بقلم - أمينة خيري
المشكلات الكبيرة والفوضى الواضحة وخطاب الكراهية وعوامل التحريض التي يموج بها الكثير من وسائل الإعلام فرضت نفسها على برنامج منتدى الإعلام العربى في دورته الـ18 المنعقدة حاليًا في دبى.
لم يعد الأمر منافسة بفعل التليفزيون الذي يهدد الصحافة المكتوبة، ولم يعد الوضع فضائيات متكاثرة تهدد قنوات التليفزيون الرسمية، التي طالما انفردت بعرش الإعلام المرئى، بل إن المسألة تعدت صرعة الـ«سوشيال ميديا» وهوجة التيه بما تقدمه والاندهاش لما تصنع، حتى مشاعر الضغينة- التي ألَمّت بقلوب الإعلاميين في الوسائل التقليدية من صحفيين ومذيعين نتيجة هجمة شرسة من الـInfluencers، الذين يسطع نجمهم بين ليلة وضحاها- لم تعد الهَمّ الأوحد.
فمستقبل الإعلام برمته والقائمين عليه من البشر في مهَبّ الريح. رئيسة نادى دبى للصحافة، رئيسة اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربى، السيدة منى المرى، تقول إنه بات لدينا قارئ نشرة روبوت. وبينما هي تمهد لمحتوى المنتدى في دورته الحالية- والذى يبدو من عناوينه أنه يبذل جهدًا للتعامل مع الأزمة، أو بالأحرى الأزمات التي تحيق به- يطّلع الحاضرون على الروبوتات المجاورة، ويشاهدون ما أنجزته وكالات أنباء في مجال استبدال الأخبار الصحفية التي ينتجها بشر بأخرى تجهزها آلات. وفى الوقت نفسه، تموج قنوات على الشاشات بخطابات مختلفة، ربما يكون بعضها صادقًا، لكن الكثير منها مفبرك أو ملتوٍ أو يكتفى بنصف الحقيقة، والأدهى من ذلك أن الكثير منها مفعم بخطاب كراهية يتحول بعضها إلى تحريض صريح.
صراحة العنوان المتسائل عما إذا كانت العلاقة بين الإعلام والسياسة تكاملية أم تنافسية تعكس أزمة تحوُّل الإعلاميين إلى سياسيين، والسياسيين إلى إعلاميين، و«الخلطبيطة» غير الحميدة الناتجة، التي تصب يوميًا في غير صالح المتلقى. مستقبل الصحف مع وضع علامة استفهام، ومستقبل التليفزيون مع وضع علامة تعجب، وكيفية بناء المجتمعات عبر الفيديو و«مجموعات» واتس آب والتفاعل مع جمهورك الشخصى عبر «فيسبوك». بالطبع، الحديث عن بناء تحالف لمواجهة الأخبار الكاذبة والمفبركة جميل، لكن يظل بعيدًا وعصيًّا على التفعيل. الطريف أن السؤال عن شكل ومحتوى الإعلام العربى المأمول عاد ليطرح نفسه، بعدما ظن كثيرون أن المتلقى العربى بات يعرف ما يريد، وصانع الإعلام العربى توصل إلى معادلة ترضى الغالبية.
الغالبية من المشاركين في منتدى الإعلام العربى تعرف أن الفعاليات تعكس هذا العام إعلام الأزمة أو أزمة الإعلام، التي تعرى أزمة السياسة، وأزمة الاقتصاد، وأزمة بناء الإنسان العربى الذي يجد نفسه ممزقًا بين إعلام حكومى فاقد المصداقية، وخاص فاقد الأهلية، وغير تقليدى فاقد المهنية وخالق فتنة حينًا وكراهية حينًا وشعورًا كاذبًا بالحرية دائمًا.
في كل عام، يثبت منتدى الإعلام العربى في دبى أنه نبض المهنة ومقياس الأزمة وضوء انفراجها.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع