توقيت القاهرة المحلي 15:43:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غاية «كوب 27» ووسيلة الوعى

  مصر اليوم -

غاية «كوب 27» ووسيلة الوعى

بقلم - أمينة خيري

أمامنا فرصة ماسية لإصلاح مسارنا الشعبى البيئى دون تكبد عناء تشكيل لجان لسن خطط تضع تصورات وترسم مسارات وتكلف شخصيات بغية تحديد الإجراءات وسن الخطوات من أجل عقد جلسة صلح بين الشعب والبيئة. والفرص تأتى عادة محملة بكم من الهدايا والعطايا، لكن مدة صلاحيتها تكون قصيرة للغاية، لذلك «يا نلحقها يا منلحقهاش».

بين بعضنا وقضايا البيئة علاقة غير مفهومة. فعلى الرغم من أن المصريين من أوائل شعوب الأرض الذين أبرموا عهوداً وعقود تواؤم مع بيئتهم الطبيعية، إلا أن ما جرى من أحداث وحوادث على مدار عقود دفع البعض للتخلى عن بعض هذه العهود. السماد الطبيعى يستخدمه الفلاحون منذ قرون. خليط من بقايا الطعام ومخلفات الحيوانات والنباتات يصنعه المصريون قبل أن ينتبه العالم لمميزات تدوير الموارد. فرز النفايات يجرى فى مناطق تجميع القمامة منذ عقود طويلة. وعلى الرغم من العديد من المشكلات المتعلقة بالصحة والنظافة وغيرها فى تلك الأماكن، فإن فكرة الفرز والتصنيف بغرض إعادة التدوير مستخدمة فى مصر منذ زمن طويل. وأمثلة التواؤم المصرى الفطرى مع البيئة وقضاياها كثيرة، وأغلبها يعود إلى سنوات تصل للآلاف.

لكن مجريات الحياة والهوس الاستهلاكى وأنماطه مع وهن الوعى بالصالح العام وتغير ترتيب الأولويات أمور ألحقت الضرر بعلاقة الكثيرين بالبيئة من حولهم. التدهور البيئى وتغير المناخ وجهان لعملة واحدة. ولأن المواطن العادى مثقل بكم كبير من المشكلات، ومتخم بحمل هائل من المسئوليات فى ظل أوضاع عالمية بالغة الصعوبة لم تترك بلداً إلا وأثرت سلباً على اقتصاده وشعباً إلا وأصابت تفاصيل حياته اليومية بالكثير، فإن التوقيت ليس ملائماً لتشكيل لجان تضع مخططات لبناء وعى بيئى لدى المواطن، بدءاً بالمدرسة مروراً بالبيت وانتهاء بالشارع وأماكن العمل. صحيح أن قدراً ما من الجهود تبذل فى هذا المسار، لكن انعقاد الحدث البيئى والمناخى الأهم والأبرز فى شرم الشيخ «كوب 27» فى شهر نوفمبر المقبل فرصة ماسية للإصلاح والتقويم وحصد الفوائد.

مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (كوب 27) هو الحدث البيئى والمناخى الأهم. وأن يعقد فى مصر فى هذا التوقيت بالغ الحساسية فهو يمثل فوائد مضافة عديدة لنا. بالإضافة إلى تركيز الاهتمام على مصر كمقصد سياحى واستثمارى لم ينل بعد ما يستحقه، وضمن هذه الفوائد إيقاظ وعينا الشعبى لما نقترفه من أخطاء تبدو بسيطة أو صغيرة، وما نستهين به من تصرفات تبدأ بالبصق فى الشارع وإلقاء القمامة من النافذة وعلى قارعة الطريق مروراً بالاستهلاك الجنونى للأكياس البلاستيكية وانتهاء بالمركبات والمصانع والمحارق التى تنفث سمومها فى الهواء. هواء مصر يحتمل الكثير من العمل، منه المنظم المخطط المدبر المنبثق عن لجان والمنشطر من إجراءات والنابع من قرارات، ومنه ما تمنحه الفرص التى لا تتوافر إلا نادراً، ومنها «كوب 27».

نتفهم تماماً أن يشعر المواطن العادى بأن قضايا المناخ الأممية وملفات البيئة العلمية مسائل لا تمت له بصلة. ويكفيه ما هو فيه من تدبير لمصاريف العيال، وربما إنجاب المزيد منهم ليسند بعضهم البعض ومن ثم تحمل المزيد من المصاريف، أو التخطيط لثمن الدروس الخصوصية والسناتر للعام المقبل، أو الدخول فى جمعية لتزويج صغيرته، أو البحث عن خط مواصلات أوفر إلى آخر القائمة المعروفة لقاعدة عريضة من الناس.

قطاع من الناس لا يدرك أن بناء أحدهم بيتاً على الأرض الزراعية خلسة يفقد الأجيال الحالية والمقبلة مصدر غذائها، ولا يعلم أن الإصرار على حرق المخلفات أو إلقاء المخلفات فى الشارع أو تلويث مياه النيل أو قيادة سيارة انتهى عمرها الافتراضى قبل عشرات السنين ليست حرية شخصية، بل هو إفقار للجميع. والغالبية لا تفكر كثيراً فى أن ما تقوم به من إسراف رهيب فى استخدام الحقائب البلاستيكية مثلاً هو أمر فيه من السفه ما يكفى الكوكب كله. جدتى كانت تستخدم شنطة من الشبك، ولم تشعر يوماً أن حياتها تأثرت سلباً لأن البقال لا يبيع لها الجبن والسكر والشاى فى حقائب بلاستيكية.

فرصتنا فى «كوب 27» رائعة. فهى تختصر سنوات كثيرة وملايين عديدة من ميزانيات «عزيزى المواطن.. البيئة بيئتك إن خربتها خربت حياتك» أو «بيئة نظيفة حياة جميلة» أو غيرها. كما أنها تدق على أدرينالين الأحداث الكبيرة والمهمة، وليس هناك أفضل أو أنجع من الدق على حديد الفعاليات الكبرى وهى ساخنة.

رسائل سريعة رشيقة دون وعظ وإرشاد، أو تهديد ووعيد تخبر المواطن العادى بما يمكن عمله ليساهم فى الحفاظ على بيئته وبيئة أولاده. ولنا فى تجربة بيع عبوات المشروبات الغازية المعدنية وزجاجات المياه البلاستيكية المستعملة عبرة. كثيرون يمضون ساعات من يومهم بحثاً عن تلك الكنوز الثمينة لأن الغاية تبرر الوسيلة. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غاية «كوب 27» ووسيلة الوعى غاية «كوب 27» ووسيلة الوعى



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon