توقيت القاهرة المحلي 21:29:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أمان زائف

  مصر اليوم -

أمان زائف

بقلم - أمينة خيري

الواقع الافتراضى لا يقتصر على هذه العوالم التى أتاحتها الثورة الرقمية. أجد فى المجتمعات المغلقة على نفسها واقعًا افتراضيًّا، وفى مصادر المعلومات والآراء والتحليلات الأحادية واقعًا افتراضيًّا، وفى المجموعات التى يتم تدشينها على منصات الـ«سوشيال ميديا» لتجمع عشرات أو مئات أو آلاف أو حتى ملايين الأشخاص ممن تجمعهم معتقدات أو أفكار أو ميول متطابقة أو متشابهة واقعًا افتراضيًّا، وفى ملايين الأشخاص الذين يعبرون عن رأى أو موقف، فيلقى شعبية جارفة بين عشرة أو مائة أو ألف شخص، فيعتقدون أن هؤلاء هم العالم الخارجى واقعًا افتراضيًّا، وأمثلة الواقع الافتراضى لا تنتهى. هذا الواقع الافتراضى موجود منذ سنوات وقرون ما قبل الثورة الرقمية وإتاحة الإنترنت والتطبيقات المختلفة لمليارات الأشخاص.

كما أسلفت، المجتمع المغلق على نفسه- أو الدولة التى لا تسمح لمواطنيها بالاطلاع على ما يجرى خارج حدودها- يعيش فى واقع افتراضى. يظن السكان أن العالم عبارة عما يجرى فى حدود البيت أو الشارع أو الوطن، يعتقدون أن الأخبار التى يسمعونها أو يشاهدونها هى ما يجرى فى العالم، وأن الفن الذى يستمتعون به هو الوحيد المتاح، وأن نظام التعليم فى مدارسهم هو المعمول به فى شتى أرجاء الأرض. والتاريخ يخبرنا بنماذج عدة لمجتمعات عاشت واقعًا افتراضيًّا، ووُلدت وعاشت وماتت أجيال وهى تعتقد أن ما عاشته هو فقط المتاح فى العالم. اليوم، جاءت الثورة الرقمية لتقدم إلينا خاصية العوالم الافتراضية ونحن جالسون على كنباتنا. صفحات ومجموعات وتدوينات وتغريدات تعرف طريقها إلينا، تقتحم شاشاتنا، ونسلم لها عقولنا وقلوبنا لأنها «على هوانا». نتماهى مع المحتوى، ويتماهى معنا. يشبه ما نؤمن به وما لقنه لنا آباؤنا وأمهاتنا ومعلمونا.

ويفاقم من إحساسنا الزائف بأن هذا المحتوى هو الحقيقة الوحيدة التى يؤمن بها سكان الأرض وجود الآلاف وربما الملايين معنا على قلب «لايك» و«شير» واحد. هذه العوالم الافتراضية كشفت عن وجهها القبيح فى حرب غزة. ما نظن أنه معلومات تاريخية وحق مؤكد لا ريب فيه ليس إلا عوالم افتراضية تتعارض وعوالم الآخرين الافتراضية أيضًا. ما نؤمن أنه حق ظاهر وظلم جائر فى أبعاد القضية الفلسطينية ليس هكذا فى ربوع الأرض. حتى تعريف الإرهاب ليس واحدًا، ومبررات المقاومة ليست متطابقة، وكون الظلم ثقيلًا لا يعنى أن العالم الخارجى سيهرع بالضرورة إلى عوالمنا الافتراضية ليعيد اكتشاف المفاهيم ويفند الأكاذيب. حرب غزة كشفت أن الهوة سحيقة بين عوالمنا الافتراضية التى ارتضيناها، وبين الواقع حيث عوالم افتراضية أخرى. أنظمة التعليم المعتمدة على التلقين، والخطابات الثقافية والدينية المعتمدة على فكرة الفوقية اللانهائية، واعتبار التفكير النقدى سبة ومناقشة القوالب الجامدة لعنة تمنع سكان العوالم الافتراضية من معرفة ما يدور فى خارج حدود هذا العالم. العالم الافتراضى يمنح سكانه شعورًا زائفًا بالأمان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمان زائف أمان زائف



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تؤكد هشام نزيه موسيقار عبقري ويستحق التكريم

GMT 09:07 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يعتدي على فتاة بالضرب بسبب صفّ السيارات في تكساس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon