توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيولتنا المعيشية (٩)

  مصر اليوم -

سيولتنا المعيشية ٩

بقلم:أمينة خيري

أنهيت مقال أمس بأن المخرج الوحيد الذى يبدو لى من دوائر السيولة المفرغة التى نعيشها يكمن فى الإصرار على توفير وترسيخ مناخ حرية رأى وتعبير وحوار وتفكير، مع تأسيس «خميرة» مثقفة ومتعلمة ومتنورة من قادة الفكر، على أن يقوموا بمهمة «تدريب المدربين». لماذا؟ لأن المجتمع القائم على التسلط وكراهية الفكر فيه سم قاتل.

أدمغة البشر لا تُجزَأ. حين تنهر الطالب فى المدرسة إن سأل سؤالا خارج المنهج، أو طرح استفسارا يبدو للمعلم أو للأهل فى البيت أنه غير مطابق لمقاييس الأيزو المفترضة فى الأسئلة، وحين يسأل أحدنا رجل دين عن المنطق وراء حكم كذا أو الغاية من فتوى بشرية تحولت عبر الأزمنة إلى ثوابت الدين، فيتعرض الطالب للزجر والسائل للنهر، ويتم تصوير السؤال كأنه رجس من عمل الشيطان أو مس من الجنون، فهل نتوقع من الطالب أو السائل أن يتمتع بعقلية نقدية قادرة على استكشاف بحور العلم وغزو كواليس البحث مثلا؟!.

لقد قتلنا عقليته البحثية والنقدية والمستكشفة، ونجحنا فى استنساخ صورة طبق الأصل منا. هل هذا ما نريد حقا؟ وهل حديثنا الدائم عن تشجيع التفكير والاستكشاف والنقد لنخرج بالجديد لا إعادة تدوير القديم. وحين نصر على أن نسأل الشيخ أو القس (مع كل الاحترام لهما) عن زرع الأعضاء، أو حسابات الفضاء، أو السيارة الكهربائية، أو تطوير التعليم، ألا نكون بذلك قد أغلقنا أبواب البحث وأجهضنا محاولات تشغيل المخ، ناهيك عن ترسيخ مبدأ ابتدعناه حتى صار نهجا ومعتنقا، ألا وهو اختلاط أنساب العلم؟!.

احترام التخصصات ليس تقليلا من حجم ومكانة تخصص وأهله أكثر من غيره.. بل هو عين العقل وكل الاحترام. وحين نتحدث عن إصلاح عقيدة التعليم ونخطط له ونُصِرُّ على استكمال مشواره، فإن هذا الحديث لن يستوى إلا فى أجواء من حرية الرأى والتفكير والتعبير، وهى أجواء لا تتجزأ.. بمعنى آخر، الحديث وتفعيل عن إصلاح التعليم وتعديل مسار عقيدته لا يختلف كثيرا عن الحديث وتفعيل فتح المجال السياسى، وإصلاح الاقتصاد، وتصحيح مسارات الحياة ما اعوج منها وما فسد وما تجمد وكاد أن ينهار من فرط التقادم والإهمال والتغييب.

المناخ الذى يتيح ويضمن ويعمل على استدامة حرية الرأى والتفكير والتعبير هو المناخ الضامن لارتقاء الأوطان وتقدم أهلها، والعكس صحيح.

يظنون أن أمنهم وسلامتهم وراحتهم تكمن فى الظلام والغرف الضيقة التى تحيطها سياج مكهربة تقتل من يحاول اجتيازها. وينجبون أجيالا جديدة فى هذا الظلام الضيق القاتل، فتنشأ أجيال جديدة وهى تعتقد أن هذه هى الحياة، ويدافعون عن ظلامها وضيقها ومحدوديتها بكل ما أوتوا من قوة. ولم لا؟ والمعلم يلقنهم ذلك، والأهل يؤكدون أهمية الظلام وقيمة تعطيل العقل.. وللحديث بقية أخيرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيولتنا المعيشية ٩ سيولتنا المعيشية ٩



GMT 19:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الموازنة والـمئة دولار !

GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon