توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما لقيصر لقيصر

  مصر اليوم -

ما لقيصر لقيصر

بقلم : أمينة خيري

 مع كامل الاحترام والتبجيل والتقدير للأطباء والمهندسين والمحاسبين والمدرسين والصحفيين والنجارين والسباكين والحدادين وغيرهم من أصحاب الحرف والمهن الحيوية وغير الحيوية، أقول إنه مهما بلغ هؤلاء من دقة وشطارة وحذاقة فى أعمالهم، فإن هذا لا يخول لهم حق الإفتاء فى الدين أو خلط الحِدادة بالأحاديث أو النِّجارة بأحكام الشرع أو عمليات القلب المفتوح بالقلوب العامرة بالإيمان أو الخاوية منه.

لا يخلو مجتمع من قواعد وقيم قائمة على المعتقدات الدينية والثقافية والاستعانة بها بشكل أو بآخر فى تفاصيل الحياة اليومية. لكن المجتمعات المدركة لأهمية مبدأ «إدى العيش لخبازه» أو تلك التى تعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله لا تسمح لنفسها بالانجراف فى حياة «سمك لبن تمر هندى».

هذه الخلطة لا تقتصر على مجال دون غيره، بل يمكن القول إنها جاءت ضمن حزمة الإسلام السياسى التى هبّت علينا فى سبعينيات القرن الماضى. وتجذرت وتوغلت واستفحلت حتى أصبحت مظهرًا عاديًّا وطبيعيًّا ومستحسنًا من قِبَل أغلب فئات المجتمع. جارنا أُحيل إلى التقاعد فأصبح يفتى الناس فى أمور دينهم. طبيب العائلة قرأ كتابين فى الدين فأصبح نبراس الطب النبوى.

«عم محمد» السباك سافر إلى دولة خليجية عشر سنوات فعاد «الشيخ محمد» الذى يستفتيه الطبيب والمهندس والنجار فى أمور دينهم. خبير التنمية البشرية (لو كان هناك شىء بهذا الاسم) اكتشف أن دورات «كيف تدير الوقت بكفاءة؟» و«تطوير الذات فى خمس خطوات» و«فن الثقة بالنفس» لو تم تلوينها بألوان ذات طابع دينى من شأنها أن تحقق ضعف الأرباح وأضعاف المشاهدة والمتابعة وبالطبع الرزق الوفير.

وأعرف شخصين على الأقل يحاضران فى قواعد التربية والعلاقات الأسرية ويعتمدان على ترجمة حرفية منقولة نقل مسطرة من مصادر إنجليزية بمساعدة «جوجل ترانسليت» ثم غمسها فى خلطة قوامها آيات وأحاديث لتبدو وكأنها نتاج علم دينى رفيع مع تمكن من قواعد علمى الاجتماع والنفس وبالطبع التسويق الضامن للربح.

سيربح الجميع لو توقفنا، سواء بوازع الضمير المؤمن بالتخصص، أو بحكم القانون الحامى من المعلومات الخاطئة والهيمنة على الأدمغة ممّن خلطوا السمك باللبن بالتمر هندى، حتى لو اقترفوا ذلك بحسن نية، فالنوايا الطيبة لا تعفى من الآثار الكارثية، وكفانا ما نحن فيه من كارثة ثقافية تتستر بالدين.

وقد بات فى حكم المؤكد أن هناك مَن سيقرأ هذه السطور ثم يصرخ ألمًا ويبكى كمدًا لأن الكلمات السابقة تهاجم الدين وتعادى المتدينين. وما هذا الصراخ والبكاء إلا نتيجة طبيعية لخلط النِّجارة بالطب بالحِدادة بالمحاسبة بالتنمية البشرية بالسباكة بعلوم الذرة والعلاج بالأعشاب.

بيننا مَن استقوا الثقافة من محال العطارة، ونهلوا الأخبار من مقاطع «تيك توك»، واستمدوا علوم الطب والصيدلة من أسطوات الأعشاب ودجّالى السحر والشعوذة، وأخذوا جرعات الدين من أساتذة الطب والهندسة والنِّجارة والحِدادة. سمعنا عن الفنان الشامل، أما العالِم الشامل فجديدة وفريدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لقيصر لقيصر ما لقيصر لقيصر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon