توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تصحير المدينة

  مصر اليوم -

تصحير المدينة

بقلم - أمينة خيري

دق مقال «عقيدة الأشجار» أوتار عديدة لدى القراء. صديقة عزيزة فضّلت ألا أذكر اسمها. قالت إنها باتت على قناعة بأن بين المصريين والأشجار عداوة ما أو «ثأر بايت». تقول إن المسألة ليست مجرد «أنيميا» فى مفاهيم الجمال المتعلقة بالطبيعة وقلة وعى بأهمية المساحات الخضراء، ليس فقط كعنصر جمالى، ولكن لعدم معرفة قاعدة قوامها: أن تنفس الأشجار يساعد على تنفسنا ويضمنه، فهى تمتص ثانى أكسيد الكربون، أحد الغازات الدفيئة التى تتسبب فى الاحتباس الحرارى وتنتج الأكسجين. هذه المعلومات التى لابد أن يكون كل طالب وطالبة فى جمهورية مصر العربية قد درسها لا يبدو أنها حاضرة. فمشهد شجرة «بتطلع فى الروح» من شدة الظمأ والإهمال قلما يستوقف أحدًا. وهذا يعنى أن جانبًا على الأقل مما ندرسه فى المدارس لا يكتفى بمرور الكرام، بل أحيانًا لا يمر من الأصل. ولو مرَّ، لتألم أو غضب أو اكتأبَ أو حزنَ أو تأثرَ كل من شارك أو شاهد أو سمع أو قرأ عن مجازر الأشجار.
انتهى كلام الصديقة.. والحقيقة أننى لا أختلف معها، بل أزيد من الشعر بيتًا بالإشارة إلى تلك الأشجار والمزروعات التى يتم دسها - ولا أقول غرسها أو زرعها- على بعض الطرق الصحراوية، ثم ما هى إلا أيام قليلة حتى تتحول إلى هشيم. فلا مصدر رىّ دائما متاح لها، ولا من قرر دسها فى هذا المكان درس مدى مناسبتها للتربة الصحراوية أو سبل إبقائها على قيد الحياة.

القارئ العزيز أستاذ وجيه ندا يرى أن مكانة الأشجار المتدنية فى حياتنا تعكس جانبًا بسيطًا مما أصاب الشخصية المصرية من ضرر واعتلال نتيجة تجريف طالها منذ السبعينيات. هذا التجريف أتى على الذوق العام فى الفن والأخلاق وكذلك الفن المعمارى. يقول إن الخرسانة طغت كما طغت الغوغائية والصوت العالى والبلطجة والتى يتعرض لها كل منا منذ أن يغادر بيته وحتى يعود سالمًا إليه.

إصلاح الأخطاء الجسيمة فى المجتمع يمر من قنوات عدة. بالطبع هناك قناة القانون التى تضمن تطبيقًا آنيًا لما ينبغى أن يكون عبر عقاب من يخطئ أو ينتهك أو يشوّه.. لكن القانون وحده لا يكفى. فليس هناك قانون يعاقب شخصًا لأنه يكره الشجرة، أو لأن الشجرة لا تمثل له شيئًا. كما أن دخول الشجرة فى منافسة مع كتل خرسانية بات الناس يعشقونها سيظلمها ويطيح بها أرضًا. وليس خفيًا على أحد «البعد الطبقى» الذى اكتسبه حراك الباكين على أشجار الزمالك ومصر الجديدة وغيرهما من الأحياء التى تم قطعها بها، ما ساهم فى تغيير طابع هذه الأحياء، رغم أنه كان فى الإمكان المضى قدمًا فى حركة بناء الطرق والكبارى دون تصحير المدينة. هؤلاء يتم نعتهم بـ«الطبقة المخملية» البعيدة عن الواقع، رغم أن الواقع إن خلا من الأشجار بات كابوسًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تصحير المدينة تصحير المدينة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon