توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيولتنا المعيشية (٨)

  مصر اليوم -

سيولتنا المعيشية ٨

بقلم:أمينة خيري

هل تنتهى كل المشكلات حين يأكل ويشرب الناس؟، تحدثنا فى المقال السابق عن الإحساس المريح والمضلل بأن توجيه الوقت والجهد لتوفير الغذاء وتخفيف آثار الفقر الآنى يغنى عن أو يبرر التغاضى عن الجهل المعرفى والجمود الثقافى وتوغل رجال الدين فى الحياة، لا سيما أن المخدرات التى تذهب الوعى وتقتل التفكير أثبتت أنها من أبرز وأنجع الأدوات السياسية على مر التاريخ.

والغريب فى مصرنا الحبيبة أن تطالب الإدارة السياسية عشرات المرات بإعادة بناء الأدمغة والوعى والثقافة، بل وتمكن وتدعم جهات عدة للقيام بالمهمة، لكن المقاومة العنيفة تأتى من قبلنا. وحتى لا نظلم أنفسنا أكثر مما ينبغى، يمكن القول إنه ربما تكون بعض الجهات الرسمية أو غير الرسمية ضالعة فى تقوية شوكة هذه المقاومة. منها ما يروج بسبل غير مباشرة أن التطوير يعنى الكفر والإلحاد ونبذ الدين، ومنها ما يمعن فى المزيد من نشر الخرافة ونثر القصص الخيالية والمخدرات الفكرية، وجميعها يؤدى فى النهاية إلى نتائج متطابقة: غرس كراهية التطوير، تمجيد العقليات الجامدة الخانعة المستسلمة وشيطنة العقل النقدى والبحث العلمى وحرية الإبداع.

هذه القوى الداعمة للمقاومة الشعبية التى تلعب دورًا محوريًا فى الحيلولة بيننا وبين اللحاق بما فاتنا، وما سبقتنا إليه دول كنا حتى سنوات قليلة مضت مثلها الأعلى فى التنوير والتثقيف والتعليم والتحضر، تحرص كل الحرص على إبقائنا فى هذا السجن المقيت، والذى بتنا ندافع عنه ونعتبره حصن الأمان وبر الاطمئنان.

وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى التربية والتعليم، التربية سواء فى البيت أو المدرسة، والتعليم بأجنحته المختلفة، والذى لا بد أن يعود إلى المدرسة إن أردنا النجاة. ترميم التعليم يختلف عن إصلاح عقيدته وتطويرها وتطهيرها. والمعلم حين يتخلى عن دوره التربوى التنويرى المتفتح، ويعيد إنتاج العقليات الجامدة الكارهة للتفكير النقدى تحت أى مسمى، سواء ضيق ذات اليد الذى يدفعه ليكون «معلم السنتر» أو وقوعه هو شخصيًا تحت طائلة الاستعمار الفكرى الجامد المتحجر، يصبح خميرة لمزيد من التأخر والتعثر.

والأهل فى البيت لو كانوا من ضحايا هذا الاستعمار الفكرى الذى عشش فى قلوب وعقول الملايين، فإنهم حتمًا سيبذلون كل ما فى وسعهم لنقل هذا الفكر، باعتباره المكون المثالى للتربية والتنشئة إلى الصغار، وهلم جرا.

هذه الدائرة المغلقة يجب كسرها والخروج منها. وللعلم، فإن «التيجانى» ليس فردًا أو حالة خاصة. «التيجانى» فكرة. يعيش بيننا الآلاف منه، نقدس بعضهم، وندافع عن البعض الآخر دفاعًا أعمى دون أن نستثمر بقرشين تفكير، وبحث فيما أفتوا به وكيف ساهموا فى الإبقاء علينا فى بالوعة فكرية عميقة.

يبدو لى أن المخرج الوحيد يكمن فى الإصرار على توفير وترسيخ مناخ حرية رأى وتعبير وحوار وتفكير، مع تأسيس «خميرة» مثقفة ومتعلمة ومتنورة من قادة الفكر، على أن يقوموا بمهمة «تدريب المدربين». المجتمع القائم على التسلط وكراهية الفكر فيه سم قاتل، وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيولتنا المعيشية ٨ سيولتنا المعيشية ٨



GMT 19:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الموازنة والـمئة دولار !

GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon