توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حرامية الأرواح

  مصر اليوم -

حرامية الأرواح

بقلم - أمينة خيري

تجنيد الأرواح أو سرقتها أمر مثير وخطير. على مر التاريخ والإنسان يخضع لمحاولات تجنيد عقله وقلبه. البعض يسمى «التجنيد» دعوة، والبعض الآخر يراه تسويقاً وعلاقات عامة بهدف تحقيق الأرباح. وآخرون لا يفكرون كثيراً فى الأمر. لماذا؟ لأنهم يسلمون مقاليد العقول والقلوب إما لما ألفوا عليه آباءهم أو لأول «شخص» يقابلهم لديه جاذبية الكلام والقدرة على الإقناع.

الطائفة المتصلة بمقتل رئيس وزراء اليابان السابق شينزو آبى، وهى «المونيين»، نسبة إلى مؤسسها سون ميونج مون (1920-2012)، والمعروفة باسم «كنيسة التوحيد»، واحدة من آلاف الجماعات التى تعمل فى مجال تجنيد الأرواح. وجماعات مثل «داعش» و«التكفير والهجرة» غيرهما تنضوى تحت المظلة نفسها، لكن هذه الجماعة أو الطائفة تستمد قوتها وسطوتها لا من تفجير المدنيين وتكفير الجميع، ولكن عبر تخطيط محكم وتحرك هادئ وتغلغل غريب يحتاج فهماً نفسياً واجتماعياً وكذلك اقتصادياً وسياسياً.

فـ«كنيسة التوحيد» أو «اتحاد الأسرة من أجل السلام العالمى والتوحيد» تملك من القوة والمال وقبلهما القدرة على الإقناع وتجنيد الأرواح للعوام، والإقناع وتجنيد العقول لغير العوام ما جعلها متغلغلة فى العديد من الدوائر السياسية والاقتصادية.

والمقصود بـ«العوام» هنا ليس الغلابة، لكن الأشخاص العاديون ممن لا يشغلون أنفسهم كثيراً بالحجة والمنطق. أو ربما أولئك الباحثون عن خلاص أو تعلق بـ«قشاية» روحانية أو ملجأ ذى صبغة دينية.

الآلاف من «المونيين» من العوام فى بلاد عديدة منها أمريكا واليابان وكوريا وغيرها تزوجوا فى مراسم جماعية ضخمة تبعاً لتقاليد هذه الطائفة التى تروج لنفسها باعتبارها قائدة إرساء القيم الإلهية على الأرض عبر منظومة الزواج، وهى المنظومة التى تجمع «عرائس وعرسان» فى حفل الزواج دون سابق معرفة، ولمَ المعرفة، والغرض هو تكوين أسرة؟ وشخصياً أعرف عدداً من هؤلاء. منهم من «هرب» من منظومة الزواج هذه بعد بضع سنوات، ومنهم من أكملها لأن الطائفة توفر له عملاً جيداً ودخلاً رائعاً وكفى.

لكن علاقة هذه الطائفة بالسياسة والاقتصاد العالميين لا تقف عند حدود حفل زواج جماعى للعوام هنا أو فرص عمل وحياة جيدة لكثيرين منهم هناك. لكن ما وراء هذه الواجهة من تشابك رهيب للمال والاقتصاد والسياسة مثير للبحث والتفكر. قليل من البحث ربما يقى صاحبه شرور الوقوع فى فخ بائعى السلع الفاسدة أو تجار الدين أو خبراء مقايضة، خذ عندك مثلاً العلاقة المثيرة بين الطائفة ورموز من التيارات اليمينية فى عدد من الدول. ورئيس الوزراء اليابانى السابق الراحل نفسه وجده ارتبط اسماهما بالكنيسة دون أن يكونا عضوين فيها. ولتقريب الصورة، فهذا يشبه الفرق بين عضو جماعة الإخوان مثلاً والمتعاطف معها!

غاية القول أن العالم يضج بآلاف الجماعات والطوائف -سواء المنشطرة عن أديان ومعتقدات موجودة بالفعل أو تقدم نفسها باعتبارها ديناً أو معتقداً قائماً بذاته- والتى لا يمكن إلقاء القبض على كل مؤسسيها أو مريديها أو المتعاطفين معها. فمثل هذه الأفكار ليست محرمة أو مجرمة فى العديد من الدول. وعادة لا تتم محاسبة هذه الجماعات فى هذه الدول إلا فى حالتين: الأولى هى الكشف عن أعمال مناهضة للقانون وخروجها إلى الجهر، والثانية هى خروج هذه الجماعات من مرحلة نشر الفكر إلى الاعتداء على كيان وقلب الدولة المدنية.

الثقافة والوعى وحدهما، وليس الكبس على نفس الثقافة أو استلاب الوعى بتعمية العيون وسد الآذان وتحريم السؤال والنقاش تحت مسمى الحماية، هما القادران على حماية الناس من حرامية الأرواح، الذين يأتون بأشكال مختلفة ومسميات متعددة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرامية الأرواح حرامية الأرواح



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon