كل يوم لن يتمكن من القيام بذلك والاستمرار فى القيام به إلا إذا كان قد تربى وتعلم وأصبح على يقين بأن القضاء والقدر لا يعنيان ترك الشوارع تضرب تقلب، وأن مناشدة المواطنين الالتزام هى والعدم سواء، ما دام القانون فى قيلولته الممتدة، وأن إعلانات التوعية المرورية هى فيتامينات مكملة للوجبة الرئيسية القائمة اليوم وليس غداً على معاقبة المخالفين حتى لو كانوا أبناء فلان بك وأقارب علان باشا، أو حتى لو كانوا فلان بك وعلان باشا شخصياً، بالإضافة إلى خطة طويلة الأمد تقوم على دمج السلامة على الطريق ضمن المناهج التى تدرس فى المدارس وليس فى «سنتر الدروس الخصوصية».

وبدلاً من الإغراق فى قصص الأولين ومعجزات السلف الصالح والدعاء على من لا ينتمون لنفس الدين والإيعاز بأن الدين ليس إلا مجموعة من المظاهر، فمطلوب أيضاً من رجال الدين أن يدمجوا السلامة على الطريق ضمن خططهم لنشر الدين والتلويح بمعاقبة المتقاعسين، لا سيما أن التقاعس عن العمل لا يقل فداحة عن التقاعس عن العبادات.

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غربال الطريق الدائرى غربال الطريق الدائرى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon